في لقائي على القناة العراقية الاخبارية بتاريخ 24 آذار /مارس 2016 سجلت تحفظي على تقدم قوات فق15 على محور مخمور القيارة دون تحرير الحويجة والمناطق المحيطة بها وكذلك المناطق الواقعة على الجناح الايمن لمحور العمليات وهو ما يضع القوات المتقدمة بين فكي كماشة ، حيث سيكون جناحي تقدم القوات على محور عمليات مخمور ــ القيارة مكشوفا” بشكل كبير مما قد يستدعي الانتباه الى احتمال قيام داعش بهجومات مقابلة من اتجاهات الجناحين الايسر أو الايمن او من كليهما في وقت واحد لمحاصرة القوات التي تقدمت في العمق السوقي للأراضي التي يسيطر عليها تنظيم داعش الارهابي خصوصا” وأن حجم القوات المتقدمة والمتمثلة بفرقة المشاة الخامسة عشر غير كافية لإدامة زخم التقدم ومسك الارض في آن واحد.وبالفعل فبالرغم من مرور أكثر من ستة اسابيع على بدأ العملية فان كل المؤشرات تدل على تعثرها للأسباب التي ذكرناها بالإضافة الى إن فرقة المشاة 15 تفتقر للأليات المدرعة والدبابات ، فضلا” عن الجهد الجوي الساند من قبل طائرات طيران الجيش والقوة الجوية المنشغلة بمعارك الرمادي ، الامر الذي لم يؤمن تفوقا” ناريا” لصالح القوات العسكرية العراقية مقابل القوة النارية لتنظيم داعش الارهابي الذي يتحصن في مواضع دفاعية ويعتمد بشكل رئيس على الهجمات الانتحارية وأسلوب القنص والقصف بالراجمات وزرع الالغام والعبوات الناسفة والتي شكلت السبب الأهم لتأخير تقدم قطعات الفرقة الخامسة عشر .ويبدوا أن من خطط للعملية لم يعطي اهمية لعنصر المباغتة بدليل التصريحات المتسرعة عن بدأ عملية تحرير محافظة الموصل التي اطلقها المبعوث الامريكي الخاص بريت ماكورك، في 10 شباط 2016 في مؤتمر صحافي عقده، في مقر السفارة الاميركية ببغداد، وهو مؤشر على ضغوط امريكية لتسريع هذه العملية العسكرية لأسباب تتعلق بالداخل الامريكي (الانتخابات الامريكية) والدليل على ذلك التصريح المتسرع للمتحدث باسم قيادة قوات التحالف الدولي العقيد كريستوفر كارفر “إن 30 ألفاً من القوات العراقية يخططون للهجوم على مدينة الموصل، شمالي العراق”. وأن “من 8 إلى12 لواء” عراقياً، واثنين من البيشمركة الكردية يستعدون لاسترداد الموصل ، الا أن واقع الحال يقول أن القوات التي شرعت في عملية التقدم لتحرير الموصل على محور مخمور القيارة لم يتجاوز الثلاثة ألوية مشاة ؟ هذا التضارب في التصريحات التي لاحظناها والتعثر في تقدم قوات فق15 على محور مخمور القيارة ، استغله الجانب الامريكي كمبرر للقول بأن هناك حاجة لقوات برية امريكية لتحرير الموصل وأنه سيتم نشر نحو 200 جندي إضافي في العراق بالقرب من مخمور وإرسال مروحيات أباتشي لأول مرة لمحاربة تنظيم …داعشî بالتزامن مع زيارة مفاجئة لبغداد قام بها وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر ، في 18 نيسان 2016 ، التقى خلالها مع القادة العسكريين الأميركيين هناك ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ووزير الدفاع خالد العبيدي ، في محاولة لتلافي التعثر أو التلكؤ في محور مخمور القيارة والذي تدعمه لوجستيا” قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في حين تتقدم القوات المسلحة العراقية في محافظة الانبار بدون هذا الحجم من الدعم اللوجستي والسياسي الامريكي ؟ان التسرع الامريكي في محور مخمور ــ القيارة ونتائجه الغير حاسمة برره الجنرال شون ماكفارلاند ، قائد العمليات الدولية ضد تنظيم داعش ، بقوله أنها ( لكمة بقبضة يد شخص آخر …punch with somebody elseis fistsî)، وهذا التبرير نشره كينيث بولاك Kenneth M. Pollack من معهد بروكنجز في تقريره عن الحملة العسكرية ضد تنظيم داعش (Iraq Situation Report, Part I: The military campaign against ISIS) في 28/3/2016 ، وهو تبرير غير منطقي يصدر من قائد عسكري بهذا المستوى . وهو ان دل على شيء فإنما يدل على سوء استثمار واستخدام الموارد البشرية والعسكرية المتيسرة في العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش الارهابي ، وهو هدر وتلاعب بدماء الجنود والضباط العراقيين الذين زجوا بمعركة غير محسوبة النتائج ، وغير مخطط لها بشكل دقيق .! استنادا” لما سبق فانه من الضروري اعادة النظر في التخطيط لعملية التقدم من مخمور باتجاه القرنة ! والتركيز على تحرير الحويجة والمناطق المحيطة بها ، مما سيؤمن بيئة عمليات مريحة للتقدم لاحقا” باتجاه القيارة … وقد دلت نتائج المعركة على أن القوات المخصصة للتقدم من مخمور باتجاه القيارة غير كافية بشكل واضح . كما أن الجهد الناري المخصص لإسناد هذا التقدم ومسك الارض غير كافي وعليه لابد من اعادة تقدير الموقف وتحويل اتجاه العمليات لحين تأمين كافة المستلزمات الضرورية لنجاح المعركة وتحقيق النصر .
{ مستشار المركز الاوربي العربي لمكافحة الارهاب
مقالات اخرى للكاتب