تُعَرف عمليَّة الإعلام بانها عملية اتصال بالجماهير عبر الوسائل المعروفة المختلفة، ولهذه العملية ثلاثة عناصر رئيسة يمكن تصنيفها بالشكل الاتي :
{ المرسِل: وهي الوسيلة التي تقوم بالعملية الإعلاميَّة سواء كانت مرئية أو مسموعة أو مقروءة.
{ الرسالة: وهي المضمون الذي يُريد المرسل إبلاغه وإعلامه للجمهور بغض النظر عن كون ذلك المضمون صحيحاً أو خاطئاً، شرعياً أو غير شرعي ، قانونياً أو مخالفاً للقانون.ويمكن أن تكون ضمن الحرب النفسيَّة التي تنتهجها بعض وسائل الاعلام الصفر للتأثير على آراء الأفراد وعواطفِهم ومواقفِهم وسلوكهم؛ بقصد التأثير على رُوحهم المعنوية من أجل غسل أدمغتهم إعلامياً وتحقيق أهدافِها المشبوهة.
{ المستقبِل: هو كل مَن يستقبل تلك الرسالة سواء كان عالماً أو جاهلاً بما يرسل له من مضامين إعلامية تحتمل أكثر من وسيلة للوصول الى الهدف والغاية المرسومة من قبل الجهات المالكة والممولة التي لا يُعرف مصدرها ومنشأها ولا تُعرف أهدافها أيضا.
وهناك عدة أصناف من الإعلام ، منها نوع خطير وهو ما يسمى بالإعلام الأصفر أو الصحافة الصفراء، وروادها اليهودي روبرت مردوخ رائد الصحافة الصفراء و”وليام هيرست” مهندس الفبركة الإعلامية والإثارة والتضليل!.
هذا النوع لا يقف عند خط أحمر وليست لديه محددات أخلاقية ، ومهمته الرئيسية خلق البغضاء والشحناء بحجة السبق الصحفي والضربة الإعلامية كما يُعبّر أرباب الصحافة والإعلام. ويطلق هذا النوع أيضا على كل منبر ينتهك تقاليد العمل الصحفي وأخلاقياته ومبادئه بغض النظر عن الرسالة الفكرية أو الهدف التنويري، وللأسف لم يقتصر هذا النوع على الصحافة الورقية بل انتقلت العدوى إلى الإعلام المرئي والمسموع والإلكتروني، حيث أصبحنا نعاين اليوم أسوأ تجليات الإنحياز للمال والشهرة على حساب الأخلاق والمبادئ والقيم التي فقدها الشارع الصحفي وصار يلهث خلف ملذات شخصية عابرة بعد أن تطوعت أقلام ووجوه إعلامية معروفة لإيقاد الحرائق وإيهام الناس أنها شموع لإضاءة الطريق !!
وصار الإعلام الهادف والملتزم مركوناً في زاوية بعيدة لا تكاد ترى من قبل المتابعين لأن الناس تعودوا على سماع الفضائح والشتائم والسباب في الإعلام (الشائعاتي).
يقول العالم فريدريك نيتشه “إن خدمة الحقيقة هي أصعب أنواع الخدمات”، وفي هذا الإطار يجب أن تكون هناك منظومة كبرى تعادل منظومة الفضائح والشائعات لكي تقف بوجه ذلك النوع السائد من الإعلام القبيح الذي يسود حالياً ويجرف معه القيم والأخلاق عبر نشر الأكاذيب والتشكيك المبالغ فيه بكل شيء وبلا استثناء .
وقد أكدت بعض الدراسات العالمية أن هذا الإعلام يعتمد على حالة الملل واليأس الذي يعيشه المجتمع المظلوم من قبل حكوماته، وقد وجد نفسه مضطراً لتقبل ما يسليه في ضجره دون تمحيص. ويبدو أن مداعبة ما يسميه علماء الأحياء الخلايا الزواحفية في الدماغ هي مهنة أناس تتأسس لديهم معايير الربح والخسارة على البعد المادي فقط، وقد يبدو مصطلح الصحافة الصفراء غامضاً بعض الشيء رغم أنه بات محدداً بين قوسين ليخص صحافة سائبة وغير مسؤولة تضع الإثارة فوق الاعتبارات كلها، وقد حيّرت هذه الصحافة الباحثين عن أسباب انتشارها رغم فقدانها المصداقية.
إن التشهير بالآخرين، والتلصص من النوافذ وشقوق الأبواب المغلقة على ما يدور حتى بين الإنسان ونفسه، هو البضاعة أو المادة الخام التي يتم تصنيع الورق الأصفر منها. وقد تكون ذريعة الصحف الصفراء أشد اصفراراً من ورقها وحبرها، وهي البحث عن الحقيقة، لأن هناك فارقاً جوهرياً بين العثور على الحقيقة وابتكارها. وثمة محترفون يجيدون صياغة الحبكة الدرامية لأية حكاية ملفقة، بحيث يثيرون فضول الإنسان العادي ولعابه الفكري للتعرف على ما يعتقد أنه يجهله.
إن الإعلام الأصفر موجود بقوة ومستمر بتزييف الحقائق وتلوين الوجوه
فيرفع أقواماً ويخفض آخرين، وطالما وجدت المصالح وطالما وجد النفوذ والسلطان وطالما وجد المال فان الإعلام الأصفر يبدأ بالتطبيل والتخريب والنعيق والزعيق ، و للأسف لا يعرف الكثيرون حقيقة ذلك الإعلام وينصتون اليه ليلاً ونهاراً، وصار هذا النوع هو المفضل لدى الكثير من الإعلاميين ممن صدقوا أنفسهم بعد أن اعتادوا على الكذب وفق شعار اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى تصدق نفسك ثم اكذب حتى يصدقك الناس ثم اقبض ! وعلى جميع المؤسسات الثقافية والإعلامية التي تحترم نفسها وجمهورها ومهنيتها أن تقف وقفة جادة من أجل فضح تلك الصحافة وأصحابها وعدم ترك الساحة الإعلامية لهم ليلعبوا فيها ويمارسوا العهر الإعلامي وغسل الأدمغة بما يسوء ويثير البغضاء والكراهية بين أبناء البلد الواحد .
ومن الأمور التي أقترحها لعمل مصدات ناجحة أمام هجمة الإعلام الأصفر العالمي والعربي والمحلي ما يأتي :
1- إقامة المسابقات الدورية في كتابة المقال والخبر والتحقيق الصحفي الذي يتضمن الاساليب المهنية الاخلاقية غير الهدامة .
2- تضمين البرامج والاخبار كل ما يخص التوعية بأساليب الصحافة الصفراء في الحرب النفسيَّة، وتتضمَّن فضح محاولات التفرِقة بين أبناء البلد الواحد وكشف مُحاولات التثبيط للعزائم والتخذيل للهمم.
3- كشف وتعرية الأقلام المأجورة ووسائل الإعلام الهدامة .
مقالات اخرى للكاتب