لم يكن المالكي الا عجلة مسننة صغيرة ضمن آلة ضخمة تديرها امريكا ,لذلك لم يكن بامكان المالكي اتخاذ اي اجراء يخالف ارادة ورغبة الامريكان مهما ظن بنفسه انه شخص مستقل وقادر على اتخاذ قرار حر. بل ان المالكي هو نفسه قد اعترف قبل سنوات بانه لا يستطيع ان يحرك جندي واحد خارج حدود الادارة الامريكية.
لو كان المالكي حرا ومستقلا عن الادارة الامريكية لكان بامكانه ان ينتقد التدخل الامريكي في الشان السياسي العراقي,لكن حيث انه لم يكن مستقلا لذلك فلم يصدر عنه ولو كلمة واحدة لادانة التدخل الامريكي رغم علمه بان كل ما يجري في العراق امنيا وسياسيا هو من تحت غطاء الامريكان.
لقد وزع المالكي التهم على الجميع باستثناء الامريكان,لقد وزع التهم على السنة وعلى الشيعة,على البرلمان وعلى الجيش,على العرب والاكراد, ععلى المراجع السنية والشيعية.
لقد تحرش المالكي بالجميع باستثناء الامريكان,ولو كان ذكيا كفاية لعلم بان كل ما حيك حوله من اجل طرده من رئاسة الوزراء انما تم عن طريق شباك السفارة الامريكية في بغداد,ولو انه اغلق ذلك الشباك منذ شهر او شهرين,لاستراح المالكي اليوم ولجلس على كرسي رئاسة الوزراء بدون اي تعكير, لكن حيث انه لم يكن بالوعي المناسب او قل لم يكن بالاستقلالية المناسبة,لذلك فقد تاخر كثيرا في اتخاذ قرار اغلاق السفارة الامريكية في بغداد. ولا اظن ان ما اشاعه بعض اطراف دولة القانون المقربين من المالكي بسعيه لاغلاق السفارة الامريكية بحجة تدخلها بالشان السياسي الداخلي بانه خبر صحيح ,بل هو مجرد شائعات او بالونات اختبار يطلقها انصار المالكي للتهديد فقط ,وان مصدر ذا الخبر هو خبر سابق كاد المالكي ان يتخذها قبل شهر تقريبا حين اوشك ان يصدر قرارا باعتبار السفير الامريكي في بغداد شخص غير مرغوب فيه, وهو ذلك الاجراء الذي اوشك المالكي على اتخاذه منذ ان رشح حسين الشهرستاني لقيادة وزارة الخارجية خلفا لهوشيير زيباري, وان الشهرستاني قد رفض ذلك الطلب بسبب علاقته القوية مع الامريكان,ولذلك قام الشهرستاني بايصال ذلك الامر الى الامريكان والتنسيق معهم لضمان قبولهم بمرشح اخر يزكيه الشهرستاني ويضمنون دعمه .
باختصار فقد خرجت الامور عن سيطرة المالكي,واصبح المالكي اليوم مجرد شخص "غير مرغوب فيه", وليس امامه سوى الانسحاب بصمت ,او "الانتحار" بعد كل هذه الاهانة التي اصابته خصوصا بعد ان انشق عنه اكثر الناس قربا منه ولم تبق معه سوى حنان الفتلاوي التي تستعد الان لتلبس الاسود حزنا على الفقيد الراحل نوري كامل المالكي رئيس الوزراء لاسوء فترة في تاريخ العراق الحديث.
مقالات اخرى للكاتب