كان المعلم ولا يزال، رمزا من رموز الحياة في العراق، في كل شيء: التعليم والتربية والهندام والصوت والصورة، لا يفارق المخيلة. هو أهم وسائل الضبط، مع وجود وسائل أخرى. بتغييب المعلم صانع الشخصيات، تغيب الحياة.
كل معلم له اسم، رسم وصوت وطريقة، لا تغادر الذاكرات مهما شاخت. ألقابهم محفورة في تفكيرنا وسلوكهم نتقمصه وعباراتهم نحفظها، هي حديثنا في كل زمان ومكان.
الحديث عن التكلفة المعنوية والمادية التي دفعها الطالب ايام زمان ثمنا للحصول على شهادة تؤهله للوصول الى الجامعة والتخرج، دائما مثيرة للجدل والطرافة وبنفس الوقت تلوح للإنضباط العالي الذي تخرجت الاجيال ومشت عليه من رئيس الجمهورية الى اصغر مواطن.
من العقوبات بعد استدعاء ولي الأمر الرجم بالطباشير وجر الأذن وغيرها.
السؤال الأول: من يكون ابنك ايها الأب الذي تريد المعلم (لا يمسه الا المطهرون)؟.
الذين تعرضوا للعقاب في المدارس، لم يصابوا بعاهات نفسية ولا جسدية ولا عقلية، وصل الكثير منهم الى مواقع و مستويات عليا في الدولة والمجتمع.
السؤال الثاني: أي نوع من المدارس يريد الطالب العراقي؟.
هل مثل مدرسة المشاغبين، مدرسة تحت موس الحلاق، مدرسة ملح وسكر..
الطالب العراقي وليس الكل لا يريد مدرسة ويتمنى أن يسقط صاروخ عليها أو تقع الأسئلة بيديه قبل الإمتحان أو يموت المدرس..وقد يكون هو من فعلها ؟.
العقاب والثواب من الثوابت التي تقوم المجتمع، ولم يعترض رجل دين أو اجتماع أو نفس أو فسلجة..عراقي أو يخترع البديل. الطالب الذي لا يرى العقاب، لا يلتزم. الضربة غير المبرحة ممكن تسميتها الصفعة المهذبة والراشدي من الرشد؛ هي منعكس شرطي، أحد وسائل الردع والتنبيه للآخرين أيضا. اما أن تبقى العملية التربوية سائبة، كيف نسميها تربوية ؟. بدون محاسبة الطالب، والطالب شخصيته تمتص العنف والمقاومة من المحيط ووسائل الإعلام ولم يعد يخاف من العسكرية والشرطة والقانون والضمير ووجد الى جانبه وسائل دفاع وهجوم باطلة، صار لا يخاف حتى من الله سبحانه. نتيجتها وصل الأمر الى ان الطالب هو الذي يضرب المعلم والمدرس؟. شكرا لرجال التربية الجدد بهذا الطالب، الذي صار طالبا للمشكلات وجالبا لها ومن ورائه الأسر التي تربح من الفصولات العشائرية.
انظرو: كيف تبدو الحياة بدون معلم؟.
المعلم لم يسرق الرحلة والسبورة، سرقها الطالب. المعلم لم يسرق اطارات سيارات المواطنين والدولة، المعلم لا يتعاطى حبوب الكبسلة، المعلم لا يقود دراجته برعونة، لا يرتدي الملابس السيئة ويسمع الأغاني الفاحشة ويتعرض لأعراض الناس ويسرق البيوت والمحلات ويزور الوثائق ولم ينصب السيطرات الوهمية ويبيع الاشخاص ولا يحمل معه السلاح الابيض، استعدادا لمعركة الرارنجية !.. فعلها الطالب العراقي الذي لا يستطيع المعلم محاسبته فتسرب الى الشوارع.
اغلب المدارس غير مهيئة لمناخ دراسي مما تنعكس على الطالب وعلى المعلم ايضا، لكن الأمور التي وصلت الى ان الطالب يعاقب المعلم ويفصل المعلم من قبل غير المعلم، هي اغرب مخالفة اجتماعية ؟!.
لذلك، من الضروري وجود مكتب ارشاد تربوي أو نفسي أو اجتماعي في كل مدرسة أو أكثر، مهمة المختص فيه: الكشف المبكر للمخالفات واسبابها ووضع الخطوط العامة لمعالجتها بالتعاون مع الادارة والمعلم الذي هو اكثر حرصا على الطالب ومستقبل المجتمع، ومن هؤلاء المختصين الكثير العاطل بعد ان ركن الشهادة الجامعية وجلس ينتظر رحمة الحكو.. مات.
مقالات اخرى للكاتب