ظلمني الذي ظنَّ أن فوزي بجائزة العمود الصحفي في العراق ومن ثم بجائزة التميز الإعلامي من جامعة الدول العربية ، جعلتني أتوّهم أن قلمي لا ينافسه أي قلم آخر بهذا المجال ، فهكذا فكرة حمقاء وبالية لا يمكن أن تخدعني وتغويني وتخطر بذهني ألبته ، صحيح أن الجائزتين مرموقتان وعلى قدر كبير من الأهمية في مسيرة حياتي الثقافية والصحفية ومن الصعب لأحد التقليل من شأنهما ، لأنهما جاءتا من جهتين رسميتين لاغبار عليهما سواء كانت أمانة رئاسة الوزراء أو الجامعة العربية وبحضور وزراء الإعلام العرب ، غير أن فرحتي بالجائزتين سرعان ما تلاشت لأن طموحاتي لا تتوقف عند هذا الحد ، فلدي مشاريع إبداعية في حقول أخرى أسعى من خلالها لقطف إنجازات عربية وعالمية ثمينة لوطني الحبيب في قادم السنوات ، إن شاء الله ومدَّ بعمري . هذا التميز الإعلامي دعاني الى مراجعة صريحة مع نفسي وأثقل كاهلي بمسؤولية الحفاظ على صدق الكلمة وشرفها مهما كانت المغريات التي تحاصرني برغم عسر الحال ، كما أن الجائزتين لم تلمسهما يدي نتيجة إقامتي بمهجري البعيد في أستراليا ، بل أن وسام جائزة أمانة رئاسة الوزراء لم يصل الى مبنى جريدة الزمان حتى كتابة هذا المقال ولا نعرف الظروف التي أحاطت بإختفائه والأسباب التي تقف وراء التأخير بتسليمه بينما وسام الجامعة العربية وصل من القاهرة الى مدينة كربلاء ؟! مثلما رافق نبأ فوزي بالجائزتين تعتيم إعلامي مقصود من قبل فضائيات وصحف رسمية ، كأن الذي فاز بالجائزتين من إسرائيل وليس من أرض السواد ؟! وكان يفترض بتلك الوسائل الإعلامية الرسمية أن تكون فرحة وفخورة بجائزة الدول العربية لأن هذا الإنجاز إنما هو للعراق قبل أن يكون لجريدة الزمان أو لشخصي المتواضع ، خاصة وأن الجائزة حصدها العراق عن جدارة وتفوّق على دول عربية تتمتع بإحترافية إعلامية راسخة وتأريخ صحفي عريق ، ولاحظت هذا التجاهل الإعلامي أيضاً قد طال مبدعة لامعة بقامة الروائية ميسلون هادي حين فازت قبل عام بجائزة كتارا وهي أبرز مسابقة عربية بمجال الرواية العربية ، ولا أريد الخوض بالسبب الجوهري لتغافل تلك الجهات الإعلامية الرسمية عن هذا الفوز اللافت ، بقدر ما وضعت نصب عيني أقلام صحفيين كبار بكتابة العمود الصحفي مازلت أتابع مايكتبونه بحرص وأتعلّم منهم كل يوم ، فلا يمكن أن لا أطالع بشغف كل إسبوع مقالات أساتذتي حسن العاني وزيد الحلي وطه جزاع وسواهم ، ذلك أن الجائزة مهما بلغت رفعتها لا يمكن أن تكون بقامة هؤلاء الصحفيين الروّاد والذين لولاهم لما نضج قلمي وإمتلك ثقة التدوين ، مثلما أقرأ بمتعة مقالات زملائي فالح حسون الدراجي بإفتتاحيته المرحة ومشاكسات عالم آخر لسرمد الطائي وآخرين ، بل أقرأ حتى كتابات لأسماء مغمورة كلما أسعفني الوقت وليس بعيداً أن أنتفع منها حين تنبهني ركاكتها وإسهابها لتجنّب تلك الهفوات بكتابتي للمقال ، ولعل الكثير يجهل أن هذه الثمرة الثمينة ماكان لها أن تنضج وتدخل الى سلّتي لولا إجتهادي ومثابرتي وإنها جاءت بعد تدويني الى أكثر من ألف مقال بمجالات متنوعة طيلة أكثر من خمسة وعشرين سنة ماضية ، ويمكن لهذه المقالات أن يضمها أكثر من كتاب لو كانت هناك جهة إعلامية ترعاها وتحرص على إصدراها حتى تكون أمام عيون القراء ، لكني بصراحة مازلت أراهن على الأمل وأن المستقبل سيحمل مفاجآت رائعة لوطني والمحبين ، بينما ستكون صاعقة على قلوب الحسّاد والكارهين لأي منجز إبداعي يحققه كاتب موهوب وما أندرهم في شعاب وطني الحبيب .
مقالات اخرى للكاتب