يجابه العراق في هذه المرحلة الحرجة والعصيبة والخطيرة , في الموجهة العسكرية مع تنظيم داعش المجرم , فبدلاً من حصره وتشديد وتضيق الخناق عليه , وتطهير الاراضي العراقية من شروره الجهنمية , وحفظ ارواح المواطنين من المجازر الجديدة , يحدث العكس تماماً , فان تنظيم داعش الارهابي هو صاحب المبادرة والهجوم , ويتمدد ويتوسع وتسقط عدد من المحافظات العراقية , ويرتكب مجازر بشعة , بحق الجنود والمواطنين الابرياء , اضافة الى اقترابه اكثر الى ضواحي بغداد , بينما الجيش العراقي تصيبه شتى العلل والامراض والضعف والهشاشة , ويفشل في مقارعة ومنازلة تنظيم داعش المجرم . هذه النتائج الكارثية كانت متوقعة ومحتملة , ضمن الظروف الصعبة والغريبة , التي يمر بها العراق , وهي نتيجة طبيعية لحكم المحاصصة الطائفية , الذي انهزم سياسياً وعسكرياً واجتماعياً , وتلقى ضربات موجعة وقاسية , تركت آثارها السلبية في كل مكان . لان القادة السياسيين , انفصلوا عن الشعب كلياً , وانغمروا في الفساد المالي ونهب الاموال بكل طريقة شيطانية , والتعارك والخصام والمزاحمة الدامية والعنيفة , على المناصب والشهرة والنفوذ , اضافة ان ادواتهم السياسية , تتمثل في السذاجة والعجز والعناد والتعصب والتعجرف والمكابرة الفارغة , جعلتهم غير مهتمين في مجريات الامور الخطيرة المحدقة بالعراق , بقدر بتحويلهم الى ذباب يتزاحمون على كقطعة الحلوى , بهذا المواطن الفقير يدفع ثمن تهورهم السياسي , بثمن باهظ في القتل اليومي . وبذلك فقد العراق مقومات الدولة , التي تأخذ على عاتق مسؤوليتها بصدق وامانة , في الحفاظ على الامن والامان والاستقرار , وصيانة المواطن من كل الاخطار , والدفاع عنه . ان العراق فقد كل شيء ثمين ومفيد , بسبب الدس الطائفي الاعمى والمتعصب الى حد الانتقام البشع , وقد ساهم القادة السياسيين من كل الاطراف السياسية , في قسطهم الكبير بتحويل العراق الى بلد طائفي , متناحر , كل طائفة تحاول الانتقام من الطائفة الاخرى في سفك الدماء , لذلك النسيج الوطني اصابه الخراب والعطب الكبير , لايمكن بسهولة اصلاحه من جديد . ويجب ان نعترف بالحقيقة المرة , بان فترة حكم المالكي , كانت فترة لتخريب العراق في كل النواحي والميادين , ليس بانه شرع الفرهود واللصوصية , ولا بانه حاول تحويل الدولة الى دولة العائلة والابناء والحاشية المقربين , ولا بناء الموسسة العسكرية على اسس الولاء الشخصي له , واختيار قيادة عسكرية هزيلة وفاسدة يلعب في عبها وضميرها المال والمقايضة وعمليات البيع والشراء , وبسهولة جداً باعوا المؤسسة العسكرية وجنودها الابرياء البواسل , واسلحتها المتطورة والحديثة , الى تنظيم داعش المجرم , في ليلة وضحاها , وذهبت المليارات الدولارات التي رصدت على التسليح , لتصب في جعبة داعش المجرم , ليرتكب المزيد من المذابح والمجازر , وليقترب في خرابه ودماره اكثر من ضواحي بغداد , بهذهِ السرعة المذهلة , ان آثار المدمرة التي تركتها حقبة المالكي , كبيرة وعميقة , والتي جعلت الجيش العراقي بهذه الهشاشة بالانهزام والانكسار , من مواجهة داعش , اضافة الى خلق نار الطائفية , التي زرعها في كل مكان , بان جعل كل مواطن مشروع موت قادم بشكل عشوائي , بهذه السريالية الغريبة , يجب على البرلمان الجديد , ان يكشف الحساب بالمكاشفة الصريحة , لان المسؤولين الذين اختارهم المالكي , اثبتوا بانهم عاجزين عن ادارة مدرسة ابتدائية , فكيف يسمح لهم في ادارة شؤون اكثر من 30 مليون عراقي , ان الطامة الكبرى في العراق بان لا تستنسخ حقبة المالكي من جديد , حتى تكون انتحار للعراق والعراقيين , يجب اختيار الطريق الوطني لمعالجة المشاكل والازمات , وهذه مهمة كل الاطراف السياسية , دون استثناء حتى لايغسل المواطن العراقي يده الف مرة بالصابون , من القادة السياسيين الذين يضعون انايتهم واطماعهم فوق المصالح الوطنية.
مقالات اخرى للكاتب