أعلن السيد حيد العبادي رئيس مجلس الوزراء في بيان رسمي عن نيته بإجراء تغيير وزاري وتغييرات أخرى في المناصب القيادية والإدارية بما يضمن إسناد الوظائف المهمة لأصحاب التخصصات من التكنوقراط بدلا من اعتماد المحاصصة التي لم تنتج سوى المآسي للبلاد ، وقد جاء هذا الإعلان بعد تأخر الاصلاحات و الفشل الذي شهده الأداء الحكومي بمختلف المجالات ، سيما بعد أن تعرض بلدنا إلى أزمة مالية حادة بسبب انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية والتي أدت إلى انخفاض إيرادات النفط العراقية إلى 85% مما كانت عليه والإيرادات النفطية تعادل 95% من مصادر تمويل الموازنة الاتحادية ، كما إن إعلان العبادي قد تزامن مع الانتصارات التي يحققها شعبنا المجاهد على المجاميع الإرهابية ، إذ تحررت اجزاءا مهمة من الانبار بعد ديالى وصلاح الدين وستبدأ عمليات تحرير الموصل قريبا جدا بإذن الله ، وهو ما يتطلب قيادات فاعلة لغرض إعادة اعمار المدن المحررة وإرجاع النازحين إلى ديارهم في ظل محدودية الإمكانيات المادية المتاحة حاليا ، ولا يخفى إن الفساد وسوء الإدارة وضعف الكفاءة قد استهلكت جزءا مهما من أموال العراق وهو ما يقتضي بذل جهودا مخلصة لإعادة الثروات المنهوبة ومحاسبة السراق والفاسدين ، وقد قوبلت دعوات رئيس مجلس الوزراء بترقب شعبي بعد أن أدركت الجماهير بأنه مطلب ضروري وملح كونه يتطابق مع دعوات المرجعيات الدينية في التغيير بعد أن تحول الإصلاح إلى شعار لم يحدد له موعدا للتطبيق ، وفي ظل هذه الأحداث أعلن الدكتور حسين الشهرستاني الوزير الحالي للتعليم العالي والبحث العلمي بأنه وضع استقالته تحت تصرف رئاسة الوزراء كموقف داعم للتغيير ، وفي غضون ذلك روجت انباءا غير رسمية عن ترشيح الدكتور عبد الكاظم جعفر الياسري الرئيس الحالي لهيئة التعليم التقني لمنصب وزير التعليم العالي والبحث العلمي في وزارة التكنوقراط الجديدة .
واستبشر بعض منتسبي التعليم العالي خيرا بهذا الخبر واعتبروه فأل خير فقد عرفوه المخلص لشعبه ومن بين الكفاءات الوطنية التي لم تتلون ولم تنحني يوما أمام المغريات ، وفي الوقت الذي نحترم فيه جميع الآراء التي ربما لها آراءا أخرى بمن سيشغل هذا المنصب ، فإننا نعتبر ترشيح الدكتور الياسري إنصافا للحق وتطبيقا لمبدأ وضع الشخص المناسب في المكان المناسب فهو من التكنوقراط وله قدرات قيادية مجربة ويحمل شهادة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية ، وأنجز عددا كبيرا من البحوث العلمية ذوات معامل التأثير العالمي كما إن لديه براءات اختراع في مجال تخصصه وله إسهامات علمية خارج العراق أثناء مشاركاته في المؤتمرات والمنتديات العلمية ، وتدرج بمواقعه العلمية والإدارية بشكل اعتيادي وشفاف فقد تعين مهندسا في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي / هيئة المعاهد الفنية ثم حصل على شهادة الماجستير 1993 وبعدها الدكتوراه 2000 ، وعمل تدريسيا في المعاهد الفنية ( التقنية ) ثم أصبح رئيسا لقسم وبعدها تولى عمادات معاهد الشطرة والنجف وكلية التقنيات الهندسية الكهربائية والالكترونية وتم اختياره رئيسا لهيئة التعليم التقني عام 2013 ، وخلال وجوده في الهيئة كانت ترتبط به 46 عمادة ( بدرجة مدير عام ) لكليات ومعاهد هيئة التعليم التقني إذ كانت الهيئة تشكل اكبر إمبراطورية إدارية داخل العراق ، ولكنه استشعر الحجم الكبير للمركزية فيها وقد منح العديد من الصلاحيات الإدارية والعلمية وغيرها للعمداء ، ولكن حلمه في تقدم التعليم التقني وإيصاله إلى مستوى الريادة والعالمية كان يصطدم بحقيقة القيود البيروقراطية التي تحد من إبداع التعليم التقني لذا فقد صمم واوجد فكرة تحويل التعليم التقني إلى أربعة جامعات تقنية مضحيا بذلك بمنصبه وما ترتبط به من مزايا وتشكيلات ، وبعد أن عرض الفكرة على وزير التعليم العالي وجد قبولا مبدئيا ، فشرع بمناقشة الفكرة مع زملائه من كوادر وقيادات التعليم التقني حيث طرحت الفكرة للتصويت بحضور 88 شخصية متخصصة ولم يعارضها سوى صوتين ، وبذلك سارت الجهود لإنشاء الجامعات التقنية الأربعة .
وتوقع البعض إن المدة الزمنية الكافية لإنشاء هذه الجامعات هي 4 سنوات على الأقل ولكن العمل بروحية الفريق ليلا ونهار وروحية الانجاز والمشاركة في اتخاذ القرارات اختصرت الزمن إلى اقل من عام ، حيث انطلقت الجامعات التقنية ( الفرات الأوسط ، الوسطى ، الجنوبية ، الشمالية ) في النصف الأول من عام 2014 في ظل ظروف أمنية صعبة بعد أن تعرض البلد إلى انتكاسات في بعض محافظات العراق ، وخلال العام الدراسي 2014 / 2015 تم فتح القبول والمباشرة بالدراسة في هذه الجامعات وهي واحدة من الانجازات العراقية في الزمن الصعب ، ويسجل للياسري السبق في تحقيق هذا الانجاز الذي تزامن مع انجازات أخرى تتعلق بعقد المؤتمرات المحلية والعالمية والاهتمام ببراءات الاختراع وتوقيع اتفاقية أل TVET مع الاتحاد الأوروبي لغاية عام 2023 ، فضلا عن انجازات أخرى يضيق المجال لذكرها ، فالغرض هنا ليس تقديم مدحا للدكتور الياسري وإنما المطالبة بدعم ترشيح الكفوئين لمنصب وزير التعليم العالي ، فقد ترعرع في هذا القطاع وبذل الجهود الكبيرة لرفع شانه كما قدم تضحيات كبيرة للدفاع عنه وعن منتسبيه وهو الأقرب إلى احتياجات وتطلعات التعليم العالي ، كما انه من التكنوقراط فعلا إذ لم ينتمي إلى أي حزب أو كتلة سياسية ، وقد أسهم ببناء وتطوير المؤسسات التي عمل فيها بنزاهة وشفافية ويعد من الراعين للإبداع والمبدعين وله العديد من الانجازات في مجال دعم الحشد الشعبي ورعاية الأسر التي تعرضت للغرق والفيضان والاستجابة للحالات الإنسانية ، ناهيك عن جهوده في مجال إيجاد فرص عمل للخريجين والعاطلين عن العمل وتعظيم موارد التعليم لتقليل الاعتماد على التمويل المركزي ، ولان الهدف ليس نشر دعايات له فان المعلومات الواردة هنا جمعت من خلال متابعة نشاطاته وليس منه ، ويشهد الله بأنه لا توجد أية غايات من دعمه لهذا الموقع الذي هو تكليف وليس تشريف ، غير الغايات الوطنية في إيجاد شخصية وطنية مناسبة من داخل الوسط الجامعي لعلها تكون نهاية المحاصصة والحزبيات في تولى قيادة وزارة التعليم العالي والعلوم والتكنولوجيا لأهمية عمل الوزارة في مسيرة عراقنا الحبيب ، ونتمنى أن يكون وزير التعليم العالي القادم هو أو بمثل سجاياه في القدرة على الانجاز والوفاء للمواطنة والتواضع والإخلاص وحسن التدبير والتعامل الإنساني والمهني مع الجميع ومن الله التوفيق .
مقالات اخرى للكاتب