الدَّسُّ: إدخال الشيئ من تحته.
ودسّه يدسّه دسأ إذا أدخله في الشيئ بقهر وقوة.
دسستُ الشيئ في التراب: أخفيته فيه
الدسيسُ: إخفاء المُكر , ومَن تدسه ليأتيك بالأخبار.
ويسود في المجتمعات المتورطة بالديمقراطية مصطلح "المندسين" أو "المندسون" , ويتكرر على لسان أصحاب الكراسي في دولهم , أثناء وعقب أية تظاهرة يقوم بها الناس للمطالبة بحق من حقوقهم أو للإشارة إلى ظلم وقهر وإجحاف.
وهذا الأسلوب نمطية سلوكية إستبدادية تهدف إلى تجريد المتظاهرين أو المحتجين من غايتهم , وترويعهم وتخويفهم بما لا تحمد عُقباه , لكي يتحقق التردد وعدم تكرار التظاهر والإحتجاج.
وعندما تكون التجمعات كبيرة ومليونية الأعداد يتفاقم سلوك الإندساس ويقترن بسفك الدماء , والفتك بالناس وإلقاء اللائمة على المندسين , الذين سيتم إختراع مسمياتهم وتوصيفاتهم , وفي جميع الأحوال ما ينجم عن ذلك من جرائم تسجل ضد مجهول.
وفي واقع الحال أن الذي يندس ويرتكب جرائمه , في أغلب الأحيان يكون من الذين يمتون بصلة للذين تقوم التظاهرات والإحتجاجات ضدهم.
والفرق بين الأنظمة المستبدة الباطشة والأنظمة المدعية بالديمقراطية , أن الأولى تقوم بجرائمها مباشرة وبدون خوف , أما الثانية فأنها تتبرقع بالديمقراطية وتتفنن بإختلاق الوسائل الكفيلة بالبطش والترويع , ومن أكثرها القول بالإندساس.
وقد تكرر هذا السلوك مرارا في المجتمع وأدى إلى ما أدري إليه من التداعيات الخطيرة الآثمة المدمرة للعباد والبلاد.
ويبدو وفقا لفقه المتورطين بالديمقراطية , أن الجميع سيتحولون إلى مندسين وعدوانيين لتحقيق نبوءاتهم الكرسوية وتوجهاتهم السلطوية الفاسدة.
إن فقه الإندساس يعطي المبررات والمسوغات الكفيلة بالإنقضاض على التظاهرات والإحتجاجات , فيكون المصابون والقتلى من المندسين أو ضحاياهم , ومَن ينزف دما قد يُحسب عليهم , وبذلك تكون السلطة قد دافعت عن المواطنين لأنها تستهدف المندسين , وبَعد وقت يتحول الجميع إلى مندسيين وإن شئت إرهابيين , وفقا لمقتضيات الخراب والتدمير المبين.
ولهذا فلا فائدة ترتجى من التظاهرات والإحتجاجات في مجتمعات تولى الأمر فيها مَن لا يفهم إلا في التمسك بالكرسي , ولا يعنيه من أمر الشعب شيئا , وما الديمقراطية في عرفه إلا أحد أساليب النفاق المعاصر الذي يجيد التعبير عنه بأمهر الوسائل والخطب والتصرفات , ما دام الناس مرهونين بهذه اللحية أو بتلك.
فكل شيئ ديمقراطي إلا التظاهر والإحتجاج , والتعبير عن الرأي وقول الحق , فالديمقراطية أن تتبع وتخنع وتهون وتُمجّد الفساد , ويُستباح مالك وعرضك ووطنك ودينك وتأريخك ولغتك , وعليك أن تقول آمين والحمد لله رب العالمين!!
مقالات اخرى للكاتب