نشأة القاعدة مع اعلان عزام عام 1984 بتأسيس (مكتب الخدمات في بيشاور) على الحدود الأفغانية وأخذ ينظم دخول "المجاهدين" العرب إلى أفغانستان ويشرف عليهم فيها وأصبح مكتبه مقراً لقيادة كتيبة دولية من المقاتلين العرب. كما زار عزام أمريكا مرات عديدة لجمع التبرعات وأسس عام 1986 عدة مراكز لتجنيد المتطوعين للجهاد. وفي عام 1985 أخذت تتدفق إلى أفغانستان مجموعات من المجاهدين العرب الأكثر تشدداً من عزام وبن لادن ومنهم كانوا من إخوان مصر. وكان ضمن الوافدين أيمن الظواهري قائد مايسمى جماعة الجهاد الإسلامي. الظواهري. استطاع بعد قتل بن لادن في مايس 2011 الى تزعم التنظيم رغم المأخذ الكثيرة على شخصيته واتهامه بتدبير اغتيال عزام الاحمد في 1989. شهدت القاعدة انحراف كثير في بوصلتها " الجهادية" وكانت هذه الانحرافات موضع اهتمام بن لادن حتى قبل وفاته. هذه الانحرافات تمثلت تحول التنظيم المركزي من عولمة الجهاد ضد الغرب الى مقاتلة الشعوب العربية بكل طوائفها ومذاهبها وقومياتها وهي تتبع المبدأ الإخواني" من لم يكن معي هو ضدي". الإخوان أول من قام بتعبئة الجهاد بأفغانستان عندما أوفد المرشد العام فى كمال السنانيرى يرتبط بعلاقة نسب مع عائلة سيد قطب. وكان كمال بالسعودية التقى فيها الفلسطينى الإخوانى عبدالله عزام وأقنعه بالسفر لإسلام أباد، ومن هناك أصبح عزام مديرا لحملة تعبئة المجاهدين العرب فى أفغانستان.

مشروع الاخوان والقاعدة في سيناء

لقد فقدت القاعدة الكثير من مركزيتها بعد توسع التنظيمات الفرعية في المنطقة وتراجعت كثيرا خلال " ربيع الثورات العربية"امام قفز الاخوان الى السلطة عام 2012 وسرقتهم ثورة 25 يناير في مصر.

لقد كشفت التحقيقات، بان الظواهري، كان يخطط مع الإخوان الى توطين تنظيم القاعدة في سيناء مابعد مقتل بن لادن، هذا المشروع كان يتم من خلال الاتصالات المباشرة مابين التنظيم المركزي للأخوان وايمن الظواهري والمكالمات السرية مابين الظواهري والمخلوع كشفت ذلك ايضا. المشروع الاخواني القاعدي، هو اتخاذ سيناء ارض ملاذ وارض جهاد، ومغادرة القاعدة الى وزيرستان وافغانستان.

تبقى سيناء تحمل الكثير من الدلالات الى اعتمادها ارض"جهاد" وملاذ بعد وزيرستان، منها مكانتها الدينية، والجغرافية وما تتميز بها من تضاريس تؤمن الحماية والتخفي وفي ذات الوقت، استغلت القاعدة والتنظيمات الاسلاموية سيناء رمز "للجهاد"لحدودها مع فلسطين وقربها من القدس الشريف. القاعدة شهدت حضورا في سيناء ماقبل صعود الاخوان للسلطة 2012، وكانت هنالك عمليات مشترك وتعاون تنظيمي مابين الطرفين، يتمثل ان تقوم التنظيمات القاعدية بدعم الاخوان في الحكم واسنادهم وان يكونوا ظهيرا لهم في حالة تعرضهم لأية مخاطرة لخسارة الحكم. تصريحات البلتاجي من رابعة العدوية بقوله" لا تتوقف العمليات في سيناء بالافراج عن مرسي"دلالة واضحة على التعاون الثنائي مابين القاعدة والجماعة من اجل احراق مصر.

أنصار بيت المقدس

ظهرت أنصار بين المقدس بعد ثورة يناير 2011 عندما التحق مسلحون فلسطينيون ـ غزة بجماعة التوحيد والجهاد، ومقرها سيناء، وشكلوا معا "أنصار بيت المقدس"وتنشط في شبه جزيرة سيناء، وقد بدأت هذه الجماعة عملياتها في سيناء بعد ثورة 25 يناير 2011 مباشرة التي أطاحت بالرئيس مبارك .وكثفت أنصار بيت المقدس هجماتها على قوات الجيش والشرطة المصرية عقب عزل المخلوع حتى أن بعض المراقبين ربط بينها وبين جماعة الإخوان وحركة حماس. ان اصل انصار بيت المقدس يعود الى منشأه في غزة تحت اسم اكناف بيت المقدس والاخير يعود اصلا الى التوحيد والجهاد ومجلس الشورى الذي يعتبر اصول التنظيم ومظلته مهما تغيرت التسميات. هذه التنظيمات تغير اسمائها بين فترة واخرى لارباك اجهزة الامنية وكذلك التخلص من اصارها السلبية في المجتمعات التي تسيطر عليها. تحقيقات وزارة الداخلية كشفت بان الاخوان هي من تمول هذا التنظيم وتدعمه، مقابل القيام بعمليات انتحارية في مصر. اكناف بيت المقدس متورط ايضا بعولمة الجهاد وجلب مقاتليين اجانب من سوريا ومناطق ساخنة اخرى للمشاركة معها حربها المعلنة ضد مصر. وتبنت الجماعة في نوفمر 2013 المسؤولية عن مقتل المقدم محمد مبروك، الذي كان مسؤولا عن ملف الإخوان المسلمين في جهاز الأمن الوطني، امن الدولة سابقا بعد ان امسك ملفات توثيق العلاقة مابين القاعدة والاخوان. وهي مسؤولة عن العمليات الارهابية في سيناء والمحافظات الصرية.

خلافات القاعدة مع طالبان

القاعدة سبق ان شهدت الكثير من الخلافات مع طالبان افغانستان صاحبة الارض، وهذه الخلافات تمثلت قبول طالبان بالحوار مع الولايات المتحدة في الدوحة خلال عام 2012 ـ 2013. الانتقادات الى طالبان تركزت برفع راياتها على ممثليتها في الدوحة مع وجود اكبر قاعدة اميركية في المنطقةـ العديد. اما التطورات السياسية، ابرزها جدولة الانسحاب الاميركي من افغانستان عام 2014، واحتمال تحول طالبان الى حركة سياسية، كانت القشة التي كسرت العلاقة مابين الظواهري وطالبان. الولايات المتحدة الاميركية تحاول الخروج من افغانستان مثلما انسحبت من العراق في ديسمبر 2011، وهذا يحتاج الى انسحاب امن بدون ضرب خطوطه الخلفية من قبل طالبان او ضرب حلفاء واشنطن مابعد الانسحاب. لذا كان دور مرسي، الرئيس المخلوع وتنظيم الاخوان في مصر الوسيط مابين واشنطن والظواهري لتامين ذلك في افغانستان وطالبان.

مكالمات الظواهري والمخلوع

اتفق الطرفان خلالها على إصدار المخلوع عفواً عن 20 إرهابياًوأضافت المصادر أن أول اتصال كان من مؤسسة الرئاسة بمحمد الظواهرى، شقيق زعيم تنظيم القاعدة، بعد الإفراج عنه، أجراه أسعد شيخة، ورفاعة الطهطاوى، رئيس ديوان رئاسة الجمهوية فى ذلك الوقت، الذى كان وسيطاً فى الإفراج عنه، ثم اتصال المعزول نفسه، بارك له على الإفراج، وأكد أنه أصدر تعليمات بعدم مراقبته. وتضمنت المكالمات بعدم اعتقال اي "جهادى" أو التضييق على الجماعات "الجهادية"ومنع ملاحقة الأمن للجماعات فى سيناء و فتح معسكرات فى سيناء لدعم "الجهاديين" وتدريبهم داخل معسكرات تدريب فى سيناء بالقرب من الحدود الليبية. وسلم تنظيم الدولى للإخوا أيمن الظوهري معلومات عن مواقع للأجهزة ألامنية وابرز عناصرها من اجل لاغتيالها وأنشأ الظواهري جناحاً عسكرياً سرياً داخل مصر يعتمد على العمليات الإرهابية. المشروع الاخواني القاعدي الاميركي يهدف لنقل تنظيم القاعدة من أفغانستان إلى ثلاث دول عربية كمرحلة أولى هم مصر وليبيا واليمن تمهيدًا لنقلهم إلى نقطة التلاقى فى سيناء، لتصبح المقر الرئيسى والأكبر لتنظيم القاعدة. زار الشاطر ليبيا ـ طرابلس في ديسمبر 2012 وتشاور حول عودة تنظيم الإخوان فى ليبيا بعد حل الجماعة هناك منذ عام 1979 وادارة اربع معسكرات تدريبية لصالح الاخوان مع الحدود المصرية.

تفجير خط انبوب الغاز في سيناء

فجر تنظيم انصار بيت المقدس في 17 فبراير 2014 خط الغاز الواصل الى منطقة الصناعات الثقيلة في محافظة شمال سيناء. جدير بالذكر، أنه سبق تفجير خط الغاز نحو 17 مرة منذ فبراير 2011 وتوقفت فى عهد االمعزول مرسي، الى أن عادت بعد ذلك وقد تم تفجيره مؤخراً فى 31 ديسمبر2013 ومابعدها. انبوب الغاز هذا لم يتعرض الى التفجيرات واعمال ارهابية خلال حكم المخلوع 2012 ـ 2013 وربما الا مرة واحدة، لكنه تعرض للتفجير عشرات المرات مابعد المخلوع وقبله، وهذا احد الدلائل التي تبرهن علاقة القاعدة، تنظيم انصار بيت المقدس والاخوان، هي استراتيجية تهدف الحاق الضرر باقتصاد مصر.

اجتماع لاهور

عقد مؤتمر الاخوان في لاهور الباكستانية في سبتمبر 2013، الاجتماع تضمن قيادات في تنظيمات الإخوان المسلمين في دول مختلفة، بعيدا عن الأضواء بهدف وضع خطط العمل لمواجهة ما أصاب التنظيم في مصر. المؤتمر تابع توصيات مؤتمر اسطنبول في يوليو 2013 الذي اوصى الاستعانة بعدد من رجال الدين المقبولين شعبيا للتعبئة بين مؤيديهم ضد السلطات في مصر، وكذلك ابراز "وجوه معتدلة" في الاعلام والمحافل العامة. كذلك استمرار الاحتجاجات التي تستهدف تعطيل الحياة العامة في مصر، خاصة في العاصمة القاهرة والمدن الرئيسية الأخرى لإرباك الحكومة الانتقالية وتشتيت جهودها وتوفير مادة للإعلام المتعاطف مع الإخوان للترويج لتدهور الأوضاع في مصر. أن اختيار باكستان هو من اجل اجراء الاتصالات مع قيادات القاعدة من التنظيم المركزي والتي مازال البعض منها في افغانستان وباكستان ولم تلتحق بعد في سيناء كما هو مخطط في سياسة القاعدة، باتخاذ سيناء بدلا لأفغانستان. وبعض قيادات الاخوان التي حضرت الاجتماع هي: محمود احمد الابياري ـ الأمين العام المساعد في التنظيم العالمي، ابراهيم منير مصطفى أمين التنظيم العالمي من لندن و محمد نزال من حماس. لكن الجماعة نفت حدوث لقاء بين مرسي وأيمن الظواهري في ابريل 2013، خلال زيارة مرسي إلى الباكستان، وقالت إن تلك مجرد "شائعات ولم تحدث مطلقا،" في إشارة إلى تقارير صحفية زعمت أن اللقاء حصل بهدف ترتيب عودة الظواهري إلى مصر. بعض التقارير الاستخبارية ،لم تستبعد ان رحلة مرسي الى الباكستان تهدف ايضا الى اصطحاب بعض قيادات القاعدة سرا على متن طائرته من الباكستان الى مصر.

اجتماع الأمريكان والإخوان لنقل القاعدة إلى سيناء

كشفت وسائل الاعلام تفاصيل اللقاءات التى تمت بين الإخوان والأمريكان والقاعدة فى طرابلس في 14 فبراير 2013 فى منزل أبو أنس الليبى القيادى بتنظيم القاعدة والمقبوض عليه من قبل وكالة المخابرات المركزية. وتمت اتصالات مكثفة بين المخابرات المركزية والمخابرات القطرية، لتطلب التوسط بين الإدارة الأمريكية وحركة طالبان الأفغانية، بهدف التوصل إلى اتفاق حول إطلاق وقف النار. وفى منتصف ديسمبر 2013 تواصلت المخابرات الأمريكية بنزيه الرقيعى، والمعروف إعلاميًا بأبى أنس الليبى، عضو بتنظيم القاعدة منذ عام 1998ومتهم بتفجير سفاراتها عام 1998، وكان مطلوبًا للأمريكان وسبق ان أرسلوا لأبى أنس الليبى في طرابلس فى ديسمبر 2012 طلبا لإقناعه بالتوسط بين الإدارة الأمريكية والقاعدة مقابل إسقاط تهمة تفجير السفارات الأمريكية عنه، ووافق أبى أنس على هذه الصفقة، وطلب منه مندوب المخابرات المركزية الأمريكية أن يستضيف اجتماعًا سريًا بين مندوبى المخابرات الأمريكية، وقيادات الجماعة فى مصر الذين لديهم علاقة على مع أيمن الظواهري. لكن بعد ثورة 30 يونيو2013 وفشل المشروع الاخواني، إضطرت المخابرات الأمريكية لاختطاف أبو أنس الليبى وترحيله إلى واشنطن فى أكتوبر 2013تمهيدًا ضمن سيناريو مرتب مع الليبي، لانها كانت على اتصال وتواصل وتنسيق معه. مايجري من اتفاقات وترتيبات مابين القاعدة والاخوان والولايات المتحدة، هو مشروع الشيطان، الذي يهدف الى احتلال سيناء وجعلها وطن بديل للشعب الفلسطيني بدل من اراضيه المحتلة وتقسيم مصر واضعافها، ضمن مشروع "الثورارات العربية" التي الحقت حالة الشلل والضعف في الدول العربية لتصفية القضية الفلسطينية بالأراضى العربية وهى الفكرة الشيطانية التى طرحها "يهوشع بن آريه". المشروع يتضمن نشر الفوضى "الجهادية" في سيناء لكي تكون حجة لدخول القوات الاميركية او متعددة الجنسية تحت باب الحرب على الارهاب، لكن ثورة 30 يونيو2013 كشفت ذلك وعملت على إرتداد المشروع بالاتجاه المعاكس.

*باحث في مكافحة الإرهاب والإستخبار