في مثل هذه الليلة كان سكان الصرائف في الشاكرية والعاصمة والمجزرة وشطيط والنزيزة وام العظام والحارثية والباقي المناطق الاخرى من بغداد على موعد مع القدر وتموز وزعيم يخرج من رحم الغيب والمجهول يقود جنود لوائه من جلولاء متجها الى الاردن حسب خطة وضعتها الحكومة انذاك لكنه بدلا من ذلك يوجه فوج عبد السلام عارف (رأس النفيظة ) الى العاصمة لاسقاط الحكم الملكي فيها وفق خطة محكمة تم الاتفاق على تنفيذها واوكلت الى عبد السلام عارف مهمة اعتقال العائلة الملكية دون قتلها او الحاق الاذى بها لكن الرجل تصرف وفق مبدأ(كص راس موت خبر ) حسب ماصرح به هو وعندما وصل عبد الكريم قاسم صباح 14 تموز كان عبد السلام قد قضى على كل العائلة وجعلها في خبر كان . وعلى الطرف الاخر كان الفقراء من سكان الصرائف في مناطق بغداد على موعد مع التغيير والثورة .. مع نهاية الحقبة الملكية وبداية عهد جمهوري جاء عن طريق انقلاب عسكري يقوده ضباط طامحين للحكم والتغيير وشذ عنهم عبد الكريم قاسم الذي اعلن من اليوم الاول انتمائه للفقراء وسعيه لتغيير واقعهم المزري الى افضل منه وعمل بكل جهد واخلاص من اجل ذلك ولم يترك صريفة واحدة في بغداد الا وملك ساكنها ارضا وساعده على بناء بيت جديد وسكن لائق وظهرت في عهده مدن الثورة والشعلة والالف دار وغيرها وانتقلت لها الاف العوائل من صرائف الشاكرية والمجزرة وخلف السدة والنزيزة وشطيط وغيرها . واحب الفقراء قاسم بكل ما للحب من معنى ووضعوا صوره في القلوب والبيوت وحتى في اواني الشاي والطعام حبا وتيمنا . لكن الظروف وطموح العسكر لم يمهل الزعيم طويلا وتم القضاء عليه وعلى حكمه في انقلاب عسكري اسود في صبيحة الثامن من شباط عام 1963 وتم اعدامه في مبنى الاذاعة والتلفزيون في الصالحية من دون محاكمة لتخلصوا منه ويفصلوا بينه وبين محبيه الفقراء لكنه لم يقلحوا في ذلك وبقي الزعيم نجما لامعا في سماء فقراء العراق من كل الطبقات والشرائح واصبح شبحه يخيف العسكر الانقلابيين مع انهم قتلوه بايديهم الاثمة ورصاصهم الغادر. وهاهي ذكرى ثورة الزعيم تزداد توهجا ويزداد ذكر الزعيم فيها القا والفقراء به تعلقا رغم مرور اكثر من نصف قرن بخمس سنوات .. تحية للزعيم في ذكراه وله المجد والخلود وحب الفقراء وتحية لذكرى ثورته العطرة.
مقالات اخرى للكاتب