كانت السرية، ابرز سمات تنظيم "الدولة الاسلامية" التي اعطت التنظيم الكثير من الاهتمام، ومنها عدم ظهور زعيم التنظيم البغدادي او نشر صوره ونفس الحال ينطبق على متحدثه ابو محمد العدناني والحلقة المغلقة التي تدير التنظيم. لكن مابعد اعلان "الدولة الاسلامية" في يونيو 2014، فقد هذا التنظيم بعض سريته و تماسكه تنظيميا وامنيا، وتناولت العديد من وسائل الاعلام هيكليته التنظيمية بالتفصيل.
هيكلية التنظيم
تكون هيكلية التنظيم هرمية وليست عنقودية، اي يوجد قيادي واحد فقط يربط التشكيل بالتنظيم ابرزها:
المجلس العسكري: وهو اركان عمليات التنظيم بقيادة ابو احمد العلواني مع ادارة ثلاث ضباط اخرين، مهمتهم التخطيط وادارة القادة العسكريين ومتابعة الغزوات.
الهيئات الشرعية: يرئسها ابو محمد العاني مهمته الارشاد والدعوة ومتابعة الاعلام.
مجلس الشورى: يتزعمه ابو اركان العامري ومهمته تزكية الولاة للولايات بعد موافقة البغدادي ويكون اعضائه من 11 الى 19 عضوا ويتم انتخابهم من قبل البغدادي وأغلبهم من دول عربية مختلفة ويعتبر شورى التنظيم أعلى دوائر القرار ويتألف من الولاة ومن أعضاء المجلس ومن صلاحياته النظرية عزل الخليفة نفسه الذي اختار أعضاءه شرط توفر إجماع حول العزل.
مجلس الامن والاستخبارات : بزعامة ابو علي الانباري، هو ضابط سابق في الاستخبارات ماقبل 2003 مسؤول امن البغدادي وامن التنظيم من الاختراق وتتمحور مهامه حول عنصرين مركزيين، توفير الحماية والأمن للبغدادي ويشمل ذلك إقامته وزياراته وتنقلاته ومواعيدها، وتنفيذ أحكام قضاء داعش وإقامة الحدود. ووفقا الى ماكشفت عنه التقاريرفأن الهيكل التنفيذي في قيادة للتنظيم يتالف من ستة عشر شخصاً على الأقل.
مؤسسات الاعلام : بزعامة ابو اثير الشامي من اصل سوري، يتابع الاعلام الالكتروني والمواقع الجهادية غالبا من الخليج وشمال افريقيا.
ابرز قيادات التنظيم الحالية هي:
ـ ابو مسلم التركماني، فاضل الحيالي ـ نائب البغدادي وهو ضابط سابق في الجيش العراقي من تلعفر.
ـ ابو عبد الرحمن، عدنان اسماعيل نجم ـ المسؤول العسكري.
ـ ابو قاسم، عبد الله احمد المشهداني ـ مسؤول استتقبال العرب وتامين الانتحارين.
ـ ابو هاجر، محمد حميد الدليمي ـ مسؤول البريد في التنظيم.
ـ ابو علي، عبد الواحد خضير احمد ـ المسؤول الامني عن التنظيم.
ـ ابو محمد، بشار اسماعيل الحمداني ـ مسؤول ملف السجناء.
ـ ابو عبد القادر، شوكت حازم الفرحات ـ المسؤول الاداري.
ـ ابو كفاح، خيري عبد حمود الطائي ـ مسؤول التفخيخ.
ـ ابو شيماء، فارس رياض النعيمي ـ مسؤول مخازن السلاح.
ـ ابو ميسرة، احمد عبد القادر جزاع ـ مسؤول تنظيم بغداد.
ـ ابو مهند، عدنان لطيف السويداوي ـ مسؤول التنظيم في الانبار.
ـ ابو جرناس، رضوان طالب الحمدون ـ مسؤول الحدود بين العراق وسوريا.
ـ ابو فاطمة، احمد محسن الجحيشي ـ مسؤول محافظات الفرات الاوسط.
ـ ابو نبيل، وسام عبد زيد الزبيدي ـ مسؤول محافظة صلاح الدين.
أتبع التنظيم سابقا إستراتيجية الاعتماد على قيادات من المنطقة الغربية ومن مدينة الانبار اكثر من غيرها من المدن واعتمد على الاصول العشائرية الممتدة في سوريا وهذا كان وراء اعلان "الدولة الاسلامية" في العراق والشام. كشفت تقارير معلوماتية من داخل مدينة الانبار بأن تنظيم "الدولة الاسلامية" اتبع سياسة جديدة في تعين قياداته وتوزيع المهام بالتزامن بتوسعه ثانية في محافظة الانبار في اعقاب التحالف الدولي لمواجهة التنظيم في سبتمبر 2014، التقارير ذكرت بأن البغدادي قرر نقل غالبية القيادات من العراقيين الى سوريا وابدالها بقيادات غير محلية من جنسيات عربية اخرى.
اختراق التنظيم
اعترف التنظيم على لسان متحدثه ابو محمد العدناني، بأن الاستخبارات العراقية استطاعت ان تحقق اختراقات داخل بنية "الدولة الاسلامية" التنظيمية، وهذا ماكان وراء خسارة التنظيم في مدينة زمار شمال العراق ـ الموصل وفي جرف الصخر جنوب بغداد وفي محافظة صلاح الدين وبيجي شمال بغداد.
إن خارطة الدولة الاسلامية في العراق بدئت تشهد تقلص ملحوظا، امام عمليات القوات المسلحة العراقية باالاشتراك مع البيشمركة وبدعم من طيران دول التحالف الدولي، والتي ظهرت فيه القوات العراقية وبدعم الحشد الشعبي اكثر تنظيما وقدرة على تقطيع المساحات التي كان يسيطر عليه التنظيم. هذه الانجازات تعتبر نقلة نوعية في العمليات على الارض، اعادت الثقة للقوات العراقية.
كشفت تعليمات من التنظيم لأعضائه الجدد، عن ضرورة الحصول على تزكية من أحد المشايخ المعروفين أو قادة الجماعة والحصول على أكثر من تزكية لضمان الوصول الآمن إلى ساحات القتال في سوريا والعراق، خوفا من الاختراق. ويشترط التنظيم على من يريد الالتحاق بصفوفه من المهاجرين الجدد، وجود تزكية من رجال دين معتمدين لديها في المنطقة أو أوروبا. ونقلا عن أحد قادة النظيم في بريطانيا، أن البريطانيين الذين التحقوا بالتنظيم هم الذين يقدمون التزكيات للوافدين الجدد إلى تلك التنظيمات، بسبب عدم وجود مشايخ محليين مرتبطين بتلك التنظيمات، إضافة إلى أن أغلب الذين سافروا كانوا يبتعدون عن المساجد قبل السفر خوفا من الأمن والإبلاغ عنهم.
الموقف الميداني
كشف مجلس انقاذ الفلوجة يوم 12 نوفمبر 2014، عن هروب مايسمى بـ"مجلس الشورى المركزي" التابع لمجاميع التنظيم من قضاء الفلوجة، ذلك بعد تقدم الجيش العراقي المدعوم من ابناء العشائر والحشد الشعبي، أجبرت "مجلس الشورى المركزي" على الهروب من قضاء الفلوجة باتجاه الأراضي السورية، بعد انسحابهم من تسع وثلاثين موقعا في الفلوجة، يشار أن" مجلس شورى التنظيم ينكون من 34 قياديا.
وسبق ان كشفت المعلومات تسرب قيادات التنظيم في الموصل ايضا.
وكانت الحكومة العراقية قد اعلنت في وقت سابق، عن تمكن خلية الصقور الأستخبارية من قصف اوكار سرية لمجاميع للتنظيم، أسفرعن أصابة عدد من قيادات التنظيم ومن الحلقة القريبة من زعيم التنظيم البغدادي. ورغم هذه الاخفاقات التي يواجهها التنظيم، فأنه يوجه مقاتليه بضرورة الاندفاع السريع داخل المدن وتحقيق انجازات عسكرية على الارض في مناطق اخرى ربما تكون بعيدة عن تلك التي شهدت خسارة التنظيم، ربما تأتي هذه التوجيهات بهدف شد عزيمة مقاتليه وتخفيف الضغوط على بعض الجبهات الرئيسية. التكتيك الذي بدء يتبعه التنظيم في اعقاب التحالف الدولي والانجازات التي حققتها القوات العراقية بالاشتراك مع البيشمركة وطيران التحالف الدولي، انه لم يعد يشن هجومات واسعة رئيسية، بل يعتمد اسلوب المعارك الصغيرة وهذا يعني بان التنظيم بدء يتحرك في مجاميع صغيرة وليس على مستوى الغزوات الواسعة التي كان يقوم بها في ارتال مكشوفة وهو اسلوب دفاعي جديد ربما يعكس حجم الخطر الذي يشهده التنظيم.
القوات العراقية، اعادة تنظيم
هذه الانجازات على الارض جائت بدعم سياسي من الحكومة العراقية ورئيسها العبادي، بأعادة هيبة مؤسسة الدفاع والامن باقصاء عشرات القيادات في الدفاع من مناصبهم بتهمة الفساد والفشل وابدالهم بقيادات جديدة، التغيرات هذه المرة شملت رأس قيادة الاركان العراقية. الخطوة هذه تعززت بقرار العبادي ايضا بأخراج الجيش ـ الدفاع من مدينة بغداد والمدن الاخرى وتسليم امن بغداد وامن المدن العراقية الى وزارة الداخلية، وهي خطوة صحيحة، تعيد الامور الى نصابها الصحيح وبالتأكيد سوف تلحقها عدد اخر من الاجرائات المدروسة بتغير القيادات في الامن والدفاع لكنها ستكون تدريجيا، وهذا يعني بأن عمليات بغداد التي كانت مسؤولة على حماية بغداد سيتم الغائها ايضا الى جانب الغاء مهام تشكيلات والوية تابعة للدفاع وكانت مرتبطة برئيس الحكومة السابق المالكي والتي كانت مسؤولة على امن المنطقة الخضراء وامن بغداد. هذه الخطوات والاجرائات تاتي مدعومة بغطاء سياسي وهو تحسين علاقات العراق مع الدول العربية الى جانب علاقاته مع ايران ابرزها زيارة رئيس الحكومة العبادي الى عمان وزيارة رئيس الجمهورية الى المملكة السعودية. الزيارات لم تكن زيارات بروتوكولية، بل تضمنت محادثات مباشرة في ملف مواجهة "الدولة الاسلامية" وتبادل المعلومات وعلى مستوى الفرق الفنية.
بات التنظيم يتعرض الى تصدعات من الداخل والخارج، يشار بأن انهيار الجماعات "الجهادية" والتنظيمات المسلحة يأتي من داخلها اكثر من الخارج وهنا يبرز الجهد المعلوماتي والاستخباراتي باحداث الانشقاقات. وان ما تتعرض له هذه الجماعات من ضربات عسكرية بالتأكيد تحجم قدرتها على التقدم والاندفاع، بعد ان كان هذا التنظيم يراهن على انجازاته العسكرية الميدانية على الارض. أما ممارسات التنظيم في مدينة الانبار العراقية وكذلك في سوريا من شانه ان تدفع تلك الجماعات المتحالفه معه بأعادة النظر بهذه العلاقة. وان اتباع التنظيم سياسة جديدة بالاستعانة بقيادات عربية واجنبية غير محلية من شانه ان يوسع حالة عدم الثقة والارتداد داخل هذه الجماعات، اكثر ما يتعرض له التنظيم من ضربات عسكرية من الخارج.
*باحث في قضايا الإرهاب والإستخبار
مقالات اخرى للكاتب