لم تكن هي المرة الاولى التي تخرق فيها القوات التركية الحدود العراقية والتوغل داخل اراضيه وانتهاك سيادته ، فالحدود والمجال الجوي خرقت الاف المرات منذ زمن النظام البائد وحتى الان في تحد سافر للاعراف والمواثيق الدولية ، ضاربة تركيا بذلك حسن الجوار والعلاقات الدولية عرض الحائط ،حيث اصطفت تركيا مع داعش في تدمير البنى التحتية للعراق وقتل ابناء شعبه وتدمير تراثه وحضارته ونهب خيراته بشراء النفط المسروق من حقولنا وبيعه بابخسي الاثمان عبر موانئها.
الازمة بين العراق وتركيا قد تتفاقم بسبب تعنت الجانب التركي واصراره بعدم الاستجابة للمطالب العراقية بسحب قواتها من شمال العراق، وبهذه التصرفات غير المسؤولة للقيادة التركية قد تدفع اطرافاً اقليمية ودولية الى دعم حزب العمال الكردستاني العدو الازلي للاتراك، وتنشيطه للقيام بعمليات عسكرية واسعة جنوب تركيا وعلى طول الحدود.
ففي الثلاثين من شهر تموز 2015 قامت القوة الجوية التركية بشن ضربات جوية مكثفة على مواقع حزب العمال الكردستاني المنتشرة في شمال العراق بصورة غير شرعية واعرب الدكتور العبادي عن استيائه من هذه التصرفات، واعتبرها انتهاك لسيادة العراق ،وتأزم الموقف اكثر بعد دخول 150 عسكرياً تركياً معززين بنحو 20 الى 25 دبابة ومدرعة الى معسكر بعشيقة في اطراف الموصل .
اعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في مقابلة تلفزيونية في 11 كانون اول 2015 ان القوات التركية موجودة في شمال العراق منذ عام 2014 بناء على طلب من رئيس الوزراء العراقي د حيدر العبادي ،فلماذا لم يعترض العراق منذ ذلك التاريخ ؟ في حين نفى مكتب رئيس الوزراء هذه التصريحات جملة وتفصيلا ، واصدر بياناً رسمياً حدد فيه مهلة 48 ساعة امهل فيه اردوغان لسحب قواته من شمال العراق والا سيواجه اجراءات قادمة ،فيما تجاهل اردوغان تحذير العبادي ،بل تمادى في غيه بتصريحات استفزازية تنقصها اللياقة الدبلوماسية باصراره على عدم سحب قواته من شمال العراق، وتعمد في اقامة استقبال مهيب الى مسعود بارزاني ورفع علم اقليم كردستان فقط ،ولم يرفع العلم العراقي متعمدا،هذا التصرف الوقح وحده يكفي لقطع العلاقات الدبلوماسية وطرد السفير التركي من بغداد.
تصرفات اردوغان هذه جاءت متزامنة مع مواجهته لموسكو التي لا تزال قائمة ولم تحسم بعد ،وفتح جبهة سياسية وعسكرية اخرى بدخول قواته الى شمال العراق ،علما ان تركيا لم تجرأ للقيام بمثل هذه الاعمال دون علم الادارة الامريكية واخذ موافقتها ،فالايام المقبلة ستكون حبلى بمفاجأت ليست بالحسبان . انتهاك سيادة العراق من قبل تركيا ودخولها الاراضي العراقية قد تدفع العراق تقديم شكوى لدى الامم المتحدة والتحرك على الدول الخمس الاعضاء الدائمين في مجلس الامن و كذلك الدول العشر غير الدائمين والاتحاد الاوربي عن تجاوزاتها وكذلك حث موسكو لتقديم مشروع الى مجلس الامن الدولي لاجبار تركيا على سحب قواتها وادانتها امام المجتمع الدولي .فيما ادان سفراء الدول الخمس الاعضاء الدائمين في مجلس الامن الدولي في بغداد انتهاك سيادة العراق من قبل تركيا، وادان المبعوث الخاص للرئيس الامريكي والمنسق العام للتحالف الدولي لمحاربة داعش(برت ماكورك )الاختراق التركي غير المبرر للاراضي العراقية .وطالب العراق جامعة الدول العربية عقد اجتماع طارئ لبحث التجاوزات التركية .وعلى الشعب و جميع الكتل السياسية تناسي خلافاتهم والوقوف صفا واحدا شعبا وبرلمانا وحكومة بوجه هذا الاعتداء السافر .
مقالات اخرى للكاتب