الحكومة سورية , كان لابد لها أن تسقط قبل سنة من هذا التاريخ !!!! وهذا مالم يحدث ؟؟
الواقع الوحيد الذي يجب التعامل معه , هو وجود هذه المجموعات الخطرة على أرض الشام , وهي مجموعات متدربة ومتمرسة على أفعالها وتتلقى الدعم الخارجي والمحلي ,وهذا الواقع أدى الى صدمة حقيقية تلقاها ممن اشتركوا في الهتاف أول الامر ضد النظام و وهم الان لايعرفوا كيفية التعامل مع هذه الحالة المستعصية الفهم عليهم...فبهتوا جامدين , امام سؤالي الشخصي لهم في أكثر من مناسبة , حول كيفية التعامل مع المجموعات التكفيرية على الارض السورية في حالة رحل النظام في سوريا أم لم يرحل . ولاجواب واضح في الافق عند أهل الحل او العقد!
ان جغرافية تواجد هذه المجاميع المسلحة ذات الاتجاه المعروف لها أهمية كبرى في كيفية التعامل معها فيما بعد ؛ لان الواقع لايتحدث عن انتصار عسكري كبير للجيش العربي السوري ؛ لكي تصبح المسألة برمتها من الممنوعات الجديدة القديمة وفي الوقت نفسة لايمكن للمسلحين ان يحدثوا انتصارا عسكريا كبيرا ويعلنوا دولتهم الجديدة على الناس , فكأن الامر ماض الى سياسة ألامر الواقع الذي يجعل من سوريا , بضعة دويلات وامارت ذات صبغات مذهبية و عرقية , سواء أبقي النظام في دمشق أو تحول الى الساحل الغربي , ذات الشريط الحدودي الموالي للنظام السوري .
العراق من جديد يغوص في الرمال المتحركة , أرث السنوات الثمان أم السياسة الداخلية المعتمدة اساس المحاصصة الطائفية أم انفصال الطبقة الحاكمة عن الشعب العراقي وتركه في دوامة الاهمال والنسيان أم السياسة الخارجية المتأزمة على مدار اليوم والساعة أم عقد التاريخ التي لاتقبل الذوبان أم عقد جغرافية دول الجوار وقدر العراقيين في مجاورة هذه الدول...
كل الاسباب مجتمعة واخرى ربما غابت عن الذهن ..وضعن العراق موضعا لايحسد عليه أبداً ؛ فالعراق الذي نجى بأعجوبة من الحرب الطائفية للاعوام 2005 و 2006 و2007 وفي مقدمتها تفجير مرقد الامامين العسكريين في سامراء, عاد العراق من جديد يتخوف وبشدة من الرمال المتحركة القادمة عبر الصحراء الغربية والتدخل السافر لدول الجوار الحالمة بالوصايا عليه ....
مازالت جروح العراقيين غير ملتئمة ومازال السلاح في مشاجبه معبئا , و ما زال التخندق في الجبهات تحت الانذار ج , فضلا عن السياسة الداخلية الانفعالية والمتقاطعة في كل اتجهاتها ..وفرت تلك الظروف مجمتمعة بيئة جيدة صالحة لعودة الاعمال المسلحة ومجاميعها المتطرفة على أرض العراق....
فالعراق ما بعد الوضع السوري الراهن وبكل نتائجه المتوقعه وغير المتوقعة , سيكون العراق البوابة الاولى والرئيسة لعبور المجاميع المسلحة , أن لم تكن بالفعل قد اسست لعودتها داخل العراق بحلتها الجديدة ...فكيف سيتصدى لها دون الدعم اللوجستي الاميركي الذي كان متوافرا في السنوات السابقة ..وهل يتذكر العراقيون أن في الليلة الظلماء يفتقد البدر....... البدر الذي اخرجوه عنوة بعد أ بعد أن أزاح عن صدورهم اشهر طاغوت في العصر الحديث...
ان أحلام السلطان العثماني الجديد باتت اهدافا سياسية واضحة على أرض الواقع ,وقد نفد صبر اصحابها وهاهم اليوم ينفذونها بقوة السلاح وبتدخل سافر وعلني في شؤون المنطقة معتمدين على الحجج الطائفية , وساعدهم في ذلك السياسات الداخلية لدول المنطقة تلك السياسات المتفردة ذات الصبغة العسكرية في كثير من الاحيان والتي يصعب تفصيلها في سطور معينة ؛ مهدت الطريق لتلك الاجندات الخارجية بشكل كبير. .
يضاف الى ذالك احلام شبه الجزيرة القطرية في امتطاء صهوة الجواد بدلا عن العربية السعودية فلم تجد غير عباءة تلك المجاميع المسلحة عباءة أجمل منها وسخرت للامر أموالها الطائلة والفائضة والسائبة في المصارف الاجنبية ,وأخذت تتصرف وكأنها بريطانيا العظمى !!! ولا أحد يجد مبررا لتلك التصرفات سوى انها تنفذ مخططا مرسوم لها سلفا أوانه الطغيان بعينه ...
غير ان الحديث عن تلك الاجندات بعينها لايعفي من الحديث عن الدور الايراني في تأزيم المنطقة , ضمن سياسة خلط الاوراق والحروب خارج أرض الحرام ؛ من أجل تنفيذ المصالح العسكرية والقومية الفارسية و بطريقة الخطوة خطوة , تلك السياسة الصبورة في التعامل مع الاحداث , والتي تميز بها تاريخ ايران القديم والحديث , فأيران التي شعرت بارتياح كبير للطريقة التي أزيح بها صدام حسين عن طريقها , شعرت بارتياح أكبر لوصول الاحزاب الاسلامية العراقية للسلطة ولاسيما الموالية لها.. وشعرت بسعادة غامرة وهي ترى جنود قوات التحالف يسقطون يوميا في بغداد . .
واما السياسة الامريكية في حيرة من أمرها ؛ بعد ان شعرت بانتكاسة كبيرة ؛ تمثلت بانقلاب العراقيين القادمين معها ,وتحولهم اتجاه الدول المجاورة للعراق ... فكان انسحاب القوات الامريكية قرارا حكيما للحكومة الامريكية؛ لوضع العراق في الموضع الذي يجب ان يعرفه على حقيقته من حيث القوة والتنظيم والحماية الخارجية , ولاسيما ان العراق تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة , فكان الانسحاب الامريكي العسكري , ولحق به تهاون الولايات المتحدة في التعامل مع المستجات من المشاكل الداخلية للعراق .
اما المفصل الرئيس الذي تجاهلته الحكومة العراقية لاسباب كثيرة طيلة العقد المنصرم من سقوط نظام البعث الصدامي ..كان يتمثل في عدم أكتراث العراق بتطوير علاقاته مع المملكة العربية السعودية والمحاولة الجادة في ايجاد سبل التواصل معها ؛ ولاسيما ان السعودية تبحث عن اعتمادات جديدة في المنطقة تضرب بها الدور القطري المتنامي , وكانت الفرصة الذهبية سانحة بوجود الشيخ غازي عجيل الياور في دفة رئاسة الجمهورية أبان فترة مجلس الحكم ,وهو المقرب جدا جدا من العائلة الحاكمة في السعودية ودول الخليج العربي كافة , بل على العكس من ذالك كان العراق يسير بخطى متسارعة متقافزة نحو الاعلى في علاقاته مع ايران ذات المشروع القومي !! مما اثار حفيظة الجارة تركيا ودول المنطقة وأخيرا الدول التي تصدر الحكم فيها التيارات السلفية؛و وفر فرصة سهلة للعب على الوتر الطائفي في العراق , وهي لعبة نارية سهلة التغذية ذات نتائج خطيرة جدا لايمكن الوقوف عليها بسهولة , ولم يلتفت العراق الى أهمية العربية السعودية وثقلها الدولي الا في فترة متأخرة جداجدا, قد لاتجدي نفعا..ربما..
كانت الرياح السورية تهب بين الفينة والاخرى على أرض الرافدين ,ويستطيع كل متبصر بالاحداث أن يراها قادمة لامحال, الا أن مجموعة من المشاكل الداخلية العراقية ,لاسيما ما يتعلق بأقصاء بعض الرموز العربية السنية من دفة الحكم بالعراق ومطاردتها في الخارج { لم نتطرق هنا في أحقية هذا أو ذاك لضيق المساحة وسعة وتشعب الموضوع } ادى الى العصيان المدني في المحافظات العراقية ذات الطابع المذهبي السني ,والتي سرعان ماركبتها كل الموجات الموجه نحو العراق , حتى غدت الاصوات المعتدلة خافتة وصارت التعديلات الحكومية والاستجابة للمطالب باهته؟؟ فقد اتسع الخرق على الراقع , وعلت الاصوات الطائفية من كل حدب وصوب ,وصار السباب والشتم هوية للابطال الجدد, والشارع يفور ويغلي من يوم لاخر.. وزلت اقدام كانت ثابتة في يوم من الايام
والمستخلص من التاريخ يقول ان تلك المجاميع الملطخة بالدم , قادمة للعمل في ارض رخوة من مثل العراق لامحال ,وبغض النظر عن نتائج الوضع السوري ..وهي في العراق ستلقى ترحيبيا أقليميا أحر من الترحيب بها في سوريا الا اذا كتب التاريخ لانظمة متعددة بجوار العراق أن تتغيركلها بين ليلة وضحاها , وذالك ضرب من الخيال ..
ومن هذا المشهد البالغ في التعقيد , يغلب على الظن أن مشروع العراق المقسم الى دويلات أو اقاليم شبه منفصلة , هو مشروع يقي العراق من جداول دم قادمة لامحال, تسبقها موجة من المفخخات والاغتيالات مصحوبة بغطاء اعلامي وديني؛ من اجل سنوات عجاف اخرى.. تصاحبها موجة كبيرة من اليأس من مشروع الوحدة الوطنية ووحدة التراب؛ الذي وضح ضعفه ووهنه في أكثر من موضع , حتى عاد المواطن العراقي غيرمبال به ,وانما هو من صنيعة رجال السياسية والاعلام فقط , وبضعة صادقة من رجال التقوى والدين المخلصين لله
فقد صنعت الحدود الداخيلة في العراق وتقسيماته , داخل روح المواطن العراقي قبل أن تصنع على الورق وتسمى بمشروع ( بايدن ) او غيره , وماكان الاستعراض التاريخي في الصفحات الاولى الا لغرض الوصول الى حقيقة العراق المقسم في داخل المواطن العراقي قبل غيره؛ والذي أدى في النهاية الى اسقاط مفهوم المواطنة ونهاية مفهوم الوطنية بل فقدان هويتها في الرمال المتحركة ذاتها التي تعصف بجغرافية العراق وتاريخه الموغل في الدماء والمنعطفات التاريخية الكبيرة.
مقالات اخرى للكاتب