الكثرة الكثيرة من الأجيال الجديدة لا يعرفون ولربما يجهلون تماما أي شيء عن نكسة حزيران التي حدثت في 5/6/1967 من القرن الماضي وذلك لتشتتهم فكريا وقلة ثقافتهم وأطلاعهم وعدم رغبتهم بمعرفة أي شيء أصلا! لا عن تاريخ العراق المعاصر ولا عن تاريخ الأمة العربية وما مرت بها من أحداث جسام حتى تشعر بأنهم فعلا أجيال ضائعة! أستثناءا مما قد مر على البعض منهم في المناهج المدرسية والجامعية. وللتوضيح عن نكسة حزيران: هي حرب وقعت صبيحة يوم 5/حزيران من عام 1967 من القرن الماضي حيث أستطاعت أسرائيل أن تحقق نصرا كبيرا على القوات العربية(مصر- سورية - الأردن) والتي تمثل دول المواجهة مع أسرائيل وتحتل أجزاء من أراضي هذه الدول وخلال 6 أيام فقط!!. وكانت تلك الحرب بحق نكسة مذلة ليس لمصر بأعتبارها قلب الأمة العربية ولا لسوريا والأردن بل كانت نكسة كبيرة للعرب جميعا ولازالوا يدفعون ثمنها ليومنا هذا في مفاوضاتهم مع أسرائيل فيما يخص أقامة دولة فلسطين وتحديد حدودها !!؟. حينها أعلن الرئيس المصري الراحل (جمال عبد الناصر) الذي كان أبرز القادة العرب أبان فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي! تنحيه عن السلطة ورئاسة الحكم محملا نفسه مسؤولية تلك النكسة وكل ما حدث!! بأعتباره هو رئيس الجمهورية والقائد الأعلى، على الرغم من وجود قادة وضباط كبار في الجيش المصري وعلى رأسهم (المشير/ عبد الحكيم عامر) الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع آنذاك، وكان بأمكانه أن يلقي بتبعية ذلك على أولئك القادة، كما في تركيبة العقل العربي!، وقادته الذين يعتبرون أنفسهم منزهين من الخطأ!!؟. تنازل الرئيس (جمال) بقدر ما كان قرارا شجاعا مسؤولا فهو كان قرارا منطقيا وعقلانيا!!، فهو الرئيس وهو المسؤول الأول والأخير عن أدارة شؤون البلاد وكل ما يحدث فيها أمنيا وعسكريا وأقتصاديا وأجتماعيا، بغض النظر عن وجود وزراء مسؤولين معه، لأن المواطن أيا كان وفي أي بلد كان ينظر الى رئيس الدولة كمسؤول مباشر عليه والمواطن دائما ما يريد النتائج ولا تهمه التفاصيل.أما نكسة حزيران العراق بالموصل والتي حدثت في 10/6/ 2014 فهي لم تكن أقل ذلة ومهانة، من نكسة حزيران مصر!!؟ بل هي أكبر منها وأكثر خزي وعار؟!!، حيث لا مجال للمقارنة بين دولة أسرائيل وبين عصابات داعش من ناحية الأمكانات العسكرية والتسليحية وما الى ذلك. فأسرائيل دولة لها أمكانياتها العسكرية والتكنولوجية والعلمية المتقدمة والمتطورة من طائرات ودبابات ومدرعات وصواريخ وأقمار أصطناعية ، وفوق ذلك هي مدعومة ومحصنة من قبل أمريكا وكل دول الغرب سياسيا وعسكريا وأمنيا ومخابراتيا وماليا وفي كل المحافل الدولية، عندها سيكون مسألة أنتصارها أمر وارد على ضوء كل تلك الأمكانيات والدعم الدولي!! على الرغم من أن نصرها كانت بمثابة مفاجأة كبيرة على الشعوب العربية لكون الزعماء العرب وعلى رأسهم الرئيس الراحل (جمال عبد الناصر) طالما توعدوا أسرائيل بأن يرموها بالبحر!!!!.أما نكستنا بالموصل فوقعها كان أكثر ألما ! فعصابات داعش التكفيرية الأرهابية لم تهجم على جيشنا الموجود في الموصل بالطائرات ولا بالدبابات ولا بالمدرعات ولا بالصواريخ!، بل أكد بعض الجنود الذين كانو موجودين هناك بأن أعداد (داعش) التي هجمت لا يتعدون (300) شخص!!(ذكر وزير الدفاع السابق وكالة سعدون الدليمي بأن الموبايل كان سبب الهزيمة!!!) وعلق آخر قائلا( داعش هزمت الجيش بالهورنات مال السيارات!!!) هذا العدد القليل من مجرمي داعش أستطاع ان يهزم جيشا قوامه أكثر من (50000 ) مقاتل بمختلف الرتب العسكرية من رتبة جندي حتى رتبة فريق ركن !!(والذي يؤسف له حقا أن وسائل الأعلام تناقلت صور لملابس عسكرية تركها الجنود والضباط بمختلف رتبهم حتى نقلت وسائل الأعلام صورا لملابس متروكة لقادة برتبة لواء ركن وفريق ركن !!! وأرتدوا بدلا عنها ملابس مدنية بعد أن تركوا أرض المعركة وفروا هاربين منها الى كردستان و بعض المناطق الآمنة الآخرى!!) كما أستطاعت عصابات (داعش) أن تستولي على أسلحة ومعدات وأعتدة ثقيلة ومتوسطة وخفيفة متنوعة تكفيها أن تقاتل فيها لعدة سنوات قادمة!!، حتى نقلت بعض وسائل الأعلام أخبارا بأنهم أستولوا على طائرتين كانتا موجودتين في معسكر الغزلاني!!؟. العجيب في أمر نكستنا المخزية أن رئيس الحكومة السابق (المالكي) بأعتباره قائدا عاما للقوات المسلحة، ألقى باللائمة وتبعية هذه الهزيمة المذلة وكل ماجرى في الموصل على من كانوا متواجدين هناك من ضباط وقادة، وكذلك ألقى باللوم وتبعية الأمور على محافظ الموصل ومجلس المحافظة متهما أياهم بالتآمر!!!، مبرءأ نفسه من كل شيء؟!!، على الرغم بأن الفريق الركن (مهدي الغراوي) بأعتباره قائد عمليات نينوى كان يبلغه ويعلمه بالموقف اليومي في الموصل وقد أظهرت ذلك (فضائية البغدادية) بالصوت والصورة في أكثر من حلقة عندما أستضافة الفريق (مهدي الغراوي) كشاهد على ما حدث؟!!. أمر أخر في موضوع النكستين:، هو أن الرئيس المصري الراحل (جمال عبد الناصر) عندما تنازل وتنحى عن الرئاسة خرج الشعب المصري عن بكرة أبيه! يطالبه بالعدول عن قراره ناهيك عن مطالبة كل القادة والزعماء العرب، بأعتبار أن مصر والأمة العربية وما كانت تمر به من ظروف وتبعات النكسة كانت في حاجة ماسة أليه فأضطر أن يذعن لمطالبتهم. في حين أن الشارع العراقي لم يأسف على رحيل (المالكي) أبدا!؟! ألا من بعض مؤيدية وأتباعه ومريديه!، بل أن العراقيين يعقدون أمال كبيرة على خلفه الدكتور (العبادي)، الذي بدأ يحصد ثمارقراراته وخطواته الناضجة والصائبة على الصعيدين الداخلي والخارجي، فبدى واضحا بأن هناك قبول من عموم الشارع العراقي عليه و من جميع قادة الأحزاب والكتل السياسية وخاصة القادة الكورد!! وهذه الصورة لم يألفها العراقيين من قبل و المعروفين بتقلب مزاجهم وأرائهم وعدم أتفاقهم ورضاهم على أحد؟!!. وما أدل على ذلك القبول والرضا هو عندما زار(العبادي) منطقة الأعظمية بمناسبة المولد النبوي الشريف، حيث قوبل بترحاب كبير من أهالي الأعظمية حتى هتفوا له( هله بيك هله)!!!، والتي لم يهتفوا بها من قبل ألا للرئيس العراقي السابق (صدام عندما زارهم آخر مرة من بعد السقوط)!!!!.الغريب في أمر رئيس الحكومة السابق (المالكي)، وعلى الرغم من المؤشرات السلبية الكثيرة التي سجلها غالبية العراقيين عليه طوال فترة رئاسته للحكومة لدورتين ولمدة (8) سنوات وبأنه كان وراء كل ما مر بالبلاد من خراب ودمار وضياع وهدر كبير للمال لا يعرف له أول ولا آخر!
وأنفلات الأمن وأستفحال الفساد في العراق بشكل مرعب ومخيف؟!!، ألا أنه يشغل الآن منصب نائب رئيس الجمهورية!!!؟؟. أخيرا نقول: أذا كانت مصر أستطاعت أن تعيد الأعتبار لهيبتها وللعرب أجمعين وتحقق أنتصارا مذهلا على العدو الأسرائيلي في حرب 6/ أكتوبر/ 1973 وتعيد أراضيها التي كانت محتلة من قبل أسرائيل، فهل يستطيع العراق( بجيشه وكل متطوعيه من الحشد الشعبي والعشائري يساندهم التحالف الدولي)!؟ أن يعيد الموصل والأنبار وتكريت وما تبقى من ديالى من عصابات داعش التكفيرية الى حضن الوطن وخارطة العراق؟ لا سيما أذا علمنا أن الجيش العراقي يحتاج الى (3) سنوات لأعادة تأهيله من جديد!!؟( خطاب رئيس الحكومة في 12/1/2015 )، والسؤال الأهم هو : هل ستسمح أمريكا بذلك؟؟! بأعتبارها المتهم الأول!!؟ ومعها باقي دول الغرب وبأنهم كانوا وراء وجود هذه الجرثومة الجديدة التي تسمى(داعش) لتزرعها وتنشر كل أمراضها في عموم الوطن العربي وتكون عصاها الغليظة لتهدد بها أمن كل الأنظمة العربية؟!!. خلاصة القول ، العراق مقبل في الأشهر القادمة على أحداث كبيرة ولربما لمفاجأت أكبر؟!! لننتظر ونرى.
مقالات اخرى للكاتب