بعد إنتكاسة الثورة الكردية التي كان يتزعمها المرحوم مصطفى البارزاني القائد الكردي المعروف [ 1903 – 1979 ] في إقليم كردستان عام [ 1975 ] إثر إتفاقية الجزائر الجائرة التي آنعقدت بين الشاه الايراني المخلوع [ 1919 – 1980 ] ، وبين الرئيس العراقي البعثي المعدوم صدام حسين [ 1937 – 2006 ] وبمباركة هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق خطّطت الحكومة البعثية العراقية البائدة لمشاريع تصفوية وإبادية للشعب الكردي في إقليم كردستان ! . فأول ما بدأت به هو تهجير السكان الكرد من القرى والأرياف والقصبات والمدن المتاخمة للحدود الدولية العراقية ، التركية ، الايرانية والسورية ، وهذه الحدود هي بالحقيقة حدود وضعية لسايكس – بيكوئية جائرة تفصل الكرد وأجزاء كردستان بعضهم عن بعض ، ثم تم تهجير المناطق الأخرى التي هي ما بعد المناطق المذكورة أيضا ، ومن ثم أقدمت الحكومة العراقية البعثية على تجميعهم في مخيمات ، أو مجمّعات قسرية تحيط بها الأسلاك الشائكة والأفواج العسكرية المدججة بالسلاح . علاوة على إقدام الحكومة العراقية بتغييب الكثير من الكرد في المعتقلات والسجون ، أو إعدامهم ، أو إغتيالهم ، أو قتلهم بمختلف الطرق الأخرى ، مع شن حملات تصفوية على الكرد الفيليين في بغداد وخارجها ، فقتلت منهم الآلاف وسفّرت منهم الآلاف الى ايران في ظروف صعبة للغاية ، مع مصادرة جميع أموالهم وممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة ، ثم بالإضافة الى قيامها بتعريب الكثير من المدن والمناطق الكردية وطرد وتهجير الكرد منها وجلب العرب وإسكانهم محلهم ، مثل مدن كركوك وخانقين ومندلي وغيرها ...! . هكذا آستمرت الحكومة العراقية البعثية المنحلة بممارساتها الوحشية والتصفوية ضد الشعب الكردي في إقليم كردستان ، الى أن بلغت أقصى درجات ذروتها مابعد سنّي الثمانينات من القرن الماضي ، حيث أقدمت على الشروع في ممارسة وتنفيذ خطوات الإبادة فقتلت جماعيا [ 8000 ] كردي بارزاني و [ 5000 ] آلاف كردي فيلي من المدنيين الكرد العزل : رجالا ونساء وأطفالا وشيوخا ، ثم آستمرت في حملاتها الحربية الواسعة ، وبشكل جنوني قَلَّ مثيله في التاريخ . إذ انها شنت حملات عسكرية شاملة شملت إقليم كردستان كله عام [ 1978 ] بإسم الأنفال ، حيث آستخدمت فيها الغازات السامة والأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا ضد الكرد المدنيين في مناطق قره داغ ، وفي عام [ 1988 ] بلغت العدوانية والهمجية البعثية أقصى درجاتها ، وذلك بقصف مدينة حلبجة بالقنابل والغازات السامة ، فقتلت بسببها أكثر من [ 5000 ] آلاف كردي مدني وعددا أكثر من الجرحى ، حيث توفي الكثير منهم بعد ذلك في المستفشيات الايرانية والأوربية . وهكذا آستمرت حملات الأنفال الوحشية والمجرمة ضد الكرد حتى عام [ 1989 ] من القرن الماضي ، وقد أبادت الحكومة البعثية العراقية في حملات الأنفال أكثر من [ 180000 ] ألف إنسان كردي من المدنيين رجالا ونساء وأطفالا ، وذلك في مقابر جماعية بجنوب العراق ! . مضافا الى الجرائم الوحشية المذكورة إن الحكومة البعثية العراقية إرتكبت جريمة أخرى ضد الشعب الكردي في إقليم كردستان ، هي ؛ كانت هذه الحكومة تجمع البنات الكرديات في مدينة البصرة كسبايا حملات الأنفال وتعرضهن للبيع لعرب الخليج ومصر !!! . لما آحتل النظام البعثي العراقي البائد الكويت عام [ 1990 ] من القرن المنصرم كان [ ...؟ ] جندي كردي يخدم الجيش العراقي في الكويت بموجب الخدمة العسكرية . وفي أحد الأيام كان هذا الجندي الكردي يتمشى في أحد الأسواق الكويتية فرأى كويتيا باللباس العربي المعروف وبرفقته إمرأة وهي تحمل طفلا بين ذراعيها ، فلما آقترب وأصبح قريبا منهما وقف أمامهم مشدوه النظر الى المرأة . ولما رأت هي هذا الجندي وهو يحدِّق بها النظر من كل أعماقه أخذت هي تنظر اليه ، ثم آمتلأت عيونهما بالدموع وأخذوا يبكون ، ثم وقع الطفل على الأرض لاشعوريا من بين يديها ، فقال الكويتي المرافق للمرأة : ماذا دهاك ياآمرأة ، هل جننت ، كيف وقع الطفل منك على الأرض ؟ ، بعدها لم يتمالكا هذا الجندي والمرأة فأخذا يعانقان ويقبلان بعضهما البعض والدموع تنهمر من عيونهما كزخات المطر ، فأقبل الكويتي على المرأة ثانية بغضب قائلا ؛ ويحك كيف تعانقين وتقبلين هذا الجندي الغريب ؟! ، فردت عليه المرأة ؛ بل الويل لك ؛ هذا أخي من أبي وأمي ، هذا لحمي ودمي ، حينها هدأ غضب الكويتي ، ثم أقفلا راجعين الى البيت ، وهو وهي في حالة بكاء شديدة وصدمة وآندهاش . وفي البيت روت هذه المرأة الأخت لهذا الجندي الكردي ، حيث أخاها ما جرى لها قائلة : [ بعد إختطافي من قبل رجال الأمن وأنا راجعة الى البيت من الثانوية أحضروني الى البصرة برفقة فتيات كرديات أخريات ، وتم عرضنا للبيع ، فآشتراني هذا الكويتي الذي عقد عليَّ القران الشرعي والقانوني في الكويت وأصبحت زوجته ، وهذا الطفل هو ثمرة زواجنا هذا ... والحق ان هذا الكويتي ، حيث زوجي يحترمني ويقدرني كثيرا ويراعني فيما مررت به من محنة ] ، فرد عليها شقيقها : [ لابل يجب أن تعودي معي الى الأهل في كردستان ] ، فردت الأخت : [ لا ياأخي العزيز هكذا صار قدري ومصيري ، وهذا الرجل كما قلت يحترمي ويعاملني بلطف وتقدير ، وهو زوجي على سنة الله ورسوله ] !!! هذه الرواية الحقيقية المحزنة والمؤلمة والمأساوية جدا هي جزء من مئات الروايات الكارثية التي ألمّت بالشعب الكردي المضطهد من قبل الحكومة البعثية العراقية المجرمة ، وستبقى هذه المظالم والوحشيات البعثية وصمات عار وشنار عليها ، وعلى كل من أيدها ، أو يؤيدها ! .
مقالات اخرى للكاتب