وجدت في احدى المواقع المعادية للإسلام مقطع فيديو لأحد المشائخ بشأن بيان العلة وراء إحتفاظ النبي بعدد من الزوجات يفوق الأربعة المسموح به في الشريعة الإسلامية حيث كان رد الشيخ مضحكا وغير عقلاني بالمرة الأمر الذي روجت له تلك المواقع بقصد الإستهزاء بشخصية النبي وسيرته العطرة مما إستلزم الرد على تلك المواقع وتسليح المسلمين بتلك الحجة للرد على من يثير الشبهات ضد الإسلام ورسوله الكريم صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم .
ان الكل يعرف ان النبي محمد عليه افضل الصلاة والسلام لم يتزوج الا في سن الخمس والعشرين من امراة قرشية حسيبة وغنية في قومها الا وهي السيدة خديجة رضي الله عنها ويشير معظم كتاب السير الى انها تكبره بالعمر وبفارق لا يقل عن الـ 10 سنوات ولم يتزوج في حياتها عليها البتة بل تزوج عندما غادرت الحياة الى الرفيق الاعلى وبدأت بعدها سيرته مع نسائه الاخريات التي تزوجهن وكلهن كانت ثيبات ولم تكن منهن أي بكر الا سيدتنا عائشة رضي الله عنها , ولكن من الغريب ان من يثير تلك الشبهات لا يتركون شيئا من سيرة النبي عليه الصلاة والسلام دون ان يعلقوا عليه فكيف فاتهم ان النبي عليه الصلاة والسلام كان رغم تعدد زوجاته ورغم ان احدى نسائه كانت صغيرة السن وجميلة كسيدتنا عائشة الا انه كان ما يفتئ ذكر سيدتنا خديجة رضي الله عنها حتى غارت من ذكرها نسائه وخاصة سيدتنا عائشة رضي الله عنها ففي اواخر حياته تروي سيدتنا عائشة ان النبي أطال الكلام مع احدى عجائز المسلمين فأستغربت من ذلك سيدتنا عائشة وسألت النبي عن هذا الأمر فأجاب انها إحدى صديقات ام المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها وقد تذاكر النبي مع تلك السيدة أيامه مع سيدتنا خديجة فوجدت سيدتنا عائشة في نفسها شيئا من ام المؤمنين خديجة وقالت بان الله ابدلك بخير منها فقال النبي الأمين في الحديث الذي رواه الإمام أحمد : ما أبدلني الله عز وجل خيرا منها ؛ قد آمَنَتْ بي إذ كفر بي الناس ، وصدقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذا حرمني الناس ، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء . وهذه الواقعة تدلل على ان شخصية النبي لم تكن تلتفتت الى جمال النساء الظاهري ولا الى صغر سنهن انما كان ينظر الى شخصياتهن وعظمتهن ولم تكن في نظره امرأة تحتمل هذا المعنى كما تحتمله امنا الحبيبة السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها.... وبعد هذه المقدمة سنأتي الى شرح الأسباب التي زواج النبي لاكثر من 4 نساء .
الكل يعلم ان النبي تزوج صحابيات وزوجات لصحابة مات عنهن ازواجهن اما في ساحات الجهاد او بسبب المرض وكانت تلك النساء بعد فقد أزواجهن لا يجدن من يعيلهن خاصة وان اكثرهن قد تركن اهاليهم الكافرين بالله ورسوله فلم يكن من بد للصحابة واولهم النبي بان يجبر كسر تلك النساء ويأووهن بالزواج وكان هذا ما حدث مع النبي وكثير من الصحابة الأجلاء فقد تزوجوا من اكثر من اربع نساء بحسب الاستطاعة حتى نزلت هذه الاية {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ }النساء3 والتي حددت الحد الاقصى للنساء باربع فقام الصحابة بتطليق ما زاد عن الاربعة وبدأ الصحابة غير المتزوجين او المتزوجين من اقل من اربع باكمال العدد الاربعة بالزواج ممن طلقهن الصحابة لزيادتهن عن الاربعة , ولكن المشكلة مع زوجات النبي تتلخص في أمرين :
أولهما ان بزواجهن من النبي عليه الصلاة والسلام فقد أحتلن مرتبة دينية رفيعة تفوق اية رتبة دينية اخرى عدا مرتبة النبي طبعا فقد قال الله تعالى عنهن {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً }الأحزاب32 فهن كن متميزات عن باقي النساء وجاء التمييز بجعلن امهات المؤمنين في قوله تعالى {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً }الأحزاب6 وهي المرتبة الدينية الوحيدة التي ذكرت بالقرن الكريم بعد مرتبة النبوة وبالتالي ان تطليق تلك النساء سيكون بمثابة عقوبة لهن وتنزيل من درجتهن الدينية بدون أي ذنب او معصية او سوء أدب مع النبي عليه أفضل الصلاة والسلام الا لمجرد تحديد الزوجات فكيف يستقيم هدا الامر ان يعاقب المرء بدون أي ذنب او معصية .
الأمر الثاني : إن زوجات النبي (امهات المؤمنين) كان يحرمن على باقي رجال المسلمين أي ان النبي عليه الصلاة والسلام إذا طلق احدى نسائه لم يحق لها ان تتزوج من غيره وبالتالي ستتشرد تلك المرأة ولن تجد لها ناصرا معينا وسقطت الحكمة الالهية من ايوائهن بزواج النبي منهن في اول الامر فقد قال الله تعالى {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً }الأحزاب6 فهن كن امهات المؤمنين فلا يحق لهن الزواج وقد أنزل الله تحريم الزواج منهن تحريما قطعيا في سورة الاحزاب الاية (53) فقال (....وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا ) وبالتالي أمسكهن النبي في عصمته من دون المسلمين .
ولكن الله تعالى لم يترك الامر هكذا فنزلت اية في هذا الوقت تحرم على النبي عليه افضل الصلاة والسلام من الزواج من النساء الاخريات وهي {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً }الأحزاب52
وبهذا بان المقصد وانتهى فهل أنتم منتهون ؟!!!!
مقالات اخرى للكاتب