ليس هناك من فكرة جامدة ولكن هناك عقل جامد ، كل الأفكار متسامحة وبناءة ومرنة وقابلة للتطوير وللتواصل مع غيرها من الأفكار ، لكن المشكلة في التصنيف وفي آليات التفكير ، فأحياناً تطلق تلك التسمية على كل شيء يقدم ، مما يحدث لبساً في عملية الفهم والفرز .
طبعاً ذلك سيلقي بظلاله ايضاً على المفكر ، الذي يولّد الأفكار ، فيطرح السؤال القديم ، من هو المفكر ؟
الفكرة هي إفراز ايجابي لعملية التفكير ، هي بنت الفكر ، والفكر ليس معرفة فقط بقدر ماهو بيئة متكاملة .
لا يمكن أن تعتمد الفكرة فقط على وجود العقل كجزء مادي ايضاً وإلا لأصبح الجميع تحت هذا العنوان ولأصبح كل ما يطرح من نتاجات يندرج تحت اطار الفكر ، وقديماً قالوا إن العقل السليم في الجسم السليم ، والعقل السليم والجسم السليم بحاجة لصحة نفسية سليمة وبحاجة للمعرفة والدراية بما يمثلانه من مادة خام للأفكار وبحاجة لحد معقول من الإستقرار واشباع الحاجات الإنسانية ، وقبلهم طريقة التعليم القائمة على فلسفة نقدية واستنتاجية بعيداً عن الوعظ والتلقين .
ان أي خلل في تلك البيئة يستلزم عملية اعادة تأهيل جديدة وقد لا تنجح في الكثير من الأحيان ، لذلك ستجد هناك قطعاً في سلسلة الأفكار للكثير من المبدعين ، و ستجد ايضاً نتاجاً قيماً يتيماً هنا أو هناك .
ليس هناك بيئة في أوطاننا لخلق ذلك ، فالبيئة الموجودة تستطيع أن تقتل أكبر المواهب الفكرية وتدفنها ، لذلك ستجد إن هناك وفرة في مجالات أخرى لا تتطلب وجود كل تلك الشروط مجتمعة.