قامت وزارة الإسكان والأعمار العراقية بعدة مشاريع تتعلق بالإسكان بغية معالجة أزمة السكن المستفحلة في البلاد وتتمثل هذه المشاريع ببناء مجمعات سكنية على شكل بناء عمودي والبعض من المجمعات على شكل بناء أفقي . وان القسم القليل من تلك المشاريع قد تم تنفيذها وتم تحقيق الاستفادة الفعلية منها إلا ان اغلب تلك المشاريع قد تم إيقافها بسبب الأزمة المالية المتعلقة بانخفاض واردات النفط على الرغم من كون أعداد تلك المشاريع تجاوز العشرات وموزعة على اغلب محافظات البلد في مركز المحافظات والاقضية والنواحي التابعة لها . وبلغت كلفتها مليارات الدولارات قامت الدولة بصرف مبالغ لا يستهان بها إلى متعهدي تلك المجمعات كسلف منها سلف تشغيلية ومنها سلف جراء الإعمال المنجزة وفق شروط العقود الموقعة بين الأطراف ذات العلاقة ان نسبة الانجاز الحالية لتلك المشاريع تتراوح بين (50 بالمئة-75 بالمئة) في اغلبها وان بقاء المشاريع على وضعها الحالي دون العمل على الاستمرار في تنفيذها يؤدى إلى تعرضها للاندثار جراء الظروف الجوية والعبث والسرقة كما تكلف الدولة أموال جراء الإضرار التي تلحق نتيجة هذا التوقف الذي هو ناتج لأسباب تتعلق برب العمل لا المنفذ إضافة إلى تعطيل الأيدي العاملة والكفاءات الهندسية والكوادر الوسطية إضافة إلى الفتور التجاري في الأسواق المحلية جراء هذا التعطيل وجراء التأثير الذي حصل جراء عدم استهلاك وتداول المواد الأولية الداخلة في البناء من حديد تسليح وسمنت وحصى ورمل وخشب وزجاج وبلاط …الخ . كما ان عدم انجاز تلك المشاريع يجعل من أزمة السكن أزمة تزداد سوءاً يوم بعد يوم وان إيقافها نتجت عنه ردود فعل سيئة على نفوس العائلات ذات الدخل المحدودة وخاصة الموظفين الذين يحلمون بسكن لهم ولإفراد عائلاتهم .ان توقف المشاريع بسبب عدم وجود التخصيصات المالية كان لم يحدث لو ان الحكومات المتعاقبة اتخذت على عاتقها حجز الكلف الكلية لتلك المشاريع بعد تخصيصها وتحويلها الى الجهات ذات العلاقة و المسؤولة عن تنفيذها علما ان المدد التنفيذية لهذه المشاريع في الأغلب تراوحت بين سنتين وثلاث سنوات .ولكن على كل حال لابد من إيجاد بدائل لحل تلك المشكلة وهذه البدائل ليس من المستحل فلكل مشكلة حل وحل المشكلة هنا يتعلق بتوفير السيولة النقدية لأكمل تلك المشاريع بغية تحقيق الاستفادة الفعلية من انجازها ولكن من المؤسف لا نجد لدى الحكومة اي رغبة ولا جهد للتفكير أصلا في إيجاد حل لمثل تلك المشاكل على الرغم من ان الحلول الخاصة بمثل هذه المشكلة متوفرة ولا تحتاج إلا إلى عقول مهنية وعلمية وشجاعة وحريصة على مصلحة البلد ومصلحة المواطن وبعيدا عن الروتين والرتابة والمسؤولية الكبيرة هنا على عاتق الوزارة ذات العلاقة وعلى كوادرها الاستشارية والفنية في مركز الوزارة والمنشآت العامة التابعة لها من خلال تناول موضوع توقف تلك المشاريع وإيجاد الوسائل او البدائل المناسبة لحل مشاكلها وخاصة مشكلة السيولة النقدية ومسألة توفير السيولة النقدية لاستكمال تنفيذ هذه المشاريع المتوقفة يكمن بإيجاد نظام وضوابط يُباع من خلالها تلك الوحدات السكنية ضمن واقعها الحالي على من يرغب بشرائها والسكن فيها دون الانتظار الى استكمالها بشكل نهائي كما هي العادة او الأسلوب المستخدم سابقا وهنا لا ندخل في التفاصيل لان ذلك من اختصاص أصحاب العلاقة ولكن هناك كثيراً من العائلات العراقية التي تحلم ان تستملك منزلاً او شقة سكنية وهي لا تمانع من دفع اي مبلغ بمقدورها دفعه كدفعة أولى لقاء حصولها على فرصة سكن على ان تسدد قيمة الوحدة حسب سعرها المقدر بموجب دفعات ضمن فترة زمنية محددة و معقولة و ضمن ضوابط محددة تضمن حق المواطن والدولة وفي حالة عجز الموظف عن دفع الدفعة او القسط المطلوب على الدولة تشجيع المصارف ودفعها لإقراض الموظف وفق آلية معينة كما هي الحال المستخدمة الآن في حالة الإقراض لمشاريع الإسكان او شراء السيارات او غيرها بموجب ضمانات ميسرة على أجهزة الحكومة ذات العالقة الابتعاد عن السياقات الجامدة والميتة في تناول مشاكلها التي لها علاقة بمثل تلك المشاريع وان تقوم بإجراء الدراسات والتوصيات التي من شانها حل كافة المشاكل ورفعها للجهات العليا بغية المصادقة على مقترحاتها والحلول المطلوبة او تغير بعض التعليمات وإضافة تعليمات جديدة او صيغ قوانين جديدة من شانها الحصول على الحل المطلوب وتسهيل متطلباته .لا أن يقف الجميع مكتوفيّ الأيادي إزاء تلك المشكل وليس هذا المقترح هو الحل الوحيد ربما هنالك مقترحات أخرى أكثر جدية وفائدة منه وهذا ليس مستحيلاً اذا وجدت الإرادة الصادقة والنوايا الطيبة كبيع تلك المجمعات ضمن واقعها الحالي على جهات استثمارية وطنية او أجنبية او تشكيل لجان إسراع لاستكمال تنفيذها بعد ضمان حقوق المنفذين ان حل هذه المشكلة اي مشكلة التوقف في التنفيذ لا يؤدي إلى نتيجة واحدة ملموسة فقط إنما يؤدي إلى ثلاث نتائج كبيرة ومهمة أولها إنقاذ تلك المجمعات من حالة الاندثار والعبث وقد كلفت الدولة أموال طائلة وثانيها حل مشكلة السكن المتفاقمة في البلد التي تزداد مع مرور الزمن وثالثها إعادة قسم من الأموال المصروفة من قبل خزينة الدولة وهنا تصبح العملية عكسية فبدلا من ذهاب الأموال من خزينة الدولة لاستكمال تلك المشاريع يعاد قسم من تلك الأموال لخزينة الدولة لدعم وارداتها إضافة الى تحريك السوق اقتصاديا وإيجاد ألاف فرص العمل لحل مشكلة البطالة الكبيرة . في حين ترك تلك المشاريع على واقعها الحالي دون تحريك ساكن يؤدي إلى فقدان تلك العوامل وبالتالي خسارة كبيرة للبد وللمواطن .
مقالات اخرى للكاتب