ما زلت أذكر التصريح الذي بثته وسائل الاعلام في صيف 2033 من أن الكهرباء ستستقر وتجهز المواطنين بحاجتهم كاملة في 2007، ولأن الأمل كان غضاً فقد صدقنا ونوينا الصبر، في حين تذمر آخرون من طول المدة، ولم يعلموا أن تذمرهم سيطول ليبلغ مرحلة اليأس، حيث أثيتت الكهرباء العراقية لأول مرة أن أن الياس مع الحياة. وبينما عجزت الحكومة عن ايجاد حل جذري، عجز البرلمان الموقر عن الرقابة والتشريع، واكتفى بالدعوة الصماء الى الخصخصة. ووسط هذا الضجيج، برز واقع جديد، حيث تدبر الناس شؤونهم بعيداً عن ضوضاء الحكومة وفسادها. ومضت السنين وها نحن قد دخلنا عامنا الحادي عشر بعد سقوط صدام حسين والكهرباء مجرد أوهام.
وفي كل مرة تبدع وزارة الكهرباء باطلاق الأعذار والوعود، أعذار لاتنتهي ولا تبلى، ووعود لا أعلم كيف تستطيع بعض العقول والضمائر اصدارها. وأذكركم بالعقد الذي ابرمه رئيس الوزراء مع "سيمنز" و"جنرال الكترك" قبل الانتخابات المحلية بأيام عام 2009، عندها اختفى الموقعون وأوراق العقد ولم يسمع احد عن المشروع الى اليوم. وآخر الابداعات الكهربائية تصريح نائب رئيس الوزراء عن تمكن العراق نهاية عام 2013 من بيع الكهرباء لدول الجوار، وبينما تفاقم وضع الطاقة تم تدشين استراتيجية للطاقة ستوفر ـ صدقوا ـ 10 ملايين فرصة عمل، وأرباح ـ صدقوا ايضاً ـ 6 مليارات دولار باستثمار 10% فقط.
التظاهرات ما زالت متواصلة حتى اليوم في مدينة الناصرية تطالب بتوفير الكهرباء، وبالرغم من "تغليس" السادة المسؤولين عليها إلا أنها تزداد اصراراً وسخرية، ومع توجيه اتهام لمسنّ عجوز بالبحث عن المناصب، المتهم "عبد الزهرة شيال" اكتفى بالابتسامة بسخرية ومرارة وهو يسير بالتظاهرة التي حملت شعارات مؤنبة لحكومة تدخل خزينتها مليارات جديدة كل عام. على الحومة ان تعي، وبالخصوص رئيسها، أن التظاهرات في الغربية والأزمة مع الشمال لايحتاجان الى تظاهرات في الجنوب، وان ساحة الميدان في القاهرة وتقسيم في اسطنبول واللؤلؤة في المنامة قصص كافية لأخذ العبرة. الربيع العربي اثبت أن المفاجأة موجودة وتستعد للقفز في كل لحظة، وأن الحريات وحماية البيئة والبطالة عوامل كافية للثورة، وقد تضاف اليها الكهرباء..
مقالات اخرى للكاتب