منذ أن وافق الدكتور حيدر العبادي على لائحة شروط الصلح مع زعماء قريش كي لا يذهب الإستحقاق الدستوري الى غير أهله، ومشوار المصالحة المشؤوم يأخذ كل يوم أبعاداً عدوانية جديدة.. ويدخل أنفاقاً أشد ظلمة وسواداً.. فمن طلبات كارثية الى طلبات أشد كارثية، ومن بلاوى الى بلاوى أكبر يتقدم بها ( المهمشون).. ورغم أن الرجل أعطى لوكلاء داعش (والغبراء) كل ما يريدون.. إلاَّ أنهم لم يتوقفوا عن طلب المزيد من طلبات الحرام، ولن يتوقفوا قط عن إفتراس كل ما لهم وما لغيرهم .. فهم يريدون من العبادي الذراع والكراع وما بقي من المتاع، وإذا ما لزم الأمر، وتمكنوا من ذلك، فلن يبقوا لأخوتهم من أبناء (الأقلية الشيعية) قطعة لحم، أو كسرة خبز، أو جرعة ماء حتماً. والأنكى من ذلك، أنهم رغم كل ذلك ما زالوا ينتحلون هوية المهمشين ضحكاً على الذقون. متناسين أنهم همشوا - لا شنو همشوا - إنما أكلوا وشربوا وزلطوا أخوتهم في الدين، من هذا الفج الى هذا الفج – لمدة اربعة عشر قرناً، بينما لم يقل لهم أخوتهم المظلومين أفاً، ولا حتى كلمة ليش ما ليش!! وللحق فإن الأخوة في الدين لم يستولوا على (مستحقات الشيعة) فحسب، بل إستولوا وعبروا بتجاوزهم ايضاً على ذاك الصوب – وطبعاً ما أقصد صوب الأكراد، لأنهم والأكراد دهن ودبس هذه الأيام، والله يثخن لبنهم انشاء الله.. إنما قصدت بإشارتي الى صوب (الأقليات المشابهة للأقلية الشيعية) مثل المسيحيين، والشبك، والصابئة، والعلمانيين المدنيين- وذلك من خلال وضع العبادي في الزاوية التسعين – وهذه الزاوية معروفة جيداً لحراس المرمى بحرجها، وخطورتها، ولؤمها ايضاً - فالرجل أصبح هنا أمام حلين لا ثالث لهما، أما أن يعطي (المهمشين) كل مايريدون من وزارات ومواقع ومنافع ومطالب على حساب حقوق الشيعة، وبقية المكَاريد من الأقليات الأخرى لكي تتوقف المسالحة، وتمشي المصالحة وتستمر المناكحة الجهادية الميمونة بكل إنثيالاتها البرغماتية المتقولبة في حيثيات الفعل اللا مرئي المنسوخ ضمناً من فعلية التجربة اللا جزئية – من أقوال الدكتور الجعفري حفظه الله وزيراً لخارجية العراق - وبهذا فقط سيوافق الأخوة في داعش والغبراء على (الإنخراط) في العملية السياسية، والدخول في مشروع الحكومة الجديدة، وتصبح (ولاية) العبادي مشروعة جداً، فتنال حكومته (المقبولية) وآخ من هذه المقبولية والسمسمية!! وأما أن يرفض العبادي هذه الشروط الخنفشارية، فتسقط حكومةته بالضربة القاضية السنية الشيعية الكردية قبل أن تصعد الى حلبة النزال، وبذلك ستدخل العملية السياسية في نفق طويل أظلم وأطول من أنفاق مجاهدي حماس في غزة..علماً بأن أول من سيُسقِط حكومة العبادي إن لم يعط المهمشين كل مايريدون، هم سياسيو الشيعة، لاسيما أولئك الذين يغردون على أنغام المقبولية، وأوتار التجديد، ويطربون على موسيقى قصيدة المجرب لايجرب ابداً !! وطبعا فإن هؤلاء السياسيين لن يزعلوا على العبادي لأنه لم يمنح هادي العامري وكتلة بدر البطلة من حقوقهم الدستورية، إنما سيزعلون زعلاً عظيماً إن لم يوافق على إصدار قرار العفو العام، وإطلاق سراح القتلة والمجرمين- وطبعا فإن قانون العفو سيشمل ضمناً الهاشمي والعلواني والشمر وحرملة وبقية السفلة والقتلة والمنحطين – الذين كانوا قد خرجوا من السجن بقرارات عفو سابقة، سواء صدرت من الحكومات العراقية، أو من قبل القوات الأمريكية، وكانت نتيجة ذلك أن تسعين بالمئة منهم يشارك الآن بقتل أبنائنا وأخوتنا في مختلف المدن العراقية، لاسيما ما حصل في مذبحة قاعدة سبايكر،حيث تشير الأنباء المؤكدة الى أن بعض المشاركين في هذه الجريمة كانوا محبوسين حسب مادة أربعة ارهاب، وخرجوا من التوقيف، أو السجن على يد الهاشمي حين كان نائباً للرئيس، أو على يد سليم الجبوري عندما كان رئيساً للجنة حقوق الأنسان في البرلمان أو بصفقات سياسية مصلحية مخزية!! وهناك رافضون – وليسوا روافض طبعاً – لتولي العبادي منصب رئيس الوزراء إن لم يوافق على شروط وكلاء داعش وعزت الدوري في العملية السياسية، مثل (الأشقاء) في المملكة السعودية – طبعاً منا وهيج كله نسميهم الأشقاء- !! وكذلك الأشقاء في قطر- بعد أن بشرنا رئيس الوزراء العبادي بأن قطر غيرت موقفها تجاه العراق، وسأنشر هذا التأكيد على ذمة القنوات الفضائية العراقية والعربية – وأصدقها عندي القناة الفضائية العراقية – حيث نقلت الخبر التالي :- (أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن العراق يرغب بإقامة علاقات جيدة مع الدول العربية والخليجية، مشيرا إلى أن دولة قطر غيرت موقفها تجاه العراق(!! وعدا السعودية وقطر فإن هناك ضغوطات امريكية وبريطانية وتركية وما أعرف بعد منين، وكلها تطالب بحقوق المهمشين المساكين، وتضع المصالحة معهم شرطاً للإعتراف بحكومة العبادي، بل وشرطاً اتشكيل الحكومة قبل الأعتراف بها.. بالمناسبة فإن داعش أيضاً تريد المصالحة مع امريكا وليس مع العراق طبعاً، إذ ذكرت مصادر أخبارية مطلعة (على كل شي) أن ممثل تنظيم داعش في تركيا التقى بأحد الدبلوماسيين الأمريكيين في تركيا، وقد عرض عليه هذا الممثل الداعشي الصلح مع أقليم كردستان أولاً - ليش داعش متزاعل ويه الأقليم.. هاي أول مرة أسمع بيها والله؟! وإنسحاب التنظيم الى الحدود المتفق عليها- مع من متفقة عليها - ؟! في مقابل أن تكف الولايات المتحدة الأمريكية عن حملاتها الجوية على التنظيم، كما أشترط ممثل داعش – هم يشترط مثل الجماعة، يبين الأخوان متعودين على الإشتراط – أن تقوم دول امريكا وتركيا وكردستان بالإعتراف برسمية التنظيم على الأراضي التي يسيطر عليها !! رحم الله من قال أن شر البلية ما يضحك .. يعني داعشهم يريدون طلب واحد يتمثل بالإعتراف بهم كشرط للمصالحة، بينما داعشنا يريدون ألف مطلب كشرط للمصالحة معنا.. والفرق أن أمريكا رفضت الشروط مع داعشهم من أول دقيقة، بينما حكومتنا قبلت بشروط داعشنا من أول دقيقة، والسبب أن حكومة امريكا تتخذ قراراتها حسب مصالحها القومية، بينما تتخذ حكومتنا قراراتها حسب (مصالحها) الشخصية .. وهنا أود أن أختتم مقالي بالقول محذراً من أن أي حكومة، وأي برلمان، وكتلة، وشخص، سواء أكان يؤمن بالمقبولية، أو يؤمن بالفاصولية، ستوقع، أو يوقع على قانون، أو قرار يتم فيه إطلاق سراح القتلة، ليعودوا الينا مرة ثانية، ويقتلوا أبناءنا وبناتنا، سيكون هذا التوقيع نهاية لوجودهم السياسي والأخلاقي، بل وحتى العشائري، وأن أي (عبادي) سيعفو عن طارق الهاشمي، واحمد العلواني، وكلاب الطائفية المجلوبة سيضع بهذا التوقيع نهاية لحياته السياسية.. واكرر السياسية وليس الشخصية.. وشتان ما بين من يوقع على إعدام طاغية بحجم طغيان صدام، ومن يوقع على أطلاق سراح مجرم قاتل بحجم طارق الهاشمي، واحمد العلواني !!
مقالات اخرى للكاتب