لم تقم ثورة أو انتفاضة إلا وكانت شعاراتها واضحة بسيطة، فهي احدى ضمانات نجاحها والتفاف الجماهير حولها، هكذا كانت الثورة الفرنسية في 14 تموز 1789، فكانت راية الثورة "الإخاء..الحرية.. المساواة"، وشعار "دعه يسافر" استهدافاً لنظام قنانة يربط الإنسان بالأرض خدمة للإقطاعيين. وكان على رأس شعارات ثورة اكتوبر 1917 "الخبز.. السلام.. العدالة".

تصدرت انتفاضة الشباب وبقية العراقيين مطالب محاربة الفساد، إشاعة قيم المواطنة وتجاوز الماضي بالمصالحة، معالجة جذرية لترهل اجهزة الدولة بالأخص المناصب العليا، سلم رواتب متوازن يضمن العدالة وتحديد رواتب وتقاعد الدرجات العليا وفق تجارب الديمقراطيات العريقة، عدالة توزيع الموارد على ارجاء الوطن، ترسيخ استقلالية القضاء وعدم التدخل بشؤونه، ضمان حرية الوصول للمعلومة ونشرها وحرية التعبير، وقانون احزاب يضمن فرص متساوية في التنافس وعدم استحواذ الحيتان على امكانات الدولة ومغرياتها للأستحواذ على الناخبين، ونظام انتخابي عادل يضمن تمثيل القوى الفتية، وإدارة كفوءة للدولة تشغل المؤسسات الإنتاجية الزراعية والصناعية المعطلة، وتأكيد ان تحقيق هذه المطالب هو القاعدة المادية لإقامة قوات مسلحة وأمنية مهنية تدحر داعش وتمنع اي انتهاك لسيادة العراق، بجانب دعم العلاقات الدولية بدبلوماسية رصينة تعي ميزان المصالح معيار اتجاهات العلاقات الدولية، مع اعمق الحرص على افضل العلاقات مع الجيران جميعاً، بالأخص الأمتين العربية والإسلامية.

وقد افلح التيار المدني الديمقراطي والقوى الإسلامية المتنورة في استنباط العديد من الشعارات القيمة التي تحث على نزاهة المسؤول والشفافية والمحاسبة وفق ما طرح السيد عبادي مستعيرا ما ذهب له الفريق الركن عبد الكريم قاسم بعد 14 تموز 58 "من اين لك هذا؟"، و"خبز..حرية..عدالة اجتماعيه"، و"خبز..حرية..دولة مدنية"، و"هذا الوطن ما نبيعه سنه وشيعه"، والحرص على التمييز بين سمو الدين واللصوص المتسترين به في "باسم الدين باكونا الحرامية"، و"سرقتم الأموال، سرقتم الأرواح، لن ندعكم تسرقون المستقبل".

من الضروري ان تكون هناك بوصلة يلتزم بها "صانعو" الشعارات وأية كتابات في سوح الأنتفاضة في العراق ضد الفساد والمنهزمين امام داعش والطموح في تحقيق فرص حياة لائقة، وان يرتقي وعينا إلى تخطي التطلع إلى الحكومة لـ"توظيف" الأيدي العاملة، بالأخص الشبان من الخريجين، المفروض ان نكون من الوعي للمطالبة بتوفير مستلزمات تشغيل اكثر من 600 مشروع حيوي عاطل، وتوفير بيئة تشجع القطاع الخاص المحلي على الأستثمار، فالتوظيف الحكومي يعني المزيد من اثقال الدولة بنفقات تشغيلية، في حين ان المطلوب هو انفاق استثماري كبير لتوفير فرص عمل حقيقية منتجة تؤدي إلى انتاج سلع صناعية وخدمات، بما يؤدي إلى زيادة الناتج الوطني ومداخليه، بالتالي ارتقاء حقيقي بالمستوى المعيشي والإجتماعي والثقافي للمواطنين.

من الضروري تكريس قيم اللجوء للقضاء المدني، وتجنب الشخصنة، سواء بالإدانة أو التمجيد، فكلاهما ضاران، احدهما يقود إلى مظالم، والأخر إلى المظالم نفسها بخلق من "يتفرعن".

أنها مسؤولية كبرى على عاتق نخبة الشبان الذين اشعلوا وهج الانتفاضة، وعليهم بالتضامن مع قوى البناء والتقدم، رسم مسار الانتفاضة نحو الإتجاهات المطلوبة وليس مجرد الحماس والكلمات القاسية.