منذ بدء حملتها الجوية على الساحة السورية في الثلاثين من ايلول 2015 استهـلت الطائرات الروسية بقصف كل من تنظيم القاعدة وأحرار الشام قبل ان تتدخل لمهاجمة داعش معللة ذلك ان تلك الضربات هي انذار لاجبار الاخرين على توضيح سياساتهم في محاربة الارهاب،وتوجيه رسالة الى تركيا التي يتدرب على اراضيها عناصر تنظيم احرار الشام حاليا ، والتأكيد على عدم استبعاد اية مجموعة ارهابية من القصف الروسي.

الحملة الجوية الروسية قد تنتهي بحلول شهر كانون الثاني المقبل ، كما اعلنت وزارة الدفاع الروسية ، وقد تمدد الى ابعد من هذا التاريخ،أي اذا لم تتمكن روسيا من القضاء على داعش من خلال القصف الجوي ، فانها قد تظطر للقيام بحملة برية .

الغارات الجوية على سوريا شهدت في يومها الثامن تطورا جديدا ينسجم مع ستراتيجية روسيا في معالجة الازمة السورية ،اذ استخدمت موسكو الاربعاء 7 تشرين الاول2015 صواريخ بعيدة المدى اطلقت من بحر قزوين ، وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شايغو ان اربع سفن حربية روسية تابعة للاسطول الروسي في بحر فزوين اطلقت 26 صاروخا مجنحا على مواقع تنظيم داعش في سوريا ،وافاد بيان لوزارة الدفاع الروسية ان الضربات الصاروخية شملت ايضا جبهة النصرة كونها تنظيما ارهابيا ،واضاف البيان ان الصواريخ اطلقت من مسافة 1500 كيلو متر ودمرت اكثر من 11 موقعا لداعش الذي يسيطر على معظم محافظتي الرقة ودير الزور واجزاء من حلب وحمص وحماه فضلا على مساحات في درعا وريف دمشق .

تحليق الطائرات الروسية فوق الاراضي التركية في الخامس من تشرين الاول 2015 وتحديدا فوق مدينة بايلاداغي الحدودية  في مقاطعة هاتاي التي لم تكن بعيدة عن ساحة العمليات بين الجيش السوري وقوات المعارضة او الفصائل الارهابية المتطرفة المتحالفة معها ولمرتين وليس مرة واحدة كان متعمدا،ولم يكن عن طريق الخظأ لما تمتلكه الطائرات الروسية الحديثة من تقنيات متطورة مثل التوجيه عن طريق الردار والمعدات الملاحية الحديثة عبر نظام التموضع العالمي وهو بمثابة تحذير لتركيا وارغامها على تغيير سياستها في سوريا ،

الضجة الاعلامية الغربية والخليجية بعد القصف الجوي الروسي ،لم يحجب ماهو أكثر أهمية للوثيقة الروسية التي وزعت على أعضاء مجلس الامن التي تتضمن مقترح بناء سلام اقليمي في شمال افريقيا والشرق الاوسط ،بعيدا عن معالجة أزمة سوريا لوحدها أو سوريا والعراق معا .ماتضمنته الوثيقة الروسية هو العودة الى القانون الدولي ،حيث أن روسيا تدين التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة ،واستخدام القوة من دون تفويض من مجلس الامن أو تزويد أطراف غير حكومية أومنظمات ارهابية متطرفة بالسلاح ،هذه المقترحات الروسية عرضها وزير خارجية روسيا على مجلس الامن بالتزامن مع القصف الجوي الروسي في سوريا الذي غير قواعد اللعبة في الشرق الاوسط وغير كل المعادلات،وزاد من هستيريا الغرب وامريكا ودول الخليج على حد سواء ،حيث وجهت روسيا تحذيرا شديد اللهجة الى دول الخليج عامة والسعودية وقطر خاصة حذرت من عواقب وخيمة في حال اقدمت هذه الدول تزويد المعارضة السورية او الفصائل الارهابية المتطرفة بصواريخ مضادة للطائرات ،فالسلطات الروسية تفسر القصف الجوي الروسي في سوريا تحت ذريعة محاربة الارهاب والفصائل المتشددة مسألة تتعلق بالامن القومي الروسي ،وينعكس ذلك بوضوح بالتعبئة الاعلامية  والسياسية لدعم هذا التدخل،حتى وصل الامر الى التطرق  للقصف الجوي الروسي في سوريا في النشرات الاخبارية في كافة القنوات الفضائية الحكومية الرسمية ،وبهذه الستراتيجية تحاول موسكو استعادة نفوذها في منطقة الشرق الاوسط.