نقولها و بكل مرارة بأن شبابنا يتعرض هذه الأيام إلى عملية غزو ثقافي فكري تجري حسب مخططات مدروسة و مبرمجة هدفها هو تدمير كل ما لدينا من ثقافة إسلامية عريقة و طرح بديل لها هو الثقافة الغربية المنزوعة من كل القيم و المبادئ و الأخلاق السامية. و لتحقيق اهدافهم المشبوهة ، يقوم الغرب بإثارة الشكوك و الشبهات في القيم الإسلامية و اظهارها و كأنها قيم بالية قديمة لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع. و بالمقابل يقوم بتقديم الثقافة الغربية إلى شبابنا المسلم و ترويجها عبر مختلف الوسائل و الوسائط الإعلامية و خاصة مواقع التواصل الإجتماعي و الأفلام و المسلسلات و الألعاب الالكترونية في محاولة دنيئة للتأثير على عقول و قلوب الشباب من خلال التأكيد على جانب العاطفة و الإغراء و غيرها من المؤثرات النفسية التي تعطل دور العقل و التفكير الإيجابي و ذلك لتخدير الشباب و جرهم إلى أجواء الانفلات و التحلل و تحويلهم إلى أشخاص متمردين على ثقافتهم الأصيلة ليصبحوا بعد ذلك من المنبطحين لثقافة الغرب بكل ما تحمله من سلبيات و مساوئ .
من هنا يمكن القول بأن الإنبطاح الثقافي الذي نشاهده و نلمس آثاره اليوم قد ساهم بشكل أو بآخر إلى طمس الثقافة الإسلامية لدى الكثير من الشباب و خلق في نفوسهم شعوراً بالنقص أو الضعف أمام اغراءات ثقافة الغرب المادية التي لا يمكن مقاومتها إلا بالتمسك بهويتنا و قيمنا الإسلامية المتينة . و الأسوأ من ذلك كله هو إن هولاء المنبطحون اصبحوا يدافعون عن الثقافة الغربية دون هوادة شاهرين سيوفهم على كل من ينتقد تلك الثقافة المنحطة لا بل ينالون من ثقافة و فكر الإسلام المحمدي الأصيل . يقولون بكل جهل و غباء و كأنهم ببغاوات تقلد ما تسمعه من أصوات بدون فهم أو تمييز : عندما تخلى الغرب عن الدين و قام بفصل الدين عن السياسة وصل إلى مستويات عالية من التطور و التقدم العلمي و الصناعي . و لكنهم نسوا أو تناسوا أن يتحدثوا عن الأزمة الأخلاقية التي يعاني منها الغرب منذ أمد بعيد و لا عن الأمراض النفسية و الإجتماعية التي تهدد الأفراد و المجتمعات الغربية بالموت و الإنهيار . و خير مثال على ذلك هو إزدياد نسبة الإنتحار لدى الشباب و تفشي ظاهرة الإدمان على الكحول و المخدرات و كثرة حالات الطلاق و العنف الأسري و إنتشار العلاقات الجنسية الغير شرعية بما في ذلك الشذوذ و غيرها من الأمراض و المشاكل الإجتماعية الخطيرة التي تفتك بالمجتمع و تهدد كيانه .
ألم يعلم هؤلاء المنبطحون بأنهم مخدوعون بالسراب الغربي الذي لا يمكن باية حال أن يتحول إلى ماء يروي عطش الظامئين . إذن ليس لهم إلا العودة إلى جذورهم و عاداتهم و تقاليدهم الأصيلة التي ينبغي أن تكون مصدر فخر لنا لأن ما نشاهده اليوم من تطور علمي و تكنولوجي ما هو إلا ثمرة من ثمار الحضارة الإسلامية التي القت ببذورها آنذاك في كل أصقاع الأرض إذ كان العلماء المسلمون يقدمون للعالم العلم و المعرفة في مجالات الطب و الرياضيات و الفلك و الفيزياء و الكيمياء و كل أنواع النظريات الفلسفية و المنطقية و التي قام الغرب بتطويرها عندما كنا منشغلين في صراعات عرقية و طائفية و سياسية أدت إلا تمزق مجتمعاتنا العربية و الإسلامية و اختلافها فيما بينها مما فسح المجال لأعدائنا أن يبدؤا غزوهم العسكري و الثقافي و الفكري من خلال سياسة فرق تسد أولاً ثم من خلال وسائل الإعلام السمعية و المرئية بما في ذلك الراديو و التلفزيون و الانترنيت.
إذن الخطر الحقيقي يكمن فيما يحيكه الغرب من مؤامرات تستهدف النيل من حضارتنا و هويتنا و ثقافتنا و ما علينا إلا التصدي و مجابهة هذا الخطر بسلاح الإيمان و التمسك بتعاليم ديننا الحنيف و أن نكون يداً واحدة و قلباً واحداً و فكراً واحداً و بذلك يستحيل على الأعداء إختراق صفوفنا و بث الفرقة و الإختلاف فيما بيننا . و قد تطرق الإمام الخميني (رض) إلى هذه المسألة حيث قال : (حين تتفرق أمة إلى طائفتين و مائة طائفة يعارض بعضها الأخر و تحكم فيها حكومة ليست منهم فلا تتوقع مثل هذه الامة النصر ، لا بد من العودة إلى تعاليم الإسلام التي أكدت على إن المؤمنين إخوة و أمرت بالإعتصام بحبل الله و بعدم التفرق و التنازع ، و لو إستجاب المسلمون لهذه الدعوة الالهية لتخلصوا من القوة الكبرى و من الحكومات الفاسدة ، لا يمكن أن يكون لنا حول أو قوة إلا اذا فكرنا تفكيرا إسلامياً و عملنا بالقران الكريم و انتهجنا تعاليم صدر الاسلام ) .
مقالات اخرى للكاتب