من دلائل عظمة أي فكر أو عقيدة هو الحوار مع المخالفين، لا القتل أو القمع والأعتقال مهما كان الخلاف عميقاً وجوهرياً، يقول سبحانه وتعالى (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن) وقد كان الأمام علي (ع) يعاني كثيراً من مضايقات الخوارج التي وصلت حد التشويش عليه وهو يصلي بالمسلمين في جامع الكوفة، ولم يكن ميالاً الى قمعهم أو قتالهم ألا أذا بدأوا هم بذلك، كما انه نهى عن قتالهم بعده بقوله ( لا تقتلوا الخوارج بعدي، فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأصابه، أو فأدركه) حدث ذلك بالرغم من الناس مازالوا حديثو عهد بالأسلام، فكيف بنا اليوم وقد ثبت الدين لانحتمل رأيناً مخالفاً ونقمع صاحبه ونزج به في السجن، كما حدث مع المفكر العراقي أحمد القبانجي الذي هو اليوم رهن الأعتقال في أيران بسبب أرائه الفكرية.
الخط الفاصل بين المفكر والمجرم هو إستخدام العنف في حسم الخلاف الفكري، من الطبيعي أن يختلف الناس، أن لايعتقد اليهودي بالمسيح، وأن لايصدق المسيحي محمداً (ص) وأن يختلف أتباع الأديان ويتفرقون الى مذاهب وفرق، كل ذلك يمكن أن يحدث، لامشكلة في الخلاف طالما بقي في إطاره السلمي، لابأس حتى في التكفير إن لم يجنح الى العنف، لماذا نحارب نحن والعالم كله معنا ضد القاعدة، ليس لأنها تختلف فكرياً معنا، بل لأنها تقتل الناس .. تقتل كل الناس الذين تختلف معهم فكرياً ولاتهتم أذا ما سقط حتى أفراد من أتباعها المدنيين، فهي تعتقد إنها تُسرع بارسالهم الى الجنة، هذا ليس بفكر .. هذا جرم مع سبق الأصرار والترصد، والذي يحمل مثل هذا النوع من الفكر الأجرامي، ينبغي أن يكون مكانه في السجن، وبخلاف هذا سيظل مجرما طليقا يهدد أرواح الأبرياء.
مثقفون عراقيون قد يتفقون أو يختلفون فكرياً مع السيد أحمد القبانجي، المهم أنهم ضد مبدأ الأعتقال بسبب الرأي، رفعوا بياناً الى الحكومة الأيرانية يطالبون بإطلاق سراح القبانجي فورا، كما انه لايجوز للسلطات الأيرانية أن تعتقل مواطناً عراقياً بسبب أفكاره، ربما من حقها أن تطلب منه مغادرة أراضيها، وناشد الموقعون الحكومة العراقية التدخل لدى الجانب الأيراني لأطلاق سراح القبانجي، لنتعلم من الأمام علي (ع) كيف كان يتعامل مع خصومه الدينيين والفكريين مثل الخوارج عندما كان يحاورهم ويجادلهم ويبعث لهم المحاورين اللامعين مثل أبن عبدالله أبن عباس (رض).
ونحن أذ ندعو الحكومة الأيرانية الى إطلاق سراح المفكر أحمد القبانجي فذلك لايعني أننا نتفق فكرياً معه، لكننا ضد مبدأ الأعتقال للأنسان بسبب أفكاره، لأننا في العراق نعيش في دولة مدنية دستورية تحترم حرية التعبير والرأي، وقد كان القبانجي في العراق ولم يتعرض له أحد، نطلب من وزارة الخارجية العراقية سرعة التدخل، نقول إطلقوا سراح أحمد القبانجي
مقالات اخرى للكاتب