تتّجه الأنظار كلها إلى مدينة الموصل العراقية – التي اغتصبها تنظيم داعش الارهابي في 10 حزيران 2014 بانتظار تحريرها من براثن هذا التنظيم الارهابي المتطرف .. وسط مؤشرات عديدة حول تبلور العديد من المخاطر و التعقيدات المحتملة التي يمكن أن تشكّل تحدياً كبيرا” في مرحلة ما بعد تنظيم داعش الارهابي ، وخاصة في مدينة الموصل التي يؤمل أن تكون محررة عندئذ، والتي هي بوتقة عرقية متفجرة تضمّ ما يقرب من مليون نسمة من مختلف الأعراق والمذاهب والاديان الأمر الذي سيشكّل اختباراً بنفس القدر من الأهمية للقيادات العراقية والكردية، وكذلك لحلفائهم الدوليين في تحقيق الاستقرار بعد انتهاء الصراع .
و من الضروري التفكير بعمق قبل إطلاق معركة تحرير الموصل، ذلك لأن هذه المدينة تشكّل بيئة لا مثيل لها في العراق . فمدينة الموصل بعيدة عن بغداد، جغرافياً وثقافياً على حد سواء. وتقع على بعد نحو من 400 كلم من شمال العاصمة بغداد وعلى بعد 260 كلم من أقرب القواعد العسكرية العراقية في مدينة بيجي . كما أن الموصل هي ثاني أكبر مدينة في العراق، ويزيد عدد سكانها عن مليون شخص بقليل، بينما تبلغ مساحتها نصف مساحة بغداد تقريبا” ، ولكن أكثر من ضعف مساحة البصرة، ثالث اكبر مدينة في العراق.
إلى جانب ذلك، تضم مدينة الموصل فسيفساءً من الأديان والأعراق . وقبل أن يسيطر عليها تنظيم (داعش) الارهابي في حزيران/يونيو 2014 كان 65 بالمئة من سكانها تقريباً من العرب السنّة، وذلك وفق نتائج الانتخابات، وربما تشمل الآن عدداً أكبر من السنّة بعد نزوح الأقليات غير السنية في الأيام الأولى من سيطرة عصابات داعش على المدينة. ولطالما اعتبر الأكراد والتركمان والآشوريون ومجموعة كبيرة من الأقليات العرقية والدينية الأخرى الموصل ديارهم، ولكن ربما أنهم يشكلون اليوم أقل بكثير من ربع سكان هذه المدينة.
ومن المتوقع أن عملية تحرير الموصل ستنفذ في وقت لا يزال معظم السكان المدنيين فيها باقين في أماكنهم. فخلافاً لما حدث في مدينتي الفلوجة وتكريت التي سيطرت عليها عصابات داعش الارهابية ، عملت عصابات داعش بنشاط على ضمان إبقاء معظم سكان الموصل محاصرين داخل المدينة. وقد فُرض “نظام كفالة” يلزم كل من يغادر المدينة بتحديد ثلاث رهائن تتم معاقبتهم إذا لم يعد إلى المدينة. ونظراً إلى هذه العوامل، فإن تحرير الموصل يطرح تحدياً فريداً من نوعه بالنسبة للحكومة العراقية وحكومة اقليم كردستان وشركائهما الدوليين.
البعد الجغرافي
تقع محافظة نينوى في الجزء الشمالي الغربي من العراق تحدها من الغرب سوريا، تبلغ مساحتها 32308 كم مربع ، ومركزها مدينة الموصل التي تعد ثاني أكبر مدن العراق وتبعد عن بغداد نحو 400 كم. عدد سكان محافظة نينوى حاليا 4 ملايين ونصف المليون نسمة. يقطن نصفهم تقريبا في مدينة الموصل بينما يتوزع آخرون على ضفتي نهر دجلة.
وتتمتع محافظة نينوى بظروف مناخية ممتازة حيث تنفرد من بين محافظات العراق بطول فصليها الربيع والخريف حتى سميت بأم الربعين. يختلف مناخ المحافظة باختلاف تضاريسها السطحية تتراوح درجات الحرارة في فصل الشتاء عموما” بين (-5 الى +8) وفي الصيف بين (40 مْ – 50مْ). ويخترق نهر دجلة محافظة نينوى بشكل متموج من الشمال إلى الجنوب ويقسمها إلى قسمين متساويين تقريبا” جانب أيسر وجانب أيمن وتقسم تضاريس محافظة نينوى إلى ثلاثة اقسام:المنطقة الجبلية والتلال والمنطقة المتموجة والهضاب. اهم المدن في محافظة نينوى هي الموصل و البعاج و ربيعة والقيارة و حمام العليل و سنجار .
وتتميز محافظة نينوى بتنوعها السكاني. فبجانب العرب السنة الذين يمثلون الأغلبية في مدينة الموصل وقضائي البعاج والحضر ويشكلون نسبة 95 بالمئة من سكان محافظة نينوى البالغ 4 ملايين ونصف، يشكل المسيحيون نسبة طفيفة وينتشرون في بعض القرى في سهل نينوى شرقي نهر دجلة وخاصة قضائي الحمدانية (من السريان) وتلكيف (من كلدانية). كما يوجدا اقلية اليزيديون في مدينة سنجار والشيخان. بينما ينتشر التركمان في تلعفر والأكراد في عقرة. يذكر إحصاء أجرته السلطات قبل إبريل/نيسان عام 1920م أن مجموع سكان لواء الموصل (محافظة نينوى ودهوك وأجزاء من اربيل وصلاح الدين حالياً) كان 350 ألف و 378 نسمة.
الأهمية السوّقية للموصل
لا بد من التفكير بعمق قبل إطلاق المعركة التي تلوح في الأفق لإعادة السيطرة على الموصل، ذلك لأن هذه المدينة تشكّل بيئة لا مثيل لها في العراق . فمدينة الموصل بعيدة عن بغداد، جغرافياً وثقافياً على حد سواء . وتقع على بعد 530 كلم من العاصمة و250 كلم شمالاً من أقرب القواعد العسكرية العراقية في مدينة بيجي، موقع الجيش العراقي المؤقت في الشمال. تكمن أهمية الموصل في عنصرين، سوّقي ومعنوي. وينصرف المعنوي إلى أن الموصل ثاني أكبر مدينة عراقية، وهي مدينة تاريخية قديمة كانت عاصمة للدولة الآشورية ، وتحوي الكثير من المعالم التاريخية ذات البعد الحضاري والديني ليس فقط للمسلمين بل للمسيحيين ايضا”. ويزيد عدد سكان الموصل عن مليون شخص بقليل، بينما تبلغ مساحتها حوالي نصف مساحة بغداد ولكن أكثر من ضعف مساحة البصرة . إلى جانب ذلك، تضم مدينة الموصل فسيفساءً من الأديان والأعراق. وقبل أن يسيطر عليها تنظيم داعش الارهابي في حزيران/يونيو 2014 كان 65 بالمائة من سكانها تقريباً من العرب السنّة، وذلك وفق نتائج الانتخابات، وربما تشمل الآن عدداً أكبر من السنّة بعد نزوح الأقليات غير السنية في الأيام الأولى من سيطرة «داعش» على المدينة. ولطالما اعتبر الأكراد والتركمان والآشوريون ومجموعة كبيرة من الأقليات العرقية والدينية الأخرى الموصل ديارهم، ولكن ربما أنهم يشكلون اليوم أقل بكثير من ربع سكان هذه المدينة.
معضلة السكان المدنيين
ستهاجم القوات المسلحة العراقية والقوات المتعاونة معها مدينة لا يزال معظم السكان المدنيين فيها باقين في أماكنهم. فخلافاً لما حدث في مدينتي الفلوجة وتكريت التي سيطر عليها تنظيم داعش الارهابي، فقد عمل داعش بنشاط على ضمان إبقاء معظم سكان الموصل محاصرين داخل المدينة. وقد فُرض “نظام كفالة” يلزم كل من يغادر المدينة بتحديد ثلاث رهائن تتم معاقبتهم إذا لم يعد إلى المدينة. وعلى الرغم من اعلان قيادة عمليات تحرير نينوى عن فتح 13 ممرا” ومعبرا” لإخلاء المدنيين من مدينة الموصل ، فإن تحرير الموصل يطرح تحدياً فريداً من نوعه بالنسبة للقوات المسلحة العراقية ومن سيشاركها في عملية تحرير الموصل ، من أجل التوصل إلى سبيل لضمان أمن وسلامة المدنيين في الموصل.وبنفس القدر من الأهمية، فان المعطيات السياسية المحلية والدولية تضغط باتجاه عدم تمكين الحكومة العراقية من اللجوء إلى صيغتها الاعتيادية القائمة على الاعتماد على تشكيلات (قوات الحشد الشعبي) ذات الغالبية لاستعادة الموصل التي رحب سكانها في البداية بخروج قوات الأمن العراقية في حزيران/ يونيو 2014 بسبب الحساسيات الطائفية . ومن الجدير بالذكر أن القوات الكردية(البيشمركة) سوف لن تكون هي ايضا” موضع ترحيب ، لاسيما في الجانب الغربي من الموصل .
داعش وادارة المعركة الدفاعية
في سياق ادارته لمعركته الدفاعية سيسعى تنظيم داعش الارهابي الى النيل من معنويات القوات المسلحة العراقية والقوات المتجحفلة معها والتأثير عليها من خلال الهجمات المنسقة بالعجلات المفخخة والحرب النفسية المدعومة من وسائل الاعلام محلية واقليمية وبث الشائعات ، مستغلا” الدلائل التي لازالت تشير إلى وجود تباين واضح في وجهات النظر ضمن القيادات المتعاونة مع الحكومة العراقية سواء ضمن الحشد الشعبي أو البيشمركة ، وكذلك ضمن مجتمع الموصل المحلي .
1.قوات تنظيم داعش في الموصل : بحسب المعلومات الاستخبارية المتيسرة فان قوات تنظيم داعش الارهابي في منطقة الموصل تتألف من 6000 الى 8000مقاتل اجنبي اضافة الى 8000 الى 10000 مقاتل عراقي)مسلحين برشاشات خفيفة ومتوسطة وثقيلة وقاذفات RBG7 وهاونات60- 82ن 120 ملم ومدافع ميـــــدان وما يقارب 16-20 دبابة ، بالإضافة الى عشرات المدرعات والهمرات وصواريخ كاتيوشا وصواريخ م/ط محمولة على الكتف ومدافع م/ط(57 ملم و23 ملم) .
2.الانفتاحات التعبوية:
أ.الانفتاحات داخل الموصل : سيدافع تنظيم داعش الارهابي (على) الموصل من خلال توزيع عصاباته داخل مدينة الموصل وحولها في بؤر وعقد دفاعية محصنة تحوي كل منها على 20 الى 50 عنصر .. و تتخذ من مقرات الجيش والشرطة وبعض المباني الحكومية مقرات وعقد دفاعية داخل مدينة الموصل مثل مقر فق3 ومقر فوج جهاز مكافحة الارهاب ودائرة المحاربين في وسط الموصل . كما تتوزع العقد والبؤر الدفاعية لعصابات داعش في مناطق الغابات والقبة ومنطقة الفيصلية وحي عدن ووادي حجر . ب.الانفتاحات خارج مدينة الموصل : سيدافع تنظيم داعش (عن) مدينة الموصل من خلال انفتاح و توزيع عصاباته في المدن والقرى والتجمعات السكانية حول مدينة الموصل لتعويق تقدم واستنزاف زخم هجوم وتقدم القوات المسلحة العراقية والقوات المتعاونة معها (البيشمركة والحشد الشعبي والعشائر) حيث تفيد المعلومات الاستخبارية أن أهم هذه المواقع الدفاعية تقع في المناطق التالية:
1 – ناحية القيارة ( مقاتلين مدعومين بآليات وعجلات مفخخة وخطوط من العبوات الناسفة).
2 – ناحية حمام العليل ( مقاتلين مدعومين بآليات وعجلات مفخخة وخطوط من العبوات الناسفة).
3 – ناحية الشورة (تجمع لعصابات داعش).
4 – الرمانة (تجمع لعصابات داعش).
5 – قرية الزاوية(راجمات صواريخ كاتيوشا ومدافع ميدان).
6 – قضاء تلعفر ( مقر لكتيبة حذيفة بن اليمان) في منطقة مطار تلعفر بالإضافة الى عجلات مفخخة وخطوط من العبوات الناسفة والالغام الارضية) و400 الى 600مقـــــــاتل في داخل القضاء .
7- قرية قصر المحراب (مقر كتيبة الصديق) .
– 8ناحية العياضية (تجمع لعناصر داعش) .
-9قضاء الحمدانية ويتضمن تجمعات لعناصر داعش مدعومين بآليات ودروع وعجلات مفخخة في ناحية بعشيقة وناحية تلكيف.
10- قرية الزنازل رعيل مدفعية ميدان وتجمع لعدد من عناصر داعش.
3. التحليل : من خلال المعارك السابقة التي خاضتها القوات المسلحة العراقية ضد تنظيم داعش الارهابي وخبرتها المكتسبة حول اساليب قتال هذا التنظيم وردود فعله المحتملة ! لذلك لابد من تفعيل العمل الاستخباري واجراء تقدير موقف استخبارات للوقوف على مسالك العدو المحتملة في ادارة معركته الدفاعية عن وعلى مدينة الموصل ! ومن خلال الدروس المستنبطة من معارك محافظتي الانبار وصلاح الدين ، ومعارك تحرير تكريت والرمادي ، فان داعش سيلجأ بين حين وآخر إلى شن تعرضات وهجمات استباقية بقوات آلية وراجلة وباستخدام الهجمات المنسقة بالعجلات المفخخة ، يكون هدفها إثبات الذات بالوجود في مناطق ترى فيها أهدافاً ذات أهمية استراتيجية ومعنوية بالنسبة لها ، بالإضافة الى استنزاف القوات المسلحة العراقية استباقيا” ، في كل مرة، تبدو هنالك مؤشرات على عمل تعرضي للقوات المسلحة العراقية ، فيكون هدف الهجوم أو التعرض الاستباقي لداعش هو إجهاض العمل التعرضي الذي تنوي القوات المسلحة العراقية القيام به ، من خلال استنزاف و تدمير القوات التي خصصت للقيام به.
ومن الجدير بالذكر إن 57% من مقاتلي تنظيم داعش عراقيون الذين يطلق عليهم (الانصار)، لكنهم يفتقدون الى ارادة القتال ، ومن المحتمل جدا” أن يفروا حينما تدخل القوات العراقية المدينة . الا أن المشكلة في (المهاجرون) الذين يشكلون43 بالمئة وهم مقاتلون أجانب ملقنون عقائديا، يائسون، ولا مفر أمامهم.. ومن المحتمل جدا” أن يقوم تنظيم داعش بإدارة معركته الدفاعية في الموصل عن طرق مجموعات متنقلة، لتقليص الخسائر بأرواح مقاتليها من القصف الجوي الذي ستقوم به القوة الجوية العراقية وطيران التحالف الدولي. ويضع داعش في حسابه انه سيكون مرغم للانسحاب من مدينة الموصل. ولذلك تم نقل الاغلبية العظمى من اعضاء ما يسمى بـ”مجلس الشورى” الى خارج المدينة حيث توجد ملاجئ تحت الارض. وتجدر الاشارة الى سحب داعش بشكل مخطط فصائله من منطقة الحدود السورية ـ التركية وإعادة نشرها الجزئي في العراق باتجاه محافظة نينوى ، ومدينة الموصل بالذات . استنادا لما سبق مناقشته فان استعادة السيطرة على الموصل وتحقيق الاستقرار الأساسي فيها ستكون عملية أطول مدى وأكثر تعقيداً مما هو متوقع . ولن يكون الأمر سهلاً، وقد لا يتم بسرعة، ولكن استعادة السيطرة على الموصل هي مسعى يستحق العمل من أجل تحقيقه، ويستحق تحقيقه بالطريقة الصحيحة. لقد كانت قبضة «داعش» المسيطرة على ثاني أكبر مدينة في العراق تشكل رمزاً لنجاح التنظيم. وبالتالي، قد تكون معركة الموصل المعركة الوحيدة في العراق التي يمكن أن تثبت بشكل حاسم أن تنظيم داعش الإرهابي عبارة عن قضية خاسرة.
مرحلة الاستحضارات والتحشد
بتاريخ 19 شباط/ فبراير 2015 كشفت القيادة المركزية الأمريكية ، عن الاستعدادات والاستحضارات التي تتخذ بالتنسيق مع القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية من أجل تحرير الموصل من تنظيم داعش الارهابي .
وبتاريخ 13/4/ 2015 عين قائد عمليات نينوى اللواء الركن نجم عبد الله الجبوري في سياق الاستعدادات الجارية لمعركة تحرير نينوى.
كما تم للفترة من 28 الى 29 نيسان 2015 عقد اجتماعات في اربيل بين وزارات الدفاع والداخلية ووزارة البيشمركة لتأسيس وفتح غرفة عمليات مشتركة لتحرير محافظة نينوى ومدينة الموصل بالذات .
وستتألف القوات المكلفة بعمليات تحرير مدينة الموصل ، من خمسة ألوية من الجيش العراقي، وثلاثة ألوية أصغر من قوات البيشمركة الكردية – وهي قوات تضم ما بين 2000 و 5000 جندي في كل لواء ، بالإضافة الى ألوية من الشرطة الاتحادية والمحلية ، لأغراض الدعم والاسناد و سيتم نشر قوات من أهالي الموصل يجري اعدادها وتدريبها وتسليحها في معسكر التحرير في اقليم كردستان ، لغرض مسك الارض و كقوة لفرض الاستقرار.
وقد شرعت القوات المخصصة والملحقة بقيادة عمليات تحرير نينوى بالتقدم للتحشد قرب محاور القتال المتوقعة في ساحة المعركة ، حيث شرعت طلائع فرقة المشاة الخامسة عشر بالتموضع جنوب قضاء مخمور وذلك في الاسبوع الاول من شهر شباط 2016 وذلك بعد أعلن قائد عمليات تحرير نينوى اللواء الركن نجم الجبوري عن انتهاء مرحلة التدريب والاعداد والتجهيز للقوات المكلفة بتحرير محافظة نينوى وشروعها بالتقرب والتموضع في محاور ساحة المعركة مع شروع القادة وهيئات الركن بعمليات الاستطلاع الميداني لقواطع العمليات كل حسب المحور المخصص له.
اقتحام مدينة الموصل
في ظل ظروف مثلى ومع تخطيط ذكي، فإن القوة المخطط لها شن الهجوم تشمل 20 إلى 25 ألف جندي قد تكون كبيرة بما يكفي لاقتحام وتحرير الموصل . وسيتم تقديم الاسناد الجوي لقوة الهجوم من قبل القوة الجوية العراقية وطيران الجيش وطيران التحالف الدولي ..
إن العدد المتغير من المهام والواجبات العسكرية التي ستواجهها قوات التحرير من شأنها أن تمتص زخم تقدم وهجوم القوة وقد تؤدي الى انهاكها بسرعة خصوصا” وأن مدينة المواصل مترامية الاطراف و ستحتاج قوات أمن داخلي كبيرة تكون مسؤولة عن نصب سيطرات تفتيش وكمائن و تفتيش وإخلاء المباني التي قد يفخخها او يختبئ بها داعش وإعادة الاستقرار والخدمات. وبالتالي فإن احتمالية عودة تنظيم داعش الارهابي إلى الموصل قد تكون احتمال وارد ينبغي الانتباه له والاهتمام بوضع الخطط والتدابير الضرورية لمواجهته قبل الشروع بالهجوم واقتحام المدينة.
ولعل منهجية اعتماد قوة تهدئة موثوقة بحد ذاتها تكون سبباً لانهيار قبضة تنظيم داعش على المدينة. وفي أفضل الحالات، يمكن لشبكات المقاتلين والمجتمع المستترة في الموصل أن تبدأ بالانقلاب ضد داعش ، وبإغلاق مناطقها والبقاء خارج إطار المعركة. وربما يبالغ تنظيم داعش الارهابي في رد فعله ويسرّع من زواله من خلال أعمال وحشية تثير رفضاً لوجوده وتَحوّل من جانب إلى جانب من قبل اهالي الموصل… ويمكن تسريع أي من هذه الاحتمالات من خلال القيام بعمليات نفسية مدعومة من قبل قوات التحالف الدولي ، تتولى السيطرة على نظام الهاتف الخلوي وتسمح بالتواصل مع الجمهور بشكل مباشر مع استخدام مخطط له لوسائل التواصل الاجتماعي . ومن شأن القوة المهاجمة أن تُخدم بشكل جيد من خلال الاستيلاء بشكل انتقائي على مواقع رمزية مثل مطار الموصل، ومعسكر الغزلاني العسكري المجاور، وحتى جسور نهر دجلة.
ويعتبر استخدام النيران في المعارك التقليدية الحديثة هو الأساس، ويتوقف النجاح التكتيكي كثيرا على التخطيط الدقيق للنيران واختيار الاهداف وفق المعلومات الاستخبارية الدقيقة ، مع مراعاة الدقة والقدرة على تحشيد الفوهات النارية المطلوبة لمعالجة الاهداف المعادية في كل محور من محاور الهجوم . و لكي نجني الثمرة المرجوة من القصف المدفعي والصاروخي والجوي لابد أن نحرم العدو من الوقت الكافي والاستعداد المناسب لمواجهة التخطيط النيراني المعد ولن يتحقق هذا إلا بمفاجأته بالنيران.
ان النقطة الاساسية والمهمة التي خرجنا بها من الدروس المستنبطة من معارك تحرير صلاح الدين والانبار هي ضرورة تأمين الدعم اللوجستي للقائد الميداني وخاصة من الذخيرة والعتاد ووضع الخطط المسبقة لاستمرار تدفق الذخيرة والعتاد الى الوحدات والتشكيلات المقاتلة ، بما يؤمن ادامة زخم المعركة.
استنادا” لذلك فان التنسيق المسبق والتعاون الفعال مع طيران التحالف الدولي سيكون ذا فائدة كبيرة في توجيه ضربات جوية مؤثرة ضد تجمعات ومقرات القيادة والسيطرة وطرق الامداد والدعم اللوجستي لعصابات داعش الارهابي غرب الوصل باتجاه بادوش وتلعفر والبعاج .
دور التحالف الدولي
لاشك ان معركة تحرير الانبار والموصل ستكون معركة صعبة وطويلة الامر الذي يتطلب زيادة الدعم المقدم من قبل التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية للحرب ضد داعش الارهابي وخصوصا” في المجالات التالية :-
1.توسيع الدعم الاستخباري والاستطلاع الميداني بمختلف وسائل الرصد والتحسس المتطورة.
2.زيادة عدد الفرق التدريبية والاستشارية العسكرية الأمريكية والغربية العاملة مع وحدات وتشكيلات القوات المسلحة العراقية وقوات البيشمركة .
3.زيادة عدد منسقي الاسناد الجوي القريب .
4.زيادة عدد الخبراء في الهندسة العسكرية بهدف التعامل مع الألغام والعبوات الناسفة والعجلات المفخخة.
5.تولى طيران التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، ضرب القشرة القوية المدافعة عن الموصل بقنابل العصف، والقنابل الارتجاجية لفتح الثغرات والممرات لاندفاع قوات الهجوم العراقية لاقتحام المدينة وتحريرها.
الخاتمة
نظراً إلى طبيعة تنظيم داعش الارهابي، والمعاضل الجمة التي تواجه النظام السياسي العراقي الذي يعاني الكثير من التجاذبات والتناقضات بين اطراف العملية السياسة القائمة في العراق بالإضافة الى المخاطر الأخرى التي تهدد الأمن الوطني العراقي والتي يتعين على الحكومة العراقية اليوم أن تواجهها بشكل متزامن، فان تنظيم داعش الارهابي سيحاول مواصلة عملياته غير المتجانسة ضد القوات المسلحة العراقية والحشد الشعبي والاهداف الحيوية في العراق، وسيسعى إلى توسيع قاعدة دعمه بين أقلية من المخدوعين في المجتمع العراقي، وسيستغل الانقسام السني -الشيعي ليظهر بدور البطل المزعوم للطرف السني الذي يمثل المجتمع في مدينة الموصل ركنا مهما” واساسيا” منه .. لذلك فان عمليات التعرض والهجوم التي ستستهدف تحرير كافة الاراضي العراقية من تنظيم داعش الارهابي ومن ضمنها مدينة الموصل لابد أن تتكلل بالنجاح حين تبدأ، من أجل الحفاظ على زخم الانتصار على التنظيم الارهابي الذي بدأ في جرف الصخر و “سد الموصل” ولوحظت بوادره في أماكن أخرى، من مصفاة بيجي إلى سد حديثة وديالى والضلوعية والعلم والدور وتكريت واخيرا” تحرير الرمادي .
ولاشك ان هزيمة (داعش) ستعتمد على التطورات السياسية في العراق خصوصا” فيما يتعلق بالأداء الحكومي البعيد عن الطائفية ، خصوصا” اذا ما استوعبنا أن تحرير محافظة نينوى وحل الازمة فيها لا يمكن ان يقع فقط على عاتق القوات المسلحة العراقية و على وحدات البيشمركة الكردية وبالتأكيد ليس على عاتق الحشد الشعبي. فهذه الجهود تستلزم مشاركة بين أطراف داعمة محلية من اهالي محافظة نينوى انفسهم فهم أدرى بشعابها ، وقوات عسكرية عراقية نظامية ومنضبطة خالية من النزعات الطائفية، ومصحوبةً بتواصل سياسي بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان والقوى العشائرية في المحافظة.
مقالات اخرى للكاتب