بقلم: البروفيسورة سالي فيليبس Prof Sally Phillips (جامعة كولورادو الأمريكية)
تطرح البروفيسورة سالي في هذه المقالة تساؤلات عن جدوى ألتحاق الطلبة بالكليات والجامعات بسبب وجود معظم الكتب والدوريات العلمية على شبكة الأنترنت ولأن ملفات المعلومات التفاعلية توفر لنا النصوص والصوت والصور الأيضاحية. وبمقدور أي شخص أن يحصل على المعلومات في أي وقت يشاء من خلال المصادر والقنوات الأخبارية أو البريد الألكتروني. وتجيب البروفيسورة سالي على تساؤلاتها: (يواصل الطلبة التسجيل في الجامعات بسبب جود الأساتذة فيها).
ويمارس أعضاء هيئة التدريس في الجامعة مهام عملهم بأعتبارهم نماذج يحتذى بها وأصحاب مشورة مخلصين يوجهون طلبتهم عبر رحلة طويلة مدى الحياة قوامها النمو والتعلم. أن أعضاء هيئة التدريس في الجامعة لابد أن يتحلوا بالصفات الأربعة الآتي ذكرها لضمان أداء دور فعال ومؤثر:
• أولا، ينبغي أن يكون المدرسون كفوئين من خلال مواكبة طرق التدريس المستخدمة والمادة الدراسية التي يدرسونها للطلبة. وأذا أطلقنا على المدرس المقتدر صفة (المتعلم الخبير) فأنه يمكن النظر الى الطلبة بأعتبارهم متعلمين (ناشئين). وبفضل الجهد الذي يبذله المدرس المتمكن يمكن للطلبة أن يكونوا مهنيين بالمعنى الواسع لهذا التعبير من خلال أشراكهم بنشاطات متنوعة في المجالات الحرفية والقانونية والأخلاقية والسياسية ذات الصلة بالموضوع الذي يدرسونه. ونقصد بمفردة (محترفون) هنا أولئك الأشخاص الذين يواصلون الأهتمام بموضوع أختصاصهم حتى بعد أنتهاء الفترة الزمنية المحددة لدراستهم. والمدرسون الناجحون يشجعون طلبتهم على مواصلة التعلم الفعال لأن المشاريع الفعالة خارج أطار المحاضرات تزرع الحماس والدافعية لدى الطلبة لمواصلة عملية التعلم خارج حدود الصف الدراسي.
• ثانيا، لابد أن يكون المدرسون الناجحون مبدعين. ورغم أن وسائل الأعلام أستقطبت أهتمام معظم الطلبة ألا أنهم أصبحوا مبدعين في أستخدام التكنولوجيا. والمدرسون أنفسهم يمكنهم تطويرعملهم من خلال الحماسة والأبداع فعلى سبيل المثال ينبغي تدريس أية مادة دراسية بشكل مغاير تماما عن تدريسها في السنة السابقة. ولابد من أيلاء أهتمام خاص للتعليم التبادلي reciprocal learning حيث يتحمل الطلبة مسؤولية شخصية عن تعلمهم. وتعتبر دراسات الحالة case studies من الوسائل الناجحة لأعانة كل من المدرسين والطلبة بالأبتعاد عن التعليم السلبي. وفي العلوم ذات الصلة بالأشعاع النووي تمثل مثل هذه الدراسات أداة تعليم ممتازة تتراوح بين جلسات فحص الأفلام وتحليلها وتقديم العروض الفخمة التي تشكل جزءا من جلسات حل المشاكل السريرية. أضف الى ذلك يعمل المدرس المبدع على تشجيع توسيع آفاق التفكير ففي حقل تقني مثل الرعاية الصحية لابد أن ينصب أهتمام المدرسين على أمور تتجاوز آفاق معرفة الطلبة فعليهم الأهتمام بمعتقدات الطلبة والقيم التي يؤمنون بها وكذلك علاقاتهم. ولابد من التنويه الى ضرورة جلب كتب وأفلام ومقالات تتناول الرعاية الصحية الى قاعة الدرس ليتسنى للطلبة التفكير في مجالات أخرى ذات صلة بالجوانب الطبيعية للدواء وكذلك دراسة الجوانب الأنسانية الأوسع.
• الصفة الثالثة للمدرس الناجح هي قدرته على التعاون مع الطلبة والتعامل معهم بأعتبارهم شركاء. ويتوقع المتعلمون تعامل مدرسيهم معهم بأعتبارهم أشخاصا ناضجين؛ وحين يتعاملون مع الموظفين أو أصحاب المصارف أو العاملين الآخرين معهم فأنهم يتوقعون أيضا علاقة متبادلة تستند الى المدرسين والمتعلمين الذين يرتبطون بشراكة يستفيدون من بيئة التعليم التشاركي. وتشمل الأساليب التعاونية في البيئة التعليمية مايأتي:
1. تطوير (عقود تعليمية) تضمن وجود حصة للطلبة في تطوير المادة الدراسية.
2. تقرير طرق التدريس التي تعزز عملية تعلم الطالب.
3. أستخدام العصف الذهني في تناول طرق التقييم.
4. تأسيس أتفاق متبادل حول السلوك والتوقعات لكل من الطلبة والمدرس.
• وتعتبر الصفة الرابعة الأكثر أهمية وتتعلق بالأهتمام الذي يوليه المدرس لطلبته حيث أن أية علاقة أنسانية سواء كانت بين الزوج والزوجة أو العامل والمشرف على العمل أو المريض ومن يتولى تقديم الرعاية الصحية أو المدرس والطالب تتطلب تفاعلات أجتماعية تنم عن الأهتمام. وفي ظل غياب مثل تلك التفاعلات فأن الطلبة سوف يسعون لأبتداعها. لذا فأن التعلم لايمكن أن يحقق أهدافه الا نادرا مالم يبدي المدرس أهتمامه ورعايته بصرف النظر عن كفاءته وأبداعه وتعاونه. والأهتمام في جزء منه يتمثل في زرع الثقة والحفاظ عليها. وتبنى هذه الثقة في أحدى مظاهرها من خلال أتاحة الفرصة أمام الطلبة لمعرفة مدرسيهم. في هذا الشأن يسعى المدرسون لتبادل الأفكار مع الطلبة مما يتاح لهم أيصال خبراتهم ومعرفتهم الى الطلبة. كما أن عملية التفاعل وأتاحة الفرص أمام الطلبة داخل قاعة الدرس تعتبر وسيلة فعالة تجعلهم يدركون بأنهم مقيّمون ومحترمون ومحط ثقة أساتذتهم. والوسيلة الأخرى التي تعبر عن الأهتمام وتحسن التفاعلات داخل قاعة الدرس تتمثل في التواصل مع المهنيين أو الخبراء عبر شبكة الأنترنت حيث يعمل المدرسون على تعريف طلبتهم بالخبراء وتشجيعهم على المشاركة في المنتديات والفعاليات المهنية وكذلك دفعهم على التواصل فيما بينهم.
لقد كان الطلبة حتى فترة قريبة يحصلون على المعلومات من خلال المدرسين أو أحدى مؤسسات التعليم العالي، غير أن الوضع تغير في وقتنا الحالي حيث ساعدت الحاسبات الآلية على فتح الآفاق للجميع وبشكل مذهل أدى الى تغيير وظيفة المدرس وأن مهمة المدرس اليوم ينبغي أن تتجسد في مساعدة الطلبة وتوجيههم في ضوء سعيهم الشخصي لأكتشاف المعلومات وتركيبها. وبهدف بلوغ مثل هذه الغاية يتعين على المدرسين التقيد بالخطوات الأربعة التي نوهنا أليها آنفا.
مقالات اخرى للكاتب