القلب عضلة ذات أربعة تجاويف , تتقلص وتنبسط بلا توقف , لأن ذلك يعني خاتمة الوجود الحي فوق التراب.
وهي مزودة بشرايين وأوردة , متصلة بالشرايين الكبرى والأوردة العظمى التي تتعاون في نقل الدم ماين القلب والرئتين , لتفريغه وتعبئته بالأوكسجين.
وتصاب العضلة القلبية بآفات مرضية , يتسبب بها إنسداد الأوردة (التاجية) التي تغذيها وتحافظ على ديمومة حركتها.
وفقد تتضيق الشرايين , فتتسبب بآلام صدرية متنوعة ومنتقلة لأجزاء أخرى من الجسم , وذلك لعدم كفايتها لتزويد العضلة القلبية بالدم.
أو تنسد بالكامل وتمنع الدم عنها , فتجوع وتموت , أو تتلف , فتتسبب بحالات خطيرة تستدعي المداخلات الفورية لإنقاذ حياة المصاب بها.
فيشعر المصاب بألم في الصدر ينتقل للذراعين أو الظهر , ويتملكه الخوف من الموت الوشيك , ويشعر بالغثيان وضيق التنفس , وهبوط حاد في الدورة الدموية.
فتراه شاحبا متعرقا ومتحسسا لإضطرابات دقات قلبه الموجوع.
ويحتاج المريض لتخطيط القلب وفحوصات دموية لقياس الأنزيمات والبروتينات في بلازما الدم والناجمة عن إصابة العضلة القلبية , وصور شعاعية للصدر , وتصوير القلب بالصدى , وفحوصات أخرى متنوعة لتحديد مواضع الإنسداد الشرياني , وتقرير نوع التداخلات الفورية اللازمة لإعادة جريان الدم وإنقاذ عضلة القلب من الموت.
ويُعطى المريض المسكنات والأسبرين ومحللات الخثرة الدموية والمميعات لها , ومركبات بيتا والنترات , وغيرها من العلاجات والتداخلات اللازمة وفقا لحالة المريض ودرجة الإصابة ومضاعفاتها والتداعيات الأخرى الناجمة عنها.
وقد تحصل إضطرابات متنوعة في دقات القلب , كالرجفان البطيني والأذيني وبطء القلب , وغيرها من مضاعفات الخفقان.
كما أن تروية العضلة قد تضعف , وتحصل أحيانا إلتهابات في أغشية القلب الخارجية , وربما تصاب صمّامات القلب بأضرار فادحة , وقد تنطلق خثرة دموية وتصيب الدماغ , وقد تتعطل قدرات القلب على العمل المطلوب.
والمصاب بإحتشاء العضلة القلبية عليه أن يغير نظام حياته بالكامل , فلابد له من الحمية والحركة المنظمة وعدم التدخين , وأن يتناول الأدوية اللازمة لمساعدة القلب على العمل.
ويبدو أن لحبة الأسبرين دور مهم في صحة القلب.
ومن الواضح أن العديد من الأسباب والعوامل تساهم في قتل القلب البشري , أو إنتحاره وذلك بأن أحد الشرايين التاجية يمتنع عن إروائه بالدم الذي يحتاجه للحفاظ على حيويته وسلامته.
والعديد من الدراسات تبيّن أن هناك علاقة ما بين الإكتئاب والتوتر النفسي والإصابة بأمراض القلب بأنواعها.
ويُنصح الناس بالعناية بقلوبهم , وذلك بمراقبة طعامهم والإقلال من الدهون والمحافظة على وزن معقول , والقيام بالتمارين الرياضية , وخصوصا المشي اليومي, وعدم التدخين , والتقليل من أسباب التوترات والإنفعالات , لأنها ذات تأثيرات ضارة على أعضاء الجسم.
ومن المعروف أن أمراض السكر وإرتفاع ضغط الدم تساهم هي الأخرى في إصابة القلب بأمراض , تبطل عمله وقدرته على الحفاظ على حياة صاحبه.
وفي مجتمعاتنا نعاني من ضعف برامج الرعاية الصحية للعائلة والمجتمع , فلا يوجد تقييم سنوي لحالة الإنسان , ولا فحوصات متواصلة وإستشارات تساهم في الوقاية من الإصابة بالمرض.
كما أن مفهومنا للمريض هو الشخص الراقد في المستشفى وحسب.
وتعم المجتمع حالة من نكران المرض وتجاهله , حتى يستفحل ويتمكن من صاحبه , ويتحول إلى عضال لا يمكن الشفاء منه أو تطبيبه.
ورغم أننا نعرف بأن " الوقاية خير من العلاج" , وأن "درهم وقاية خير من قنطار علاج" , لكننا نفتقد الآليات والبرامج اللازمة لتحقيق هذه المقولة الساطعة العميقة الدلالات.
وكذلك نعرف بأن "المعدة بيت الداء" , ولا نأكل الطعام الصحيح , بل نميل إلى التخمة والأكل المتواصل , وهذا جزء من عاداتنا الإجتماعية , فلا يمكنك أن تزور صديقا أو قريبا , إلا أن يحشوك بألوان الطعام , وإن إمتنعت حَسِبَ ذلك من باب عدم التقدير والإحترام.
لكننا "لا نعرف قيمة الصحة إلا عند فقدانها"!
"فالصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى"
فنحن مجتمعات تتحسر على المفقود ولا تستثمر في الموجود!
وتلك مصيبتنا على كافة مستويات تفاعلاتنا , التي أزرت بنا , وأوقعتنا في حبائل الويلات والتداعيات , والركض وراء سراب الماضيات!!