لم يأتِ الانطباع السائد حول تشكيل اللجان التحقيقية بشأن الأحداث والانتكاسات التي مرت على العراق من فراغ وإنما كان يعكس الموقف الشعبي من أن هذه اللجان مهمتها ليست البحث عن الحقيقة وكشف المستور وإنما للتسويف والمماطلة وامتصاص غضب الجمهور.
وإذا عددنا اللجان التحقيقية سواء أكانت برلمانية أو رسمية خلال العقد الماضي فأننا نستطيع القول إنها لم تصل إلى نتيجة تكشف الجناة والمتورطين والجهات التي تقف وراءهم.
وأحيلت إلى هذه اللجان قضايا خطيرة تتعلق بأمن العراق وسيادته وثروته من دون أن نكشف الفاعل لا سيما في مجازر الفلوجة وسارية ومصعب بن عمير والحويجة وبروانة وسبايكر وآخرها مقتل الشيخ قاسم الجنابي ونجله ناهيك عن عشرات اللجان التي تابعت عمليات غسيل الأموال وتهريبها والمتورطين فيها برغم أن الرأي العام على يقين أن المتورطين فيها إما متنفذون أو يختبئون خلف قوى ومراكز نافذة تمنع وصول اللجان التحقيقية إليهم لسوقهم إلى العدالة.
إن غياب الإرادة والتصميم لدى أطراف العملية السياسية لوقف مسلسل التجاوزات على الأمن والاستقرار وانهيار المنظومة الأمنية في الدفاع عن الموصل وصلاح الدين وأجزاء من الأنبار وديالى هي من أوصلت العراق إلى الحال الذي يتخبط فيه.
فانهيار الجيش العراقي في المحافظات المشار إليها كان نكسة ما زال العراق يئن تحت وطأتها وكلفته الكثير من الدماء والأموال، والمعنيون حتى الآن لم يتوصلوا إلى أسباب الانهيارات الأمنية ومن يتحمل مسؤوليتها.
فلجنة التحقيق في سقوط الموصل دخلت المحاصصة الطائفية في تركيبة تشكيلها وهذا يعني طبقا للراشح في مسار عمل اللجان السابقة ستأخذ بنظر الاعتبار عملية التوازن السياسي وعدم الإخلال بها لمخاطرها على أسس الشراكة بين أطراف العملية السياسية.
إذا نحن أمام واقع تشير كل الدلائل إلى أن اللجان التحقيقية لم تستطع أن تغير قواعد اللعبة فيه وإنما ستزيده احتقانا وتعقيدا وانحرافا لا سيما إذا كانت المساومة والتسويف والتستر على المتورطين بالجرائم والمجازر هي السائدة في عملها والأمثلة على ذلك كثيرة
مقالات اخرى للكاتب