العلاقة بالوطن ليست علاقة رومانسية و لا يمكن ان نحسبها علاقة غريزية ايضاً، من يصور لنا الوطن على انه معشوق قدري يريد ان يجردنا من حقوقنا الوطنية ، هو يريدنا ان نلتزم بالواجب فقط . العلاقة بالوطن علاقة مركبة وتكون العاطفة جزءً منها ، لكنها بالتأكيد ليست الجزء الأقوى ولا المؤثر ولا الوحيد .
كنت افكر في ذلك وانا أقرأ اسئلة الامتحانات للغة العربية ، حيث جاء في موضوع الانشاء ان الوطنية لا ترتفع ولا تنخفض وانما تكون ذات مناسيب ثابتة اعتماداً على الغريزة ، هي علاقة قدرية لا تعتمد على اشياء اخرى يراها البعض ليست ذات قيمة !
علاقة يرضعها الطفل مع حليب امه ويأخذ جرعاتها مع الماء والغذاء .
اتصور ان هذا النوع السوريالي من الوطنية هو واحد من اسباب خراب اوطاننا لأنه مبني على وقائع وتصورات غير واقعية ، تصورات لا تصمد امام الجوع والفقر والحروب والبطالة والسكن في العراء والهجرة والتشرد وغيرها من الأشياء الضاغطة على الانسان والقادرة على قتل كل رومانسيته الحالمة ومشاعرة الجياشة التي يتعكز عليها منظرو الوطنية في بلداننا نتيجة فشلهم في توفير الحياة الحرة الكريمة للشعوب .
لا تصدقوا كل تلك الأكاذيب ،الوطنية علاقة متبادلة بينك وبين الدولة والمجتمع ، علاقة تشبه علاقة بيتك واسرتك مع المحيط ، انت والاسرة والمجتمع من يصنع تلك العلاقة التكاملية في محيط الصغير ، الدولة بكل مؤسساتها وبتشريعاتها التي تنظم الحقوق والواجبات والعدالة ،وبكل قواها المختلفة ، اجتماعية ودينية وثقافية ، هي من تصنع لك الوطنية .
الوطنية الحقيقية هي عندما تشعر ان الملك العام هو ملكك ، عندما لا تتمنى ان تنقل اي شيء من الشارع او من المؤسسة او من اي مكان عام الى بيتك الخاص .