أنا لأشدّ ما يحزنني هذه الأيّام تفرّغ ما تسمّى بالحكومة العراقيّة برئاساتها الثلاث بالعمل جاهدةً على استصدارها قوانين أقلّ ما يقال عنها قوانين ثأريّة لا تصدر عن حزب يدعو إلى الله بالّتي هي أحسن لا بالّتي هي أسوأ خاصّة وهو يتبّع في خطواته أخلاق الأنبياء والأولياء وهو حزي يتأسّى دوماً بسلوكه واخلاقه بما جرى للرسول وقد بلغ الأذى مبلغه الكبير عليه "ص" وهو يدعو إلى الإسلام حين خيّره الباري عزّ وجلّ أن يطبق على قريش "الأخشبين" نتيجة ما لقي منهم من عذاب لا يحتمل , رفض وقال قولته الشهيرة "لعلّ من سيخلفهم من ذراريهم من سيعزّ بهم الإسلام" ! .. أنا حزين على الإسلام ضياعه بين مدّعون حمله للعالمين على خطى الرسول وآل البيت ! .. لو كان حزباً عاديّاً وجعل من الحظّ الّذي دفعه لسدّة الحكم فرصة للثأر من خصوم الأمس لهان الأمر ولقلنا سلوك ردّة فعل تعوّدت على أنماطها البراغماتيّة والأساليب الميكافيليّة الّتي تتّصف بها هذه الأحزاب فيما بينها لا يحملون مبادئ بل حدود منها ضيّقة للتمويه توصلهم إلى سدّة الحكم ولكن أن يكون حزباً جميع أعضائه يقرأون دعاء كميل يوميّاً ويضعون "مفاتيح الجنان" فوق رؤوسهم في قيام الليل ويلطمون 1000 سنة على إيقاع المظلوميّة وحبّ آل البيت وسفينة النجاة الخ فإن ذلك محزن فعلاً وركس عاتي في مسيرة الإسلام بعيون الشامتون غرباً وشرقاً في حين أنّ البلد يئنّ ألماً وفاقة وعوزاً تجري ينابيع الذهب بين سواقيه وبين أقدام شعبه المنكوب بينما البلد يعتبر اليوم من أوسخ وأسوأ وأفسد بلدان , لا نقول بلدان العالم حتّى لا بقال ابتعدنا عن الموضوعيّة , ولكن نقول البلدان النفطيّة على الإطلاق .. وكرة القدم وقعت ضمن دائرة المفاسد الكبرى بعيون العراقيين قبل كلّ شيء واحزنتهم الخسارة الأخيرة حتّى أنني بكيت وبكى من معي أيضاً على بكاء النساء العراقيّات الّلاتي حضرن المباراة وبكيت أكثر على بكاء علم مدرّجات الملاعب الوطني الشريف "مهدي" وهو عندي اكثر نفعاً بكثير من أيّ مهدي سيظهر من بعده ..
منذ استلام السيّد المالكي مقاليد رئاسته الحكومة العراقيّة ولغاية اليوم .. وهنا نسلّط الضوء على بعض ما حصل للكرة العراقيّة في عهده .. والكرة العراقيّة من تراجع إلى تدهور كان للسيّد المالكي النصيب الكبير في هذا التدهور السائر نحو الاضمحلال .. إذ عند بداية عهده كان المنتخب العراقي لكرة القدم في أوج تألّقه رغم المؤامرات الآسيويّة والدوليّة والخليجيّة خاصّةً ضدّه ويسير على منهجيّة علميّة ممتدّة منذ عهد النظام "السابق" وفق المتطلّبات الرياضيّة عامّةً وكرة القدم خاصّةً لأنّ مثل هذه الخطط الرياضيّة المدروسة الّتي تأتي بنتائج مرجوّة لابدّ وتقف خلفها دولة بالمعنى السيادي الوطني الكامل كان من أهمّ ثمارها حصول المنتخب الكروي على كأس الأمم الآسيويّة حتّى والبلد محتلّ والفوضى تقطّع أوصاله وهو ما لم يكن يحصل وفريقنا الكروي في ذروة الازدهار والانفتاح العلمي والاقتصادي والاجتماعي في البلد نهاية سبعينيّات وثمانينيّات القرن الماضي حتّى أنّه كان وهو مشرّد لا يستطيع اللعب على أرض بلده وتتوعّد ميليشيا القتل والإجرام لاعبيه بالتصفية ؛ مرشّحاً قويّاً للوصول لنهائيّات كأس العالم الكرويّة وتحقيق أفضل النتائج فيها .. ولكن .. وعلى ما يبدو هال هذا الانتصار الكروي الكبير السيّد المالكي ومن حواليه كرويّون ثبت فيما بعد أنّهم مرضى نفسيّاً جذورهم ممتدّة أيضاً للنظام السابق لم تقصّر أو تفرّق بينهم مكرمات ذلك النظام , سواء حسنات أو سوءات بخيرها أو بشرّها , على انتماء طائفي أو عرقي أو ديني غرفوا في عهد ذلك النظام إلى أن طفحوا شبعاً باستثناء بعض من سنوات الحصار , وعلى الأخصّ "الشيعة" الرياضيّون بدءاً من "السيّد" وحتّى أبسط أتباع هذه الطائفة , فحرّضوا السيّد المالكي , والسيّد المالكي ليس بحاجة لتوصية ّ آنذاك على الأخصّ وكان الرجل "حادّ سنونه" طبيعي في تلك الأيّام "عله واهس الميليشيّات" .. فانهالت التواصيف الحاقدة والصفراء على المنتخب العراقي وعلى القائمين عليه بتحريض من رأس الحكومة وعلى أعضاء الفريق الكرويّ الفائز الّذي وحّد الشعب العراقي وضرب سياج الوطنيّة العراقيّة من حول الشعب ومنع الاختراق الطائفي أن تعمل آلته السوداء بين أفراد الوطن الواحد في وقت كان العراقيّون في أمسّ الحاجة لتلك الوحدة لو أنفقت الدنيا كلّها جميع أموالها لم تكن لتوحّدهم وتآلف بين قلوبهم بالشكل ذاك كما وحّدهم الفوز العراقي العظيم بكأس آسيا وآلف بين قلوبهم , وبدلاً من أن يحتضنهم السيّد المالكي أخذ يطاردهم من مطار إلى مطار ومن دولة إلى دولة وبتحريض مجنون من أصحاب البقع السوداء على الجبين ويقطع عنهم تذاكر العودة أو المبالغ المادّيّة الّلازمة لبرامج الإعداد التدريبي الكروي والّذي يتطلّب أموالاً كثيرة ومن خلف المالكي يحرّضه "السيّد" والتابع من كالحي الوجوه والجهرة الزفرة , عذراً للقارئ الكريم , والوسط التربوي العائلي الوضيع الّذين تربّوا فيه وكان فريقنا الكرويّ في أمسّ الحاجة للأموال والعناية الفائقة ليواصل مسيرة انتصاراته , فبدلاً عن ذلك نراهم تارةً ينهشون بأظافيرهم المدبّبة الوسخة أعضاء المنتخب العراقي "يونس محمود أصبح كبير في السنّ !" بينما عمره لم يتجاوز وقتها الثانية والعشرين !!! وكذا بقيّة الأعضاء الكرويّون وهم في عمر الزهور .. وتارة أخرى يتّهمون حسين سعيد بسرقته 6 ملايين دولار !! وبتلقّي بعض أعضاء المنتخب رشاوى من هذه الدلولة أو تلك الخ من أخسّ وأحقر الاتّهامات الّتي لم تصدر يوماً حتّى في عهود محاكم التفتيش وعهود الاضطهاد الكنسي الأسود وقد امتلأت الكثير من المواقع بتلك الاتّهامات الّتي تعافها نفس الشمر ذي الجوشن نفسه ويستنكف منها عبيد الله بن زياد ويعوذ بالله منها قتلة الحسين ! حصل كلّ ذلك وغيره الكثير في محاولات ساديّة إجراميّة لكسر شوكة ذلك الفريق الكرويّ الجميل الواعد وطاقمه التدريبيّ المتّزن ففرّقوه وشتّتوه وضغطوا كثيراً على أهمّ أعضاءه للاعتزال والضغينة لا زالت تدور في قلوبهم الرجفة المحتقنة السوداء
وها هو يونس محمود يعلن اعتزاله وهو في ذروة عطاءه بدل أن يستمرّ يلعب لخمسة سنوات أخريات أو أكثر فعطاءه لا يختلف عن دييغو فورلان الّذي شارف على بلوغ الثامنة والثلاثين مثلاً ! نزل قبل يومين في الربع ساعة الأخيرة من مباراة فريقه ليكون السبب في تقليص الفارق بين أوروغواي وبين إسبانيا ! فوجود يونس محمود في الفريق خطر على الفرق المنافسة حتّى لو دخل في الدقائق الأخيرة من المباراة تقديراً لوضعه العمري لو سلّما بذلك وعلينا أن نتذكّر الّلاعب النيجيري ألبرت روجيه الشهير بـ "ميلّلا" بلغ الثانية والأربعين وشارك مع فريقه في كأس العالم 1994 ليحرز هدفاً في مرمى الفريق الروسي في لحظات حرجة ! .. روجر مور لعب للمنتخب الإنكليزي وهو في الأربعين ! وكذا "بانكس" .. بل أنّ اللاعب والمدرّب الأشهر "بيكمباور" كثيراً ما كان يريد اللعب مع منتخب بلاده وهو في الخمسين من عمره ! وهو لغاية الآن يعتبر نفسه لاعباً رغم جلوسه مع المتفرّجون ! ..
السيّد الدكتور علي الأديب وزير التعليم العالي والبحث العلمي لم يكن بأقلّ بطشاً بفريق نادي الطلبة الكروي من دولة رئيس الوزراء السيّد نوري المالكي .. فمنذ قدوم هذا الرجل للوزارة أخذ نادي الطلبة بالتراجع عن المنافسة المعهودة بدوري الكبار حتّى أصبح من الفرق الكرويّة المهدّدة بالهبوط للدرجة الثانية بعد أشهر بسيطة من تسلّم الدكتور الأديب منصبه ! .. هذا الفريق "الطلبة" الأكثر تميّزا من بين أندية الكبار الكرويّة أصبح بين عشيةٍ وضحاها وما أن وطئت قدما السيّد الأديب أرض الوزارة الطلّابيّة .. "شلون عهد مصخّم وملطّم" حتّى بدأ فريق الوزارة الكروي بالتراجع السريع وكأنّ السيّد الدكتور الأديب يحمل عصا سحريّة خصّيصة لطرد الفريق من دور الكبار بأسرع ما يمكن ! .. ولا ندري السبب "العلمي" أو الظاهرة العلميّة الّتي تقف خلف هذه الحالة الغريبة والنشاز .. هل أنّ السيّد الدكتور الأديب لا يميل إلى الرياضة مثلاً .. هل كان يعفى من دروس التربية الرياضيّة عندما كان طالباً بسبب أوضاع بدنيّة شخصيّة أو نفسيّة .. فالأولى لا أعتقد فقد كان يُعد من أمهر الرفاق في حزب الدعوة سرعةً في قفز أسيجة البيوت للتواري عن أنظار أجهزة أمن النظام الفاشي الدكتاتوري السابق حتّى لو كان "زائر الليل" آنذاك يطرق الباب بعد فلم السهرة ! .. أمّا الثانية "عاهة نفسيّة أو بدنيّة" نفسيّة ربّما فللطفولة آثارها السلبيّة أمّا بدنيّة فما شاء الله يسير على قدميه وكأنّه منتمي حديثاً لحزب الدعوة .. أم هل يا ترى .. وهو أمر مستبعد بطبيعة الحال سمعته يتردّد على ألسنة بعض المتطرّفون العراقيّون في بلاد المهجر ؛ أنّ هنالك من هم من أصول إيرانيّة يحيطون من حول السيّد الوزير الدكتور علي الأديب وجدوها فرصة لتحريضه للانتقام من نادي الطلبة الكروي لكونه ضمّ في وقت ما منذ 37 عاماً أغلب أعضاء منتخب العراق الشبابي الّذين فازوا على منتخب إيران الشبابي بحضور أكبر أولاد الشاه الإيراني وفي عقر الدار الإيراني ! .. لا لا .. لا أعتقد أن يكون الحقد وطلب الثأر أن يصل إلى هذا المستوى لا أعتقد خاصّة وأنّ المشار إليه بإصبع الاتّهام وزير لأهمّ وزارة في العراق تربويّاً وعلميّاً .. لا أعتقد ..
مقالات اخرى للكاتب