قلْ لنابليون نبعَ القوةِ
جئتُ أشكو من هوانِ الأمةِ
بزمانٍ ثوبَ بؤسٍ يَرتدي
وفؤادٍ بضرام الحَيرةِ
ضاءتِ الأفكارُ دربا صاعدا
وانتهينا بصراطِ العُتمةِ
آهةٌ عندي وأخرى عندهم
كيفَ عشنا بعميق الحُفرةِ؟
إنّ نابلْيونَ يبقى مُلهماً
ومُنيرا كضياءِ الشعلةِ
يرقدُ التأريخُ حيّا ناطقا
بضريحٍ كلواءِ العزّةِ
يا ابْنَ إفْرنجٍ بكونٍ ساطعٍ
يصنعُ الفجرَ رجالُ القدرةِ
يُلهمُ الأجيالَ فردٌ نابغٌ
بقيادٍ وأصيلِ الفكرةِ
كمْ أحيّيك كأنّي وامقٌ
بحبيبٍ بديارِ الغربةِ
كيفَ نامَ المجدُ في هذا الثرى
إنّهُ الْحيٌّ المُدامُ الشّهرةِ!
موتنا حقٌ ولكنْ مَنْ أرى
قتلَ الموتَ بسيفِ الهيبةِ
يا عجيبا من ولاداتِ الألى
يَجمعُ الخَلقَ بكفِ الصوْلةِ
يا مُهابا وعظيمَ المُحتوى
أطلقَ التربُ بريقَ الثورةِ
لستُ مبهورا ولكنْ أشتكي
مِنْ خرابٍ وضياعِ الوجهةِ
وُلِدَ الأبطالُ في أرضي أنا
فقتلناهمْ بسمّ الذلّةِ
لا نريدُ المجدَ أو نأبى العُلى
نتلاحى بدواجي الظلمةِ
كلنا يشكو كأنّا إننا
داءُ داءٍ ودواءُ العلةِ
يا رسولَ العزِّ من تلكَ الذرى
قد صنعنا المجدَ يومَ الصحوةِ
وأضأنا وانطفأنا بغتةً
ومَضينا بسرابِ الغفلةِ
ورقدنا لقرونٍ ندّعي
إننا كنا رهينَ العودةِ
ما وعيناها بعَصرٍ واضحٍ
وتبِعنا كعبيدِ الغُلبةِ
ما نرى أرضا ولكنْ ظلها
وأُسِرنا بقيودِ النكسةِ
يا إماما لفرنسا والورى
قد أذقتَ الأرضَ طعمَ الروعةِ
ومَهرتَ التربَ ختما خالدا
يا شَموخا بضميرِ الدولةِ
إنّهُ الفخرُ البهيّ الْمُرتقى
لوفودِ الشعبِ عندَ القمةِ
ما مَلكنا قائدا نحيا بهِ
فترانا كهشيمٍ التربةِ
أيّها الإنسانُ يا كونا حوى
يجعلُ الأزمانَ مثلَ الصهوةِ
يَمتطي نارَ وجودٍ باسقٍ
أقمرتْ فيهِ ليالي الحِلكةِ
ومضى يشدو بسيفٍ واثقٍ
وحصانٍ فوق أوْج القمةِ
يَصنعُ التأريخَ من ذاتِ الرؤى
بإنبثاقٍ لأصولِ الفكرةِ
يَمنحُ العقلَ ذراعا فاعلا
وبصيرا بمَصيرِ اللحظةِ
نفسُ وثّابٍ ويرتادُ المُنى
ويرى الدنيا بعينِ الحِنكةِ
فارتوى منها بعزمٍ دافقٍ
وسقاها بنجيعِ الكثرةِ
يا ندى الأكوانِ أو فيضِ النُهى
يا صراطا لحشودِ النخوةِ
أيّها المبثوقُ من جوفِ الثرى
يحملُ الأحلامَ مثلَ الشعلةِ
قد مَنحتَ الكونَ نجما ثاقبا
ووهبتَ الناسَ روحَ الوثبةِ
أنتَ تحيا بخلودٍ ناطقٍ
كالثريا بسماءِ الزُهرةِ
كمْ أناديكَ بروح لاهفٍ
يا إلهَ النصرِ عندَ الخيبةِ
فأرى صوتا عنيفا بارقا
يُطعمُ التأريخَ نهجَ النهضةِ
ثمّ ينهى مستحيلا هاربا
يتماهى بحياةِ الرؤيةِ
كن قويا حين تدري ما ترى
لا ترى شيئا ذليل الخطوةِ
أيّها الأحرار عيشوا لحظةً
تصنعُ الأمجادَ رغمَ السقطةِ
فنهوض الحيّ برهانُ الهوى
نحو إنجازٍ بحجم الهمةِ
أيّها التأريخ إشهدْ ها هنا
فيضُ أفكارٍ بنبعِ الرقدةِ
هكذا الإنسانُ يغدو مُلهما
للبرايا رغمَ موتِ الجثةِ
جوهرُ الأكوانِ من فكرٍ حوى
أصلَ موجودٍ بقلبِ الذرّةِ
*كُتِبَتْ عند ضريح نابليون يوم 1\11\2013