منذ سنتين أتابع مايكتبه صديقي الأديب لؤي زهرة في الفيس بوك ، مجمل كتاباته ظريفة خفيفة الظل وتزخر بالفكاهة ، ذكرتني بمقالات الصحفيين الجهابذة الذين إشتهروا بهذا المجال ، وهو مجال صعب للغاية ذلك ان زرع البسمة على وجه القارىء أصعب ما يواجه كاتب المقال ، ولذا خصصت زاويتي لهذا الإسبوع لمقال كتبه زهرة وأعجبني بشدّة وجعل القهقهات تنطلق من فمي دون هوادة : البارحة بالخمسة العصر خابرني صديقي ابو عباس : الو مساء الخير ابو رقيم .. عازمينك اليوم عالفطور ، اغلقت الهاتف وانفرجت اساريري واستبشرت خيرا واستأذنت من زوجتي ان تسمح لي ، لكنها رفضت بشدة بحجة اني سأتركها تاكل تمن عدس بينما سأتناول انا ما لذ وطاب من اللحوم والأسماك وأطباق المقبلات التي ترد الروح . اتصل بي ابو عباس مرة اخرى قائلا : ابو رقيم تعال من وكت علمود نگعد نسولف ونشتم ريحة الدجاج بالفرن . شعرت بعصافير بطني تزقزق وكأنها تحاول الفرار مني نحو بيت ابي عباس، عدت اتوسل بأم رقيم وأقسمت لها بأني سأعوّض صبرها بكيلو كباب على السحور يرمم البدن ويعيد ما اكله الصيام من اجسامنا . وافقت المسكينة وأسرعتُ بالخروج خوفاً من تغيير رأيها . حالما اصبحت خارج الدار اتصل بي ابو عباس من جديد : عيني ابو رقيم نريد شغلات من السوگ جيبها وياك ، سألتهُ مستغربا : شنو ! شنو شغلات ؟ فردّ برهاوة : هاي شبيك ابو رقيم تره الكرم شجاعة . أجبته : شنو شجاعه ! اني جاي افطر يمك لو راح ادخل معركة !؟ قال بنعومة : عفية جيبلنه وياك بتيتة وبذنجان حتى نسوي بابا غنوج وخيار وطماطة للزلاطة ولا تنسى الطرشي وبدربك بألفين خبز وأهم شي اللبن والخضروات وشوية فواكه تفاح برتقال خوخ ولا تنسى الرگي والبطيخ علمود نخليه بالثلاجة ، قلت جزعا : يمعود ابو عباس والحمزة ما عندي غير كم فلس وهاي طلباتك راح اتخليني اتداين . فرد ابو عباس بغضب : عيب على الرجال يگول ما عندي ، وسفه عليك، شعرت بالخجل ودخلت السوق بشجاعة متناهية وتسوقت كل طلباته وزدت عليها بأن اشتريت كيوي وموز . كنت انوء بحمل اثقال المسواگ متوجهاً صوب بيت ابو عباس ، الو ابو رقيم عيني براس شارعنه واحد يبيع حلويات ، جيبلنه فد كيلو بقلاوة علمود انحلي بعد الفطور وشوف ابو المشاوي يمك جيب فد كيلو كباب . أجبته بذهول : شنو !؟ يمعود اني عازمك لو انت عازمني ؟ أغلق الهاتف بوجهي ، اشتريت كيلو كباب بسطعش الف وكيلو حلويات طگ عطيه بأربعة الاف . رن جرس الهاتف : ها خير ابو عباس بعد شنو ؟ أجابني : ام عباس تريد إجيبلنه وياك بطل ميرندا سعودي وبطلين لبن دوغ ايراني حجم كبير ، أجبته وقد نفد صبري : وروح جدي ما بقة عندي غير خمسة آلاف : قال بثقة : العصائر بأربعة آلاف ونص يبقى عندك خمسمية اشتري بيه باكيت جكاير “بن” يرحمه الوالديك وأغلق الهاتف ، دخلت الى بيت ابو عباس بعد تنفيذ جميع طلباته. استقبلتني ام عباس بالتهليل والترحيب بعد ان تركت المسواگ بالمطبخ. مرت دقائق ثقيلة حتى صاح المؤذن الله اكبر ، فانشرح صدري ، لم يك هناك اي اثر للعزيمة ، طلبت مني ام عباس ان اصلي قبل الفطور استكمالا للأجر والثواب وبينما كنت اصلي جلسا معا يتناولان الفطور بشراهة منقطة النظير وتذكرت العذراء داخل شرنقة والتي وصفها معلم العلوم بأنها تلتهم كل شي حتى جلدها.فرغت من الصلاة وتسابيح الحمد والشكر وما تيسر من الأدعية الخفيفة على المعدة. وعندما توجهت لتناول افطاري وجدت السفرة فارغة الا من الملح . قلت لهما بغِلْ :صيام مقبول ان شاء الله وأفطار شهي ، فردا علي صيام مقبول ابو رقيم وجلست انتظر بفارغ الصبر المحمّر والمشمر والمقشر والمشوي والمطبگ والمحموس والمهروس والمعصور . لكن دون جدوى فلا شيء حتى الكباب لا ادري اين اختفى من مائدة الطعام ! وشعرت بجوع مرير وانا ارى “ابطالة” اللبن نفدت عن بكرة ابيها واثار الكباب وبقايا الطماطة الشوي، فسألتهم بحنق عن حصتي ، جاءني الرد سريعا مثل صعقة كهربائية :ابو رقيم احنه آسفين اجوا خطار البيت نورس بنتي هسه ، ونزلت من شقتها گشولت المسواك كله ، ابو رقيم كان جدك امير المؤمنين يفطر خبز وملح وعليك ان تقتدي بجدك . وعلّقت ام عباس بخبث: ابو رقيم لا تنسى عود هم اكتبها على الفيس بوك ﻷن وصلتنا اخبار انت شاهرنه عالفيس حتى مظاهرات طالعة البارحة تطالب بترحيل ام عباس لأن حاروگه ولعلمك شنو جاي تكتب جاي يوصللنه . خرجت مسرعا وانا لا اقوى على المسير من الجوع حتى وصلت بيتي ، اسرعت الى المطبخ فلم اجد “بجدر” التمن عدس الا الحكاكة ، ازدردتها وشربت گلاص ماي آرو بارد وانا العن الساعة السودة التي صادقت فيها ابو عباس .اسرعت الى حظر 40 صديق من معارف ابو عباس وأقربائه قبل ان اكتب هذا المنشور وقبل قليل اتصلت بي ام عباس قائلة : ابو رقيم تعال باجر افطر يمنه ؟!
تحية إعجاب ومحبة لقلم لؤي زهرة الذي تفوّق على أقلام كثيرة تظن انها تكتب الفكاهة