احاول في هذا الجهد المتواضع ان اسلط الضوء على مرحلة صعبة من تاريخ العراق مستعيناً بأشخاص لديهم معلومات موثقة احاول ان أقاطعها مع بعض خدمة للحقيقة وأهمل منها غير المقنع والمتجني والشامت، فنوري المالكي وبجردة حساب منصفة له لابد ان تتم مراجعة فترة حكمه الثمان سنوات التي حكمها بموضوعية ليس للنيل منه وإنما من أجل العراق ومستقبله وتاريخه ولكي لا نتحدث تحت ضغط وتأثير العواطف الطائفية او الشخصية وإنما بتجرد منصف للرجل وللتجربة ولنوثق للتأريخ هذه الحقبة التي تمتد من ٢٠٠٦-٢٠١٤ من تأريخ العراق وأدعو هنا من يقومني او يصحح من خطأ يراه للتوثيق وليس للرأي، فالآراء حول الرجل متضاربة ويصدم بعضها بعضاً فمنهم من يحبه ويعشقه ولا يرى فيه من خطأ وان كان فيه بعض منه فإنه يلتمس له العذر، وآخرون يرون فيه أخطاء متراكمة وأزمات مفتعلة لم يكن مضطراً لها بل هي جزء من عقليته وفكره، وهذا أيضاً يدخل في باب الرأي وهو ليس موضوعنا هنا.
رابعاً. بدأ المالكي ولايته الثانية أيضاً بتعيين ولده أحمد بمنصب معاون مدير مكتبه وهو شابٌ صغير طموح ونشط، وأول اصطدام كان له مع طارق نجم الذي انسحب بهدوء ذكي لأنه يعرف بأن المعركة خاسرة، فتم تعيين شخص أكاديمي محله ليدير المكتب وهو لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم ويعرف حدوده ويتصرف بأدبٍ على ضوئها، وأُطلقت يد أحمد بكل حرية ليغرف من الصلاحيات والعقود مايشاء ويشتهي، فبدأ بالسيطرة الأمنية على المنطقة الخضراء وعقاراتها وكوّن نواة لقوة ضاربة تحت إمرة زوج اخته ياسر عبد صخيل وتم تعيين أعداد هائلة وصلت أعدادهم لثمانين الف مقاتل بنهاية ٢٠١٣، وبدأ أحمد يمارس أولى مهامه فهاجم نمير العقابي في شهر تموز ٢٠١٠ وجرده من كل مكاتبه وما يشغله في المنطقة الخضراء في نكران للجميل استغرب منه الكثيرون، فيما كان العقابي قد دفع مبلغ أربعمائة الف دولار نقدا للمالكي دعما لحملته الانتخابية في ٢٠١٠، والأغرب من ذلك فان المالكي خرج بعد مضي ٤ سنوات على الحادث ليتبجح بقدرات ابنه الفذة في كلامٍ تعجب المقربون منه ان يصدر من رئيس وزراء يصف قدرات ابنه الخارقة الذي لم تستطع كل القوات الأمنية من تنفيذ أمر اعتقال شخص واحد، وبدأ أحمد مغامراته النسائية والتجارية فقد قرّب مقاول مغمور وفرضه على شركة هانوا الكورية للمجمع السكني الفاشل في بسماية ليخرج منها بعمولة فلكية قدرها ٧٥٠ مليون دولار وكون أيضاً شبكة سماسرة عابرة للمكتب، لتنافس وتسيطر على عقود گاطع الركابي (المقرب جداً من المالكي).
خامساً. لم يُسهم المالكي ببناء مؤسسات للدولة بل بنى امبراطورية مالية وشبكة ولاءات شخصية له وسيطر على الهيئات المستقلة سيطرة شخصية وحزبية محكمة وهي شبكة الاعلام العراقي وهيئة النزاهة وهيئة دعاوى الملكية وهيئة السجناء وهيئة الشهداء وبيت الحكمة وهيئة الاعلام والاتصالات وشبكة الاعلام العراقي وهيئة الاستثمار والبنك المركزي وأمانة مجلس الوزراء والقضاء والمحكمة الاتحادية ومفوضية الانتخابات وشبكة المفتشين العموميين، ومفاصل مهمة في الوقف الشيعي وحوّل كل هذه المؤسسات الى مؤسسات حزب الدعوة بالكامل وعين فيها رؤساء كلهم بالوكالة دون موافقة مجلس النواب، بحيث يتمكن من إزالتهم بكل سهولة مثلما فعل بمحمد تقي المولى في هيئة الحج وسنان الشبيبي وشبكة الاعلام.
سادساً. دخل المالكي في صراع مفتعل مع الأكراد وبسبب هذا الصراع خسر العراق الكثير من هيبته وثروته بسبب سوء التدبير والسياسات الخاطئة، وإستغل مسعود بارزاني والأكراد هذه الأخطاء بامتياز وأخذوا من المواقع والمراكز والثروات النفطية دون ان تمنعهم تصريحات الشهرستاني الجوفاء التي لم تغنِ ولم تُسمن، بينما عرض المالكي على بارزاني جملة من التنازلات المذلة والمهينة من أجل ان لا تسقط حكومته عندما انسحب التيار الصدري والسنة والأكراد قبل نوروز من العام الماضي، حتى كركوك كان مستعدا للتنازل عنها مقابل ان يبقى في السلطة، وفي النهاية جاء الفرج للبارزاني ليحتل كركوك وكل المناطق المتنازع عليها في إدعاء حق بأنه يحميها من السقوط بيد داعش، والآن سيتم تسليح الأكراد دوليا لمحاربة داعش لتكتمل مقومات الدولة الكردية بإمتياز.
مقالات اخرى للكاتب