العراق تايمز: كتب الباحث في شؤون الارهاب والاستخبارات جاسم محمد
الامن القومي (National Security) هو : قدرة الدولة على حماية أراضيها ومواردها ومصالحها من التهديدات الخارجية ـ العسكرية والتهديدات ألداخلية . وبفعل العولمة، حدثت تحولات في مفهوم الأمن، وأبرزها القوة، التي لم تعد ترتبط بالعامل العسكري بل تعدته إلى السياسة و التكنولوجيا والتعليم، والنمو الاقتصادي واعتماد المعلومات.
الأمن العسكري وهو أستشعار ألخطر المسلح والقدرات الدفاعية وقراءة مستقبلية لنوايا الدول .
الأمن السياسي وهو الاستقرار السياسي للدولة، وحماية الشرعية .
الأمن الاقتصادي وهو حماية الثروات والموارد المالية والتنمية .
ألامن الاجتماعي : هو التعايش السلمي بين جميع مكونات الدولة من خلال قبول الطرف الاخر واحترام العادات والتقاليد للمكونات الاخرى بغض النظر عن العرق او الدين أو ألمذهب او الهوية والشعور بالامان .
ركائز الأمن القومي
1- إدراك التهديدات الخارجية و الداخلية.
2- رسم استراتيجية لتنمية قوى الدولة.
3- تأمين القدرة على مواجهة التهديدات الخارجية والداخلية.
4- قراءة النوايا المعادية للدول الاهداف.
الإستراتيجية القومية ـ ألوطنية
والتي تعني الإستغلال الكامل للقوى السياسية والإقتصادية والنفسية والعسكرية والعقائدية للدولة في السلم والحرب لتحقيق الأهداف التي تضمن سلامتها وأمنها والحفاظ على سيادتها واستقلالها. أما الإستراتيجية الحربي والتي تعني الإستغلال الكامل للوسائل العسكرية لتحقيق أهداف الإستراتيجية القومية بالإستخدام المباشر أو غير المباشر للقوات العسكرية للدولة أثناء السلم والحرب. إن الإنشغال الشديد بالقوة وتعظيمها من شأنه أن يضع الدول المتنافسة في مأزق لا تستطيع التخلص منه. ويدفع بالدول الى سباق اكتساب الأسلحة لغرض الدفاع دونما اعتبار لأية قيم اجتماعية أو اقتصادية. وتصبح غاية الدولة العسكرية الإبقاء والحفاظ على هذا النظام ومن ثم يتم تكريس مظاهر تبعية العالم الثالث للدول الكبرى وذلك بخلق صراعات اقليمية وصراعات داخلية تُبقي دول العالم الثالث بحاجة مستمرة وملحة الى التكنولوجيا العسكرية للدول العظمى . وإن تهافت الدول على شراء هذه الأسلحة يؤدي الى صراعات اجتماعية تشكل اليوم أكثر من 90% من الصراعات في العالم الثالث. حيث تكون البداية الحصول على الأسلحة من أجل مقاومة التهديدات والأخطار الخارجية ولكنها تنتهي الى استخدامها في قمع أي إصلاح اجتماعي أو أي محاولة لتوجيه أموال الدولة في تطوير التنمية الإجتماعية والإقتصادية .اي استيلاء النظام على القدرات العسكرية وتدوير التسلح لصالحه ،لتقوية بقائه في السلطة وحمايته اكثر من حماية الامن الوطني للدولة ، وهذا كثيرا ما يكون واضحا في الانظمة الشمولية. وهذا يعني الوقوع في مصيدة سباق التسلح مما يسبب مشكلات أمنية على حساب التطور الثقافي والإجتماعي والصحي والسياسي فضلا عما يسببه من تبعية عسكرية وفنية للدول المصدرة للسلاح. إن رسم الخطط وتنفيذها لا يتم الا بعد وضع الإستراتيجيات، اي لاتكون جدوى منوضع الخطط قبل ان يتم وضع ورسم الآستراتيجيات، وكأن الخطط هي تطبيق لهذه الاستراتيجيات على الارض. وضمن شروط نجاح الخطط يجب ان يكون هنالك نظام مراقبة وتقييم لكل خطة.
ألاستراتيجية الإقتصادية
الإستراتيجية ألاقتصادية تتأرجح بين الأمن الخاص بالموارد الحيوية ذات الطبيعة الإستراتيجية وهي ترتبط بالوظيفة الإقتصادية لنظام الحرب والتنمية الإقتصادية كجوهر للأمن، فتنظر الدول المتقدمة الى أي تهديد يتعلق بقدرتها على التأثير في بنائها الإقتصادي على أنه تهديد للأمن القومي . ولقد ظهرت في الدول الغربية وبالذات الدول الصناعية أهمية موضوع أمن الطاقة المتمثل في تأمين مصادر الطاقة وبالذات البترول والغاز كجوهر للأمن القومي. هذا العامل دفع بعض الاطراف الدولية على اعتماد سياسة خلق الحروب والنزاعات الاقليمية والداخلية من اجل التدخل . وشهد المنطقة العربية ومنطقة الشرق الاوسط خلال العقد الاخير من القرن الماضي والعقد الحالي الكثير من ألنزاعات و "ألثورات " ,الانتفاضات " المفتعلة من قبل اطراف وقوى دولية واقليمية في منطقة الشرق الاوسط، كان ابرزها السيطرة على مصادر الطاقة. وما شهدته عملية غزو العراق 2003 وليبيا 2011 ودول اخرى يبرهن تلك السياسات التي تهدف الى تامين مصادر الطاقة والذي تحول الى ركيزة اساسية في الامن القومي الاميركي والدول الصناعية الاخرى .
وهكذا أصبحت مساحة التدخل الأجنبي في كثير من شئون الدول في ظل العولمة أكبر، واتخذت صورا
واشكال مبطنة تحت حجة "ألديمقراطية " ومساعدة الشعوب في تقرير ألمصير وربما مكافحة الارهاب والجماعات "الجهادية" . كما سمحت بعض التيارات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني لنشر " ألليبرالية " بديلا للتعاليم والاعراف الاجتماعية،هذه السياسة تعدت الى تغيير مناهج التربية والتعليم ونمط الحياة اليومية والعادات والتقاليد لبعض المجتمعات تحت باب ألليبرالية .
تداعيات العولمة على الامن القومي
سمح نظام العولمة للولايات المتحدة وقوى دولية باعتماد سياسات غير مقيدة بحدود الولايات المتحدة تحت باب "مكافحة الارهاب" هذه العبارة اثارة الكثير من الجدل والخلافات حتى داخل الولايات المتحدة وحليفاتها في الاتحاد الاوربي والمنطقة، لترسم مفهوم اميركي جديد للامن القومي الاميركي يتمثل بنشر القوات الاميركية او التواجد الاميركي الاستخباري او باشكاله الاخرى الاف الاميال عن الاراضي الاميركية .
أما أقليميا فأن مخاوف ايران من التهديدات الاميركية دفعتها الى نشر قواتها في المياه الاقليمية والتمدد عسكريا في سوريا والجزر الاماراتية الثلاث المحتلة والقيام بالعديد من المناورات العسكرية. وتعدى الامر الى القرصنة الجوية خارج المياه الاقليمية لاصطياد طائرات التجسس الاميركية بدون طيار على مقربة من مجالها الجوي. واتسعت العولمة لتشمل الحرب الالكترونية المعلوماتية في العالم وشهدت الولايات المتحدة على سبيل المثال لا الحصر فضيحة تجسس معلوماتي على الاتحاد الاوربي ودول اخرى من خلال برنامج بريمز ومؤسسة ناسا الفضائية وهذه التفاصيل كشف عنها مسرب المعلومات ادورد سنودن، في يونيو 2013 ألمتعاقد مع وكالة الامن القومي بعد لجؤه الى روسيا.
تاثيرات ألمرحلة الانتقالية للدولة
لا يتحقق الأمن القومي ولا يمكن استعاضته عن طريق القوة العسكرية، لأن الأمن القومي يقاس بالقدرة وليس بالقوة. وهذا يؤكد حقيقة حتمية هي أن الدول في مراحل التحول الديمقراطي تكون في أضعف حالاتها لأن هناك تفكيكا لنظام قديم وبناء لنظام جديد وهناك حرب شرسة من النظام القديم من خلال آليات المقاومة التي تنتهجها الدولة العميقة .
وبالتالى فإنه كلما طالت الفتره الإنتقالية كلما زاد الخطر الذي يطال الأمن القومي. اي ان المرحلة الانتقالية تشهد فراغا سياسيا الى سلطة الدولة ، هذا الفراغ يتم استغلاله من قبل التنظيمات "ألجهادية " في هذه المرحلة ومن قبل اطراف اقليمية ودولية لعرقلة مشروع الانتقال الذي لا يصب في خدمتها . ف "الدولة الاسلامية" والقاعدة في العراق وسوريا واليمن وفي افغانستان وجماعة الاخوان المحظورة شهدت تصعيدا في عملياتها الارهابية خلال الفترات الانتقالية او فراغ السلطة كما هو الحال في العراق وسوريا .
ان التنظيمات "ألجهادية " لا تنشط الا في ظل الفوضى وهي تعتبر بيئة خصبة للتكاثر والتفريخ . كذلك مرحلة الانتقال من النظام المركزي الى الفيدرالي كماهو في العراق واليمن وسابقا في مصر يمنح فرصة اكثر الى التنظيمات "ألجهادية " بضمنها الاخوان المحظورة. هذه الجماعات تستغل مساحة الحرية والفراغ السياسي.