ساسة العراق هم الوحيدين من دون ساسة جميع العالم الذين لاتهزهم مشاعر الناس ، مهما كانت ، ولم يتأثروا بأي حادث او حدث ، كبر أم صغر حجمه ، فرغم الذي جرى وما يجري اليوم من حوادث اجرامية بحق الشعب العراقي ، وبرغم الفساد المالي والاداري وسوء استعمال السلطة ، وعلى مدار السنوات الاثناعشر ، لم يجرؤ اي سياسي عراقي على تقديم استقالته ، ويعترف بفشله وخطئه ، وقديما قيل : إن الاعتراف بالخطأ فضيلة ، الا أنهم لا يفقهوا حتى معنى الفضيلة ، فضلا عن أنهم فاقدين هذه الكلمة اساساً ، فهي لا توجد في قاموس حياتهم قطعاً .
علاوة على هذا انهم جميعا جاءوا عن طريق احزابهم التي تمتاز بطابع ديني ايديولوجي ، على اقل تقدير ، بل الصحيح أن جميعهم يرفعون شعارات الاسلام من عدالة ومساواة ، لكن اي اسلام هذا الذي يتحدث عنه هؤلاء ، أنه الاسلام السياسي . نعم يحملون الشعارات التي ضحكوا بها على الغالبية العظمى من ابناء الشعب العراقي الطيب من الذين تنقصهم الثقافة العامة والمعلومة ، فصعدوا على اكتافهم زورا وبهتانا ، ومن ثم تنصلوا عنهم وتركوهم في لجة الحيرة ، واليأس والبؤس ، وراحوا (يخمطون) المليارات من الدنانير ويهربونها الى الخارج بطرق ملتوية ومعروفة .
اقول كلامي هذا ، وانا اقرأ الخبر الذي يفيد أن نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي سيلفان شالوم ، قدم استقالته الأحد 20 ديسمبر/ كانون الأول في أعقاب مزاعم بتحرشه جنسيا بعدد من النساء خلال حياته العملية . ونقل الخبر قول شالوم تعليقه على الاستقالة قائلا: "مزاعم التحرش الجنسي تسببت لي ولأسرتي بالكثير من الألم، وبالتالي كان التنحي هو قراري رغم إصراري على أن الادعاءات غير صحيحة". وجاء قرار شالوم وهو سياسي مخضرم في حزب الليكود اليميني في ظل توقعات بفتح تحقيق ضده ، بعد أن أعلنت 8 نساء حتى الآن أن شالوم تحرش بهن سابقا، وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن هذا العدد مرشح للارتفاع .
نعم الفضائح الجنسية تطيح بالعديد من السياسيين ، مهما كان وزنهم وثقلهم السياسي في الدولة ، لكن ليس في دولة مثل العراق ، صحيح ان العراق بلد دستوري تحكمه قوانين وقيم اخلاقية وسياسية ، الا ان ساسته لا يحترمون قوانينه ولا دستوره الذي كتبوه هم بأيديهم وصوتوا عليه وقبلوه ، وهم اول من خرق هذا الدستور ، والصحيح انهم جعلوه مطاطا يستعملونه بحسب اهوائهم ورغباتهم السياسية ، ومتى ما تعارض بند من بنوده الى رغبة من تلك الرغبات فأنهم يفسرونها ويؤولونها بحسب مايريدون ، والامثلة على ما نذهب اليه كثيرة ومتعددة ، ولعل اهما مسألة الكتلة الاكبر التي يقع على عاتقها تشكيل الحكومة ، فقد فسروها بطريقتين مختلفتين .
والسؤال هل فيهم من يصير مثل شالوم هذا ، فيستقيل اكراما للشعب ؟ والذي فعله هؤلاء الساسة قد يوصلهم الى حبل المشنقة .
مقالات اخرى للكاتب