اضطرَ تنظيم داعش مؤخرا مواجهة الحرب على أكثر من جبهة، فهناك الجبهة العراقية التي يواجه فيها القوات العراقية من جيش وشرطة وحشد شعبي وقوى عشائرية وبيشمركة فضلا عن الغارات الجوية لقوات التحالف الدولي، وهناك الجبهة السورية حيث يواجه التنظيم غارات التحالف الدولي وقوات نظام الأسد والجيش الحر الذي يتبع قوى المعارضة التي تريد إسقاط الأسد. والآن ظهرت الجبهة الليبية حيث يواجه تنظيم داعش قوات الجيش الليبي بالإضافة إلى غارات الطيران المصري. ورغم تعددية الجبهات واتساعها، فالواضح أن تنظيم داعش لم تلحق به هزيمة نكراء حتى الآن رغم التراجعات الواضحة فيه. بالتأكيد أن تنظيم داعش فقد الزخم وما عاد بالحجم الذي كان عليه من قبل، وصار من الصعوبة عليه إلى حد كبير شن هجمات والسيطرة على مزيد من الأراضي. ولكن يبقى هل أن هزيمته النكراء ستكون في الموصل؟
وإذا كان الأمر كذلك لماذا أقدم الجيش الأمريكي قبل أيام قليلة ماضية أن يكشف عن الخطة المعدة من قبل العراق لتحرير الموصل في شهر أيار القادم؟ إذ أعلن الجيش الأمريكي أن الخطة تعتمد على ما يصل إلى 25 ألفا من قوات الأمن العراقية والكردية، وأن الهجوم الأولي على الموصل سوف تشارك فيه خمسة ألوية تابعة للجيش العراقي على أن يتم تدريبها مسبقا من قبل القوات الأمريكية وأعضاء التحالف الدولي، وكل لواء يضم نحو 2000 من القوات العراقية. كما ستُستخدم ثلاثة ألوية، أقل عددا، من الجيش العراقي كقوة احتياط، كما كشف مسؤول في القيادة المركزية الأمريكية، وثلاثة ألوية من البيشمركة الكردية، حيث "ستساعد على الاحتواء من الشمال والعزل من الغرب". بالإضافة إلى مشاركة "قوة مكافحة الموصل" التي يفترض الآن أن يجري إنشاؤها وتتألف في معظمها من ضباط الشرطة السابقين في المدينة، إذ تتولى قوات العمليات الخاصة الأمريكية فعليا تدريب نحو 100 مقاتل، والذين سوف يساعدون في تدريب قوة أكبر. ووفقا لما أعلنه مسؤول في القيادة المركزية الأمريكية، أن قوات العمليات الخاصة الأمريكية تحضر ما يعادل حجم لواء من قوات الكوماندوز لمكافحة الإرهاب استعدادا للهجوم.
بالطبع من غير المألوف بالنسبة للجيش الأمريكي أن يقدم التفاصيل عن المعارك القادمة، لكنه الآن هو يفعل ذلك، فهل يريد إعطاء فرصة لتنظيم داعش والوقت اللازم للحشد ضد الهجوم؟ الأمريكيون يقولون إن تنظيم داعش فقد الزخم على توفير حشد إضافي في الموصل، ولكن يبدو أن الأمريكيين نسوا أن تنظيم داعش وان فقد إلى حد ما القدرة على توفير حشد إضافي إلى انه لا يزال يملك القدرة على ممارسة التوحش وارتكاب المذابح، فهل قصد الأمريكيون ذلك؟ هل أراد الأمريكيون عبر الكشف عن خطة تحرير الموصل دفع مقاتلي تنظيم داعش الأجانب إلى الفرار؟
التقارير الموثوقة بهذا الصدد تتحدث عن تناقض في المعلومات؛ فبعضها يتحدث عن أن التوتر يسود تنظيم داعش بسبب الهزائم التي ألحقت به مؤخرا في أكثر من جبهة ونتيجة فرار بعض أعضائه ومعظمهم أجانب.. بينما تتحدث تقارير أخرى أن تنظيم داعش في بيجي فقط استقبل 180 مقاتلا أجنبيا خلال الشهرين الماضيين.
بالتأكيد أن كشف الأمريكيين لخطة تحرير الموصل يثير الكثير من علامات الاستفهام والتعجب، ويقدم مرة أخرى ضمنا أدلة إضافية للتواطؤ الأمريكي مع تنظيم داعش..
مقالات اخرى للكاتب