البعض يتجنب الحديث عن السيد نوري المالكي وكانه امام معصوم، فبرغم كل عمليات الفساد، صفقات وافراد ومجاميع ، تلك التي يبلغ بها او التي يطلع عليها وتسلم له الوثائق والاسماء والصور والمستندات الثبوتية، كتلك التي كشفها السيد رافع العيساوي وزير المالية المستقيل في برنامج استوديو الساعة التاسعة، والتي اثبت بما لا يقبل الشك، بان المدعو (محمد عبد الله عبد المطلب) عمل على تحويل مبلغ 7 مليار دولار امريكي بوثائق محكمة التزوير والصياغة ومتقنة المعلومة الى حسابه الشخصي البالغ 500 دولار امريكي في احد النبوك، ورغم ان السيد رافع العيساوي قد سلم كل ما في ذمته من وثائق ومستندات تثبت محاولة السرقة الى المالكي، الا انه، اي السيد نوري المالكي وبصفته مسؤول الامن الوطني ولاستخباراتي، لم يتخذ اي اجراء، اكان بخصوص كشف ملابسات القضية او لالقاء القبض على الحرامي المنتحل الشخصية، بل اهمل الامر وكان شيئا لم يحدث. لم يخاطب جهة امنية ولا جهة تحقيقية، ولم يعقد مؤتمرا صحفيا لاعلان هذه السرقة التي لولا العيساوي، والحق يقال، لكتب لها النجاح ولسجلت في موسوعة جينيس للارقام القياس متغلبة على سرقة الحرامي الهارب حازم الشعلان الذي لا يزال يحتفظ بالرقم القياسي العالمي بالاختلاس مسجلا باسمه، كلطخة عار ابدية على جبهته.
هذه الفضيحة، ربما هي التي اثارت احد الاعضاء المهمين والمقربين في حزب الدعوة، السيد عزت الشابندر الذي لم يستطع مسك زمام غضبه وحنقه فقل ادبه وشتم علنا وامام ملايين المشاهدين احد المواطنين العراقيين، مقدم البرنامج انور الحمداني، مستعينا بمركزه وحصانته البرلمانية والتي يجب اسقاطها عنه اذا تعلق الامر بمس كرامة المواطنين اذ ان كرامة المواطن مقدس يجب ان لا يخدش ابدا.
صمت السيد المالكي عن محاولة السرقة لا يفسر الا باحتمالين، اما ان هذا الشخص او الجهة التي احكمت تزوير الوثائق والمستندات التي استعان بها (اللص) هي جهة قريبة من المالكي نفسه او من حزبه ، او انه شخصيا لا يهتم لا بالمال العام ولا بحياة العراقيين، فهو يستخدم المال العام ودماء الضحايا من اجل بقائه على كرسيه الآثم.
ورغم ان رفع الغطاء عن الفضيحة لم يكن باقلام اصحاب الصحافة المغرضة، التي دأب السيد نوري المالكي على الاقلال من شانها، ولنا ان نذكر تصريحه الشهير الذي وصف مواقع الانترنت بانها مكبات للنفايات، كما ان غطاء الفضيحة لم ترفعه جهة عادية، بل شخص كان لحد الامس القريب وزيرا للمالية، الا ان المالكي لا يزال صامتا، لم يعلق بكلمة واحدة على فضيحة ان لم يكشف هو بنفسه تفاصيلها فسوف لن يكون بعيدا عن الاتهام فهو ليس بمعصوم.
كما نحب ان نذكر ايضا بان السيد مثال الالوسي زعيم حزب الامة العراقي قد فضح ايضا فساد مكتب القائد العام في المنطقة الخضراء الذي لم يسمح بخروج الاثاث التابعة للسيد مثال الالوسي الا بعد دفع رشوة قيمتها 600 دولار، ومرة اخرى صمت مطبق، فليس من توضيح ولا رد، لا من المالكي ولا من مكتبه ولا من حزبه ولا من حكومته، الجميع فضلوا ان يكونوا صم بكم فهم لا يفقهون.
السيد نوري المالكي هو ايضا من هذه البطانة الفاسدة التي سيطرت على مقدرات وثروات واصبحت بفضل الفساد وليس بفضل الله من اصحاب الملايين، هو ايضا عضو في هذا الطاقم الاسلامي الفاشل الذي لم ينجح لا بادراة الدولة ولا بالمحافظة على ارواح الناس ولا بالمحافظة على ثروات الوطن، ومع هذا يستأثر بالاموال والمناصب والامتيازات، وكان العراقيين يكافئون الفاشليين على فشلهم وعلى خيبتهم وعلى سوء اعمالهم.
السيد نوري المالكي اليوم في مركز دائرة الشبهات، تحيطه هالة غير مشرفة ، تحوم حوله الاحاديث والاقاويل والاتهامات، لغط او بصوت خافت ، كما تحوم حول اعضاء حزبه وكوادره الكبار وقادته، برلمايين ومعممين ووزاراء حاليين وسابقيين.
نوري المالكي مطالب اليوم ليس فقط بتفسير صمته الكلامي وصمته الاجرائي بل ودفاعة غير المباشر عن كبار الحرامية واتهام صغارهم فقط، بل انه مطالب ايضا بنشر نتائج اللجان التحقيقية الكثيرة التي شكلها بعد كل جريمة كبيرة او اختلاس وسرقة ثم طواها النسيان مع ان قلوب الناس لا تنسى ابدا.
والمطلوب قبل هذا ان يكون المالكي خادما طيعا للشعب وليس سيدا واستاذا عليه، ان يتملق لللشعب لا ان يترك الشعب يتملق ويرقص له ويهتف باسمه وهو امر لا يختلف كثيرا عن الاسلوب الصدامي الرديء. المطلوب ايضا الغاء المنطقة الخضراء نهائيا، فمنها ومن قصورها كان يحكم صدام، والرياح التي تهب منها ستكون حتما فاسدة، انها اصبحت مركزا للفساد والجبن.
المالكي ليس اماما معصوما، بل هو اقرب الى الفساد منه الى النزاهة بدلالة صمته المطبق واهماله التام لقضايا وشكاوى المواطن واهتمامه بطبقة الطفيلين والقطط السمان، الذين اصبحوا مليونيرات من التلاعب بالمال العام، ان هذا يعني ان المالكي راع ومسؤول عن رعيته، ولا ارى رعيته الا جوقات الفاسدين.
مقالات اخرى للكاتب