الاخبار العاجلة اليوم تنزل كالصواعق المحرقة على رؤوس العراقيين , وهم يتابعون مشاهد القتل الاجرامي الدامي اليومي بحيرة وترقب وذهول , وسط الاجراءات الامنية المشددة التي تنال من حرية حركتهم وتنقلهم بدلاً من الارهابي الطليق والحر الحركة , الذي ينتقي المكان المناسب لمسرح جريمته ويختار التوقيتات المؤثرة , بإيقاع اكثر عدد من الخسائر البشرية والمادية . العراقيون في ذهول نتيجة الضربات الموجعة التي يتلقونها يوميا من الارهاب الذي يبدو انه ابصر طريقه لحصاد ارواح الناس بعد ان كان اعمى قبل هذه المرحلة , والذهول الاكبر عجز القوات الامنية عن ردع ذلك المارد الشرير الذي يفتك بالنسل وبالحرث , في احداث يومية تتكرر بنفس السيناريو المؤثر والحزين ولكن بمشاهد الدم الاكثر بشاعة يوما بعد يوم . الارهابي اصبح يجيد لعبة القط والفأر متأثرا بسيناريوهات هوليود الحديثة التي تبحث عن المتعة والاثارة في التلاعب بالأحداث , وعلى ما يبدو ان القوات الامنية ابتلعت ذلك الطعم وبدلاً من القيام بعمليات استباقية للانقضاض على أوكار الارهاب قبل تنفيذهم مآربهم من خلال الجهد الاستخباراتي العالي , باتت تترقب الخيوط الوهنة التي يخلفها الارهابي الذي اثبت في الآونة الاخيرة انه يتمتع بالعقل اليهودي في التخطيط والمكر والخداع للوصول الى اهدافه . الكثير من العراقيين يتساءلون اين الحكومة ؟! من تلك المجازر والدماء التي تراق بثمن بخس دراهم معدودة يتلقاها من باع الاخرة والدنيا والانسانية والوطنية ليرضي غروره , بل الكثير من العراقيين يتحرق لما يصيب اهله ويتمنى لو كان يعمل في القوات الامنية او في أي موقع يمُكنه من القضاء على الارهاب حتى لو كلف ذلك حياته , بدل انتظار دوره بالموت بعبوة ناسفة او سيارة مفخخة او حزام ناسف او قذيفة هاون !! عجزت القوات الامنية عن تحديد مكان اطلاقها !! . البطالةُ متفشيةٌ , المقنعة وغير المقنعة ومئات الالاف من الشباب العاطلين عن العمل , بل اغلبهم تصرف لهم رواتب من الدولة دون القيام بعمل , يمكن لتعينهم في الاجهزة الامنية ان يقضي على الارهاب , وهنالك شرائح كثيرة تخصص لها الدولة رواتب دون القيام بعمل مثل شريحة السجناء السياسيين وذوي الشهداء والمفصولين السياسيين والمهجرين والمهاجرين , يمكن الاستفادة من خدماتهم بدمجهم بالأجهزة الامنية او تقوية العنصر الاستخباراتي كونهم من اصحاب الخبرة في مقاتلة ومقارعة النظام البائد ولهم الاولية في التصدي للإرهاب بخبرتهم التي ورثوها من سنوات الجهاد . نحن نفتقد للتخطيط في أغلب مؤسساتنا الحكومية فالعديد من الوزارات تعاني من البطالة المقنعة لكثرة العاملين فيها ومنها على سبيل المثال وزارة الصناعة والمعادن ومن الممكن الاستفادة من الخبرات الموجودة فيها بفتح معامل ادلة جنائية او في مكافحة الارهاب او الهندسة العسكرية او العمل الاستخباراتي والكثير من الامور الفنية التي هي بحاجة لأصحاب الخبرة , وحتى لو تطلب الامر ارسالهم بدورات تدريبية في الخارج او جلب مدربين اكفاء الى العراق . وذلك يساعد في الحد من البطالة والبطالة المقنعة وهدر الاموال وحل الكثير من المشاكل التي يعاني منها مجتمعنا العراقي اليوم , وعلى يقين بان تلك الخطوات ستسهم في تضيق الخناق على الخلايا الارهابية من خلال تكثيف الجهد بالبحث والمطاردة , ورحلة الالف ميل تبدأ بخطوة واحدة .
مقالات اخرى للكاتب