من حق التيار الصدري أن يفخر بقائده ، واذا لم يكن ثمة سبب لهذا الفخر فيكفيهم انه قائدهم ، وهم في هذا مثل انصار المالكي الذين ينحون هذا المنحى ، ومثل اتباع المجلس الاعلى ، ومثل كل التيارات التي تقدس القائد ، وتجعله أهم من القضية ، لأنه ـ من وجهة نظر كل فريق ـ صاحب هذه القضية وحارسها ؛ وفي بلدٍ مثل العراق مازالت ديمقراطيته طفلة ، بل أنها لم تبلغ حتى مرحلة الطفولة ، حيث لا انتخابات تأتي بوزير ، ولا وزير يأتي بانتخابات ، فكل ما يحصل ان يقوم الشعب بدعم الكتل جميعها وتزويدها بأعضاء برلمان جدد ، يكونون أدوات تصويت بيد رئيس الكتلة الذي سيتفق مع رئيس كتلة آخر لتشكيل حكومة قد لا يتوقعها الشعب .
ولعل اللعبة السياسية الجديدة نزعت من بعض قادة الكتل لقب ( دولة رئيس الوزراء السابق ) او فخامة السيد النائب السابق ، وهو ما حصل مع اياد علاوي والجعفري وعادل عبد المهدي وخضير الخزاعي، وقد تمسك علاوي بلقب دولة رئيس الوزراء السابق الى ان صار وزيرا حاليا ، وغدا يكون وزيرا سابقا ، ومثله الجعفري ، وكذلك عبد المهدي والخزاعي ، هذه هي السياسة ، لاسيما سياسة التوافقات والمنافع السلطوية .
أسوق هذه السطور لأصل إلى تيارين بقي رئساهما رئيسي كتلة ولم يتحولا الى منصب آخر ، وهما التيار الصدري والمجلس الاعلى ، وما أنا بصدده ، هو التيار الصدري الذي يعد من اكبر التيارات الجماهيرية ، وهذا التيار خاض معارك عسكرية وسياسية ، وضم مثقفين وانفرط عنه آخرون ، ومن بين من انفرط عن هذا التيار هو الاعلامي سعدون محسن ضمد ؛ ووفق مايرافق كل تحوّل تكون هناك تصريحات تدل على هذا التحول ، لكي يثبت صاحب التحول الى جمهوره الجديد ، انه تحول فعلا ، وعلى الجمهور الجديد ان يتابع تحوله ويراه ، وهكذا هي اللعبة السياسية ، لكنها لدى السياسيين أهون ، فالسياسي سيكون في كتلة جديدة تحميه ، مثلما حصل في تحولات عزت الشابندر وتحولات حسن العلوي ، وكذلك فتاح الشيخ ( الصدري السابق ) لكن حين يتحول المثقف او الاعلامي تكون هناك ردود أفعال سياسية مضاعفة قد تصل الى حد التحشيد ، الذي يقابله تحشيد الجهة التي تحول لها المثقف .
لقد قرأت بعد تصريح (ضمد) مقالات عدة ، منها مقال الصديق حمد الله الركابي (سعدون لم تكن مُحسِناً في مقالك - حمدالله الركابي ) ، فإن أحسن ضمد وفق ما يعتقد فذلك شأنه وان لم يحسن فذلك رأيه ، ولا أرى موجبا لكل ما يجري من ضجة اعلامية ، ان اتسعت او استمرت لن تنفع بقدر كونها مضرة للجميع ..
سعدون قال رأيه ، وعلينا ان نجرد رأيه من كونه صدريا سابقا ، حسب ما يريده الصدريون لأنهم يظنون انهم يعاتبونه او يلومونه لكنهم يدعمونه كون الرأي جاء من صدريٍ سابق !! كما ان قائد التيار الصدري هو شخصية عامة تتناولها الأخبار والسياسة ، وهذا التناول يكون وفق توجه الجهة الاعلامية ، ولعل الحرية الوحيدة التي خرج بها العراقيون بعد 2003 هي حرية البوح وهي حرية (عرجاء ) لكنها نافذة للتنفس لدى البعض ، لذلك ادعو كل الأصدقاء إلى إنهاء هذا الجدل الاعلامي ، وأدعو أصدقاءنا في التيار الصدري وأقول : سعدون ليس صديقاً لكنه ليس خصماً ، محبتي للجميع .
مقالات اخرى للكاتب