تغيرت منذ امس الاول نغمة الناس والحديث عن الاصلاحات والمخاطر الاقتصادية التي تمر بها المنطقة وانخفاض اسعار النفط والخوف على الرواتب وهجرة الشباب الى الاستهزاء واللعنة لما وصلت اليه البلاد بعد ظهور اصابات متزايدة بالكواليرا. البعض يقول ان هناك اصابات في الكرادة والآخر يقول اصابات فى الحسينية والقائمة تطول. فيما يظهر علينا جميع الاطراف المعنية للتحدث عن ارقام واحصائيات استندت أصلاً ألى حالات مشتبه بها .
(المدى) عاشت هذه الحالة في عامي 2007 و 2010 وقد رافقت العديد من المعنيين في المنظمات الدولية التي عملت على بث واشاعة الاجراءات الواجب اتخاذها للسيطرة على المرض الخطير.
خجل وزارة الصحة
الدكتور المتقاعد عبدالقادر مجيد يوضح لـ(المدى) أن جميع الامراض الوبائية التي تظهر في البلاد ومنها الكوليرا يتم تحميل الصحة المسؤولية بذلك ، والحقيقية ان وزارة الصحة (خجولة) بكشف الاسباب الحقيقية لظهور تلك الامراض ومنها عدم وجود مياه صالحة للشرب وكثرة النفايات، مضيفاً: لان ذلك يسبب حرجا للحكومة والجهات المعنية، وبالتالي تصبح الحكومة هي المسؤولة عن تفشي الأمراض.
وأشار عبدالقادر إلى ان وزارة الصحة واجبها محدد وهو تقديم النصيحة والعلاج للمواطن كما تعمل على ابلاغ الجهات المعنية بخطورة اوضاع معينة منها عدم وجود او توفر ماء صالح للشرب او تكاثر النفايات فى المناطق التي يُشتبه بانتشار المرض فيها. موضحاً: ان خجل وزارة الصحة والمتمثلة بعدم الكشف المبكر عن الاماكن التي يمكن ان تكون عرضة لمرض وبائي جعلها تتحمل المسؤولية في السيطرة على الامراض الوبائية، لافتا: ان هناك مبالغ كبيرة رُصدت من قبل مجلس محافظة بغداد وامانة بغداد ووزارة البلديات لتنفيذ مشاريع ايصال مياه الشرب الى اغلب مناطق واطراف بغداد لكن يبدو انها تصريحات اعلامية فقط ! مستغرباً : حديث محافظ بغداد وهو يعلن عن حدوث اصابات ولم يبرر لوسائل الإعلام عن اسباب انتشار هذه الأمراض ؟
الموقف الوبائي
الدكتورة إيمان عبدالكريم مقيمة في أحد المستشفيات تحدث لـ(المدى): علينا ان نعلم ان الوباء في طريقه للانتشار وان ظهور المسؤولين على شاشات التلفاز لا يحل مشكلة والتحدث عن لغة الارقام لا تحل مشكلة أيضاً والجميع هنا يعلم مَن هم المقصرون في إكمال المشاريع الخدمية خاصة مشاريع الماء الصالح للشرب التي تعد السبب الاول للاصابة بالمرض. مطالبة: وزارة الصحة ان تعمل على نشر الوعي الصحي من خلال النصائح والارشادات عبر وسائل الإعلام والتدابير الواجب اتخاذها لتفادي الاصابة بالمرض مع ضرورة كشف الارقام الحقيقة واماكن الاصابة.
محافظة بغداد ومشاريع المياه
اما الممرض عبدالرضا حسين فقد أوضح لـ(المدى): أُتابع جميع التصريحات الإعلامية في التلفزيون او الراديو وقد لفت نظري تصريح محافظ بغداد علي التميمي الذي يقول بالنص (إن غرفةَ عمليات المحافظة مع لجانِ المتابعة المختصة وضعتْ آليات وخطوات مدروسة لضمانِ عدم انتشار المرض في مناطق بغداد على وفق الإمكانيات المتاحة، وان الموقفَ الوبائي للمرض في المحافظةِ ما يزال غير مستقر . متسائلا: كيف يمكن التعامل مع وباء خطير مثل الكوليرا ( وفق الإمكانيات المتاحة ؟)
وفي وقت لاحق أعلن محافظ بغداد علي التميمي ارتفاع نسبة الإصابة بمرض الكوليرا في قضاء أبو غريب غربي العاصمة بغداد الى 159حالة بينها حالات خطيرة، متهماً وزارة الصحة بالتعتيم على ارقام الإصابات الحقيقية وضعف اجراءاتها بهذا الصدد، مضيفا: أن انتشار الوباء يعود الى اسباب عــدة أبرزها كثرة المتجاوزين على شبكات المياه وعدم الاهتمام بالنظافة.
الانتشار السريع
بعثة الأمم المتحدة الخاصة لمساعدة العراق (يونامي) أشارت انه وفقا لأحكام اللوائح الصحية الدولية لعام 2005 الموقعة بين وزارة الصحة العراقية ومنظمة الصحة العالمية، أعلنت في العراق عن تفشي وباء الكوليرا في محافظتي النجف والديوانية وبعض أجزاء غربي بغداد، ودعت الى ضرورة تكثيف التدابير اللازم اتخاذها لوقف سريان المرض ومنع انتشاره، مشيرة إلى ان هذا الإعلان جاء بعد الزيادة المفاجئة في حالات أمراض الإسهال المائي الحاد وتأكيد الفحوصات المختبرية التي أجريت في المختبر المركزي للصحة العمومية، وجود النمط إينابا (1) من الضمّة الكوليرية، وتأكيد (38) إصابة من مجموع (106) من عينات البراز المستحصلة.
وأضافت البعثة أن فرق العمل الخاصة بالكوليرا التي شكلت لمواجهة ذلك تضم مسؤولين من وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية وغيرها من شركاء الأمم المتحدة، لقيادة عمليات الاستجابة والتنسيق مع السلطات الصحية المحلية في المناطق المتضررة لمكافحة ذلك المرض الذي يمكن أن ينتشر بسرعة إذا لم يعالج في الوقت المناسب .
الاشتباه بالمرض
المتحدث الرسمي لوزارة الصحة بالوكالة د. رفاق الأعرجي اشار في حديثه لـ(المدى) أن مرض الكواليرا هو من الامراض المستوطنة في البلاد وقد ظهر المرض عامي 2007 و2010 وتمكنت الفرق الصحية من السيطرة على الوباء انذاك من خلال اتخاذ التدابير والاجراءات الاحترازية والوقائية اللازمة، مبينا: ان الفرق الجوالة ومن خلال التعاون مع الشركاء الدوليين تمت السيطرة على المرض وقد سُجل آنذاك العديد من الإصابات خصوصاً في مناطق عينكاوه في شمال العراق ثم ظهرت بعض الاصابات في مناطق الحسينية وغيرها من المناطق في بعض المحافظات، موضحاً ان هناك فهماً خاطئاً عند البعض وهو التعامل مع اية حالة مشتبه بها على أنها إصابة بالمرض .
لغــة الأرقام
وأوضح الأعرجي أن الموقف الوبائي في تغيّر يومي وهناك حالة رصد لجميع الحالات المشتبه بها وسيتم الإعلان عن إجمالي عدد الإصابات من دون أي تردد وهذا يأتي ضمن السياقات التي تعمل بها الوزارة مع الشركاء الدوليين منذ عام 2005 في الكشف عن جميع الامراض والحالات المكتشفة خصوصاً الأمراض الوبائية، مضيفا: إن لغة الأرقام وأحجامها ليست هي المطلوب بقدر الاجراءت الواجب ان نعمل بها بالتعاون مع المواطن من اجل تقليل أعداد الاصابات والسيطرة على المرض وهذا يأتي ضمن التزام المواطن باتباع النصح والإرشادات الطبية.
ندوات توعوية
الى ذلك نظم مركز صحي الكفل ومركز صحي الإمام بكر التابع لدائرة صحة بابل ندوات توعوية للمواطنين. الدكتورة رجاء جواد تايه مديرة شعبة تعزيز الصحة اوضحت أن الندوة ركزت على سُبل الوقاية من مرض الكوليرا من خلال استعمال المياه المعقمة والابتعاد عن تناول مشتقات الالبان (لبن العرب – جبن العرب ) والابتعاد عن تناول الاطعمة والاشربة من المحال غير النظيفة وغير المجازة رسميا وفي حالة الاصابة بالإسهال مراجعة اقرب مؤسسة صحية.
ردهات عــزل
من جهتها اتخذ العديد من المستشفيات الحكوممية الإجراءات الكفيلة لاستقبال الحالات المشتبه بها وكيفية التعامل معها. مدير مستشفى الإمامين الكاظمين سامر الزاملي أوضح لـ(المدى) انه تم توفير ردهة خاصة في الطوارئ لاستقبال المرضى المشتبه بهم قبل التأكد من اصابتهم وتحويلهم الى ردهة العزل مع توفير جميع معدات الوقاية الشخصية في الردهة اضافة الى التأكيد على اقسام المستشفى (قسم الأطفال، قسم الباطنية، شعبة الطوارئ والاستشاريات) بضرورة التعامل مع اية حالة اسهال على أنها حالة مشتبه بها.
الى ذلك كشف النائب عن ائتلاف الوطنية حسن شويرد بتصريح صحفي عن أعداد المصابين بمرض الكوليرا، مبينا ان مستشفى ابو غريب غربي بغداد سجل نحو اصابة (189) شخصا توفي منهم اربعة.
واضاف شويرد: ان هناك 58 حالة مشخّص فيها مرض الكوليرا ومسيطر عليها حاليا، مبينا: أن وزارات الصحة والموارد المائية والبلديات ومحافظة بغداد، مستنفذة جميع جهودها من اجل ايصال جميع الظروف القياسية لغرض تحجيم هذا المرض.
الى ذلك قدمت دائرة العيادات الطبية الشعبية مبلغ 200 مليون دينار الى مستشفى ابو غريب العام لمتابعة مرض الكوليرا وتوفير جميع المستلزمات الضرورية للسيطرة عليه .
وقال مدير عام الدائرة الدكتور حازم عبدالرزاق الجميلي: ان تقديم الدائرة هذا المبلغ لتوفير الحاجات والمستلزمات الضرورية تحسبا لأي طارئ وللحد من هذا الوباء الخطير الذي تعرض له عدد من المناطق من خلال ظهور عدد من الاصابات فيها وخاصة منطقة ابو غريب والمحمودية والزعفرانية اضافة الى اصابة واحدة في الكرادة.حتى ساعة اعداد وكتابة التحقيق كانت الارقام متابينة من جهة الى اخرى حتى كشف عضو لجنة الصحة والبيئة النيابية عبدالهادي السعداوي عن إحصائيات دقيقة حول عدد وفيات واصابات مرض الكوليرا في العراق. وقال السعداوي: انه حصل على احصائيات دقيقة حول عدد الوفيات والاصابات بمرض الكوليرا في العراق مبينا: ان الاحصائيات جاءت حسب ما يأتي: بغداد عدد الإصابات "30" حالة، النجف عدد الاصابات"10" حالات، محافظة الديوانية عدد الاصابات حالة واحدة ، بابل عدد الاصابات"3" حالات والسماوة عدد الإصابات حالة واحدة.
أعراض الكوليرا
إسهال شديد غير مصحوب بمغص ولون البراز أولا أصفر ثم أبيض كلون ماء الأرز وكمية البراز في كل مرة تبرز كبيرة، قيء شديد بعد الإسهال ويكون القيء غير مصحوب بغثيان ولون القيء أولا أصفر ثم أخضر ثم كلون ماء الرز وكمية القيء في كل مرة كبيرة،عطش شديد نتيجة الإسهال والقيء الشديدين يصاحب ذلك، جفاف نتيجة الإسهال والقيء الشديدين مؤديا إلى هبوط في الدورة الدموية. قد يشكو المريض من تقلصات مؤلمة في الأطراف أو البطن أو الصدر بسبب نقص أملاح الكلوريدات والكالسيوم، كما يشكو بعض المرضى كبار السن من ضيق شديد في منطقة الصدر ويحدث ذلك نتيجة لزيادة لزوجة الدم مؤدية إلى حدوث التصاق الصفائح الدموية ينتج عنها قصور في الدورة التاجية للقلب وقد يحدث نقص في البول نتيجة للجفاف مؤديا في بعض الحالات إلى توقف إدرار البول،علامات الجفاف التي تحدث بسبب الاسهال الذي يؤدي الى فقدان سوائل الجسم حيث تكون العينان غائرتين داخل المقلتين وعند شد جلد اليدين أو البطن فإنه لا يعود إلى مكانه الطبيعي كالذي يحدث في الشخص الطبيعي ويكون اللسان جافا. علامات قصور الدورة الدموية : يكون النبض سريعا وضعيفا أولا ثم يصبح جسه مستحيلا وينخفض ضغط الدم أولا ثم يصبح قياسه متعذرا وعند لمس الجلد يكون باردا ومبللا بالعرق وقد يحدث زرقة في الشفتين وأطراف الأصابع .