كلبة بحجم قطة ملونة بالأبيض والأسود والقهوائي , ذات أنف كبوصلة بحار وأذنين كرادار , وعينين مشعشعتين بالأفكار!!
أحتار بأمرها لأنها تدرك لغة بدني ومعاني كلماتي وأنغام عباراتي , فتتواصل معي بصمت ناطق وتفاعل حاذق , فأتأملها بعجب , وأسائلها عن السبب , فتجيبني بروية وأدب!!
كلبة تستجمع ذكاءً غزيرا , وتدرك مواطن الأخطار ومكامن الأضرار , وتتعلم بسرعة البرق من تفاعلاتها اليومية , وتُراكم في ذاكرتها أرشيفا معرفيا , لو نطقت به لأذهل البشر!!
كلبة عاقلة مفكرة نبيهة متفهمة , تُبرمِج سلوكها وفقا لنبضات أعماق صاحبها , وهمسات خلجاته وتواردات أفكاره.
كلبة أجالسها وأحاورها عمّا يدور في أروقة الحياة التي تعفرها الأنام بالخطل , وتزرع فيها المخاوف والرواعب وتحيطها بأسوار الملل , وتقاتل في سبلها أزاهير المحبة والروعة والأمل.
قالت الكلبة: البشر خطر!!
فقلت: وأين المفر؟
قالت:هذه الدنيا فِكر!
قلت:والشر فيها هل إنتصر؟!
قالت: أنت بعض لونٍ في صور!!
قلت: كل شيئ إنكسر!
قالت: وهل مَن إعتبر؟
قلت: ناعور الوجود مُنسَجَر!
قالت: أنت بهتان النظر!
قلت: فهل ينفع الأثر؟
قالت: العقل مفتاح الدرر!
قلت: للعقل في النفس مستقر!
قالت: النفس ترعى مَن حذر!
قلت: والسوء فيها قد أمر!
قالت: والحل أن يَشقى البشر!!
عجبت من الكلبة التي تحاورني بآلة إدراكٍ من تباريح الدهر!!
ومضيت أخطو على أوراق صفراء خاوية , تخبرني بأنها كانت خضراء وارفة , تتغنى قبل الخريف فوق أغصان الشجر!!
مقالات اخرى للكاتب