التصريحات الصادرة عن عضو لجنة الامن والدفاع النيابية ماجد الغراوي للسومرية نيوز (20 كانون اول الجاري) بشأن شحنة الاسلحة المجهولة في الطائرة التي هبطت في مطار بغداد, جاءت مخيبة للأمال. فقد كشف ان " ضابطاً في وزارة الدفاع بيّن وخلال تحقيقات اللجنة, انها شحنة تابعة لوزارة الدفاع... لكنها أتت في وقت متأخر جداً ". واضاف الغراوي " ان الوزارة ابرمت عقداً مع احد التجار لتزويدها بالاسلحة ".
لم استطع ان ابتلع هذه التصريحات ناهيك عن تمثلها. فهي اشبه بمسرحية كوميدية تفتقد لأي عنصر فكاهي. فقد كنت قد نشرت الشهر الماضي مقالاً يتعلق بهذا الشأن "لغز شحنة السلاح... هل سيحله حيدر العبادي حقاً ؟ " ووصفت الامر بأنه اول امتحان صعب يواجه رئيس الوزراء حيدر العبادي وطالبته بالتعامل بجدية في حل لغز شحنة السلاح . وابديت توقعاتي بأنها لابد ان تكون مرسلة الى ميليشيا متنفذة.
تشير التصريحات اعلاه بان لتوقعاتي " بعائدية هذه الشحنة الى ميليشيا متنفذة " نصيب كبير من الصحة, حيث تجري عملية خلط مضحك للأوراق لاتنطلي على نباهة المواطن العراقي ولا تتناسب مع جدية الامر وخطورته, للتمويه على الجهات الحقيقية التي تقف وراء شراء هذه الشحنة, انطلاقاً من تساؤلاتي التالية لأعضاء لجنة الامن والدفاع النيابية والضابط المعني ولرئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة بشخص العبادي :
- لماذا صرح طاقم الطائرة حينها بانها تحمل شحنة سكائر وليس شحنة سلاح اذا كانت موردة الى جهة رسمية ؟
- لماذا طلبت الطائرة النزول في مطار السليمانية ولم تطلب الهبوط في مطار بغداد مباشرة ؟
- لماذا تتعاقد وزارة الدفاع في جمهورية العراق مع تاجر سلاح (وسيط) ولا تتعاقد مع مؤسسات حكومية في الدول الموردة للسلاح مباشرة؟
- لماذا قام رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة بأصدار امر حجز الطائرة ومصادرة حمولتها وهي مرسلة الى وزارته ؟ واذا لم يكن يعلم بذلك حينها, لماذا لم يعلن عائديتها الى وزارة الدفاع لحد الآن وبعد مرور كل هذه المدة على مصادرة الشحنة؟
- هل هناك حاجة ملحة للآسلحة الخفيفة والمتوسطة لدى قواتنا المسلحة ام ان كل الشكوى التي نسمعها هي عن عدم توفر الاسلحة الثقيلة والطيران؟
- لماذا يعلن النائب ماجد الغراوي نتائج اولية للجنته البرلمانية ولم ينتظر نتيجة التحقيقات القضائية الحاسمة؟
اراد البعض تلبيس الشحنة لعصابات داعش وتصوير مصادرتها بأنها انتصار بطولي لحملة محاربة الارهاب ولصالح الحكومة الجديدة ولكن يبدو ان هذه النكتة لم تضحك احداً ايضا لأنه لم يستمر تداولها اعلامياً ولأنها لو صحت لكانت اساءت للحكومة واحزاب المحاصصة المتنفذة اكثر مما نفعتها, فهي اولاً كانت لتؤكد وهم "الامكانيات الخارقة" التي تمتلكها هذه العصابة وثانياً مدى الفساد المستشري في اجهزة دولتهم, بحيث تستطيع عصابة اجرامية تذبح ابناء الشعب العراقي وتقاتل قوات جيشه, استيراد اسلحتها عن طريق الموانيء الجوية التي تديرها الحكومة.
تصريحات النائب ماجد الغراوي, تجعل امتحان رئيس الوزراء حيدر العبادي اكثر صعوبة وتلقي على كاهله مسؤولية جديدة تتعلق بمصداقيته وائتلافه الذي رشحه رئيساً للوزراء لحل لغز شحنة السلاح, لأن النائب المذكور عن التيار الصدري الذي هو بدوره احد اعضاء الائتلاف الوطني العراقي الذي ينتمي له العبادي.
ان مساعي التغيير والقضاء على الارهاب والفساد وبناء وطن زاهر تستوجب الاعتصام بالارادة الوطنية والاتكال على العزم الشعبي والاستناد الى قوى التغييرالحقيقية.
مقالات اخرى للكاتب