مر يوم الأربعاء الموافق 19/3/ 2014 مرورا عابرا في حياة العراقيين وأيامهم المضطربة ،رغم ان هذا اليوم يسجل أحد صفحات التاريخ المهمة والمفصلية في تاريخ العراق الحديث، حيث تم غزوه من قبل الأمريكان في مثل هذا اليوم من عام 2003 أي قبل 11 عام ومن ثم أحتلاله ولازال!!.الغريب أن مثل هذا اليوم والتاريخ لم يعد يشكل شيئا في ذاكرة العراقيين التي أتعبتها سنوات الخوف والموت وفراق الأحبة والغربة والتي أختزنت ولا تزال الكثير من الصور والمشاهدات المؤلمة والحزينة منذ ثمانينات القرن الماضي (بداية الحرب العراقية الأيرانية) والى يومنا هذا!!.بعد أن صار الموت سوقا رائجة بالعراق تباع فيه يوميا ارواح العشرات بل المئات من العراقيين بلا رمشة عين!!!. وأمام حالة اليأس والأحباط هذه لم يعد أي شيء يهم العراقيين حتى وطنهم!!، رغم معرفتهم بأن العيب ليس بالوطن ولكن بمن حكم هذا الوطن! الذي لم يشعرأبنائه ولا مرة!! بدفء حنانه وأحتضانه لهم بقدر ما كان طاردا لهم ولأحلامهم التي صارت كخيط دخان!!. المهم لدى العراقيين الآن هو رغيف الخبز وكيف الحصول على سكن والأكثر سعادة ان تحصل على وظيفة تعطيك ضمانا وتقيك شر الحاجة من قادم الأيام في ظل ولو شيء من الأمان البسيط!. العراقي أصبح مخلوق آخر يختلف عن باقي خلق الله! بعد ان فقد أحساسه بالحياة والمستقبل وكل شيء جميل يمكن ان يؤسس صورة المستقبل لهذا الوطن والشعب الذي طحنته الحروب الخارجية والداخلية على مدى اكثر من ثلاث عقود!، فصار هذا العراقي يتحدى الموت لا بشجاعة منه! بل بسبب يأسه وتيقنه بأنه لا محال سائر الى هذا الطريق حتف أنفه!! وعليه فصار يعيش بلا مبالاة!، واستسلم بشكل كامل الى قدره وكيف سينتهي به المطاف على هذه الأرض الكربلائية!! أيموت بمرض عضال ام بسيارة مفخخة ام بعبوة لاصقة أم بطلقة كاتم المهم هو تيقن بأنه مادام يعيش على هذه الأرض فأن موته لن يكون طبيعيا!!.فلم تعد تخيف العراقيين صور الموت والدمارالتي أصبحت مألوفة وطبيعية! بعد أن فقد الموت هيبته وقيمته وأحترامه!، فسرعان ما ينسى العراقيين مصائب موتهم ويعودوا ليستمروا بالحياة لا حبا بالحياة ولكن لديمومتها ومن أجل ان يعيشوا ويعيشوا فقط بلا هدف او هوية او عنوان بعد ان افقدته كل العذابات والمصائب التي مرت عليه طعم الحياة وحلاوتها!!. فبقدر ما ترى العراقيين يتزاحمون على أبواب الأطباء والصيدليات من كثرة ما أصابهم من أمراض، بالمقابل فانك قد لا تجد كرسي او طاولة شاغرة في المطاعم ومحلات (الكوفي شوب والآيس كريم والملابس!!)، العراقيين أصبحوا يعيشون ليومهم فقط! بسبب ما أصابهم من ملل ويأس من السياسة وكذب الساسة عليهم!، وصاروا على يقين تام بأن لا امل يرتجى من قادمات الأيام،فلا زالوا تائهين بالنفق منذ 11 عام ولحد الآن وفقدوا حتى بصيصه الباهت الذي طالما عاشوا على أمل توهجه!!.لم يمر العراق بكل تاريخه الحديث منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 وحتى بتاريخه القديم بمثل ما يمر به الآن من ضياع واضح وتمزق لكل مكوناته الأجتماعية والدينية والمذهبية ونخر كل بناه التحتية وحتى الأنسانية! والأخطر هو ضياع الحقيقة لكل ما جرى ويجري منذ 11 عام ولحد الآن!!، وهو يقف الآن امام مفترق اكثر من طريق كلها ومع الأسف تؤدي به لا محالة الى التقسيم والتفتيت ليس بفعل المؤامرات الخارجية حسب بل بفعل بعض سياسيه الذين قبلوا ان يبيعوا هذا الوطن بثمن بخس!!الى كل من يريد تدمير هذا الوطن والشعب!.فجبهة المحافظات البيضاء سابقا!!( الأنبار – الموصل –ديالى – تكريت، تسمية أطلقت على هذه المحافظات أبان فترة النظام السابق لأنها الوحيدة لم تشارك بانتفاضة عام 1991 !!). هذه المحافظات أصبحت من اكثر المحافظات سخونة وتمردا على الدولة ومثلت جبهة قتال حقيقية لازالت تنزف دما عراقيا طهورا منذ سقوط النظام السابق ولحد الآن!!، وهي مهيأة للأنفصال عن جسد الدولة العراقية!.أما كوردستان العراق فيبدوا أن قصة تقاسم رغيف الخبز بين الشيعة والأكراد، بين السيد (محسن الحكيم) (رحمه الله) زعيم الحوزة الدينية في النجف الأشرف أبان خمسينات وستينات القرن الماضي، وبين الزعيم الكوردي (الملا مصطفى البرزاني) (رحمه الله)، هذه القصة يبدوا أنها انتهت! بعد ان فقدت مقومات أستمرارها! فالأكراد ماضون وبشكل سريع لأعلان دولتهم والقرار والتوقيت متروك للدول الكبارللموافقة على ذلك بعد أن يتم جرد دقيق لحساباتهم ومصالحهم القومية العليا !!!، كما يبدوا أن أمر كركوك (قدس الأقداس) كما يحب الأكراد تسميتها سيحسم لصالح الأكراد!! وهنا لا بد من الأشارة ان الزعيم (مسعود برزاني) هدد باحتلال منابع النفط في كركوك في حال عدم أيجاد حل لموضوع ( المصادقة على الموازنة )التي لا زالت معطلة في البرلمان العراقي رغم المطالب والمظاهرات الجماهيرية بذلك!. بقي شيء لا بد من الأشارة أليه هو أن الكثير من السياسيين هم على النقيض من الشعب العراقي فهم الأكثر سعادة ويحفظون كل الذكريات الحلوة عن يوم الغزو الأمريكي للعراق! لأن هذا الغزو فتح لهم طاقة القدر والسعادة والرفاهية والثراء على حساب جوع العراقيين ودمار بلدهم. أخيرا أقول: أين الله من كل هذا؟؟؟!!.
خارج الموضوع: بمناسبة عيد الأم: اهدي الى الأم العراقية المظلومة والتي طالما اتشحت بالسواد هذا البيت من الشعرالشعبي: ما تنسمع رحاي بس أيدي أدير تطحن بكايا الروح مو تطحن شعير.
مقالات اخرى للكاتب