قررالرئيس الأمريكي، أوباما يوم 9 اوغست 2014، وقال إنه"أصدر توجيهات إلى الجيش الأمريكى بالقيام بضربة جوية تسمح بفتح الطريق للقوات العراقية لكسر الحصار الذى يفرضه تنظيم "الدولة الإسلامية" داعش على الأيزديين فى جبل سنجار، والا تستطيع الولايات المتحدة ولا يجب أن تتدخل كلما حدثت أزمة فى العالم" (..) وأكد على أنه لن يسمح بـ"جر أمريكا إلى حرب أخرى فى العراق ".وحدد أوباما خطوات اميركا للتعاطى مع الأزمة فى العراق التي تركز على حماية مواطنيها.
اما الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الاركان المشتركة الامريكية فقال، ان مسؤولين قلقون من احتمال ان يعود مواطنون اوروبيون او امريكيون الي بلدانهم وقد تملكتهم نزعة التشدد بعد مشاركتهم في القتال في العراق او سوريا.
اكد العراق يوم 18 اوغست 2014 تطهير سد الموصل بشكل كامل من قبل قوات مكافحة الارهاب وقوات البشمركة باسناد جوي مشترك اميركي عراقي. واعترفال تنظيم بانسحابه من منطقتي حدوديتين مع اقليم كردستان، وقال انه كان "قاب قوسين او ادنى من فتح عاصمتهم اربيل لولا استنجادهم بسيدهم الصليبي واشنطن"، كما ورد في بيان للتنظيم بعنوان "التصدي للحلف الاميركي الكردي".
نشر تنظيم "الدولة الاسلامية" يوم 18 اوغست 2014 شريط فيديو يظهر فيه مسلح ملثم ينتمي للتنظيم وهو يقطع رأس الصحافي الاميركي جيمس فولي . كما تضمن الشريط تهديدا بقتل أمريكي آخر يحتجزه التنظيم اذا استمرت الغارات الجوية ضد المقاتلين الإسلاميين في شمال العراق. قال "فيليب بالبوني" مدير عام موقع "غلوبال بوست"الأ خباري الذي كان "فولي" يعمل لحسابه أثناء تغطيته الحرب في سوريا حيث خطف في نهاية 2012، إن خاطفي الصحافي الأمريكي كانوا على اتصال بعائلته وبه شخصيا خلال الأسابيع التي سبقت إعدام "جيمس فولي" على أيدي الجهاديين. وقال "كنا على اتصال بالخاطفين وبدا انهم كانوا في وقت ما متقبلين لفكرة التفاوض على إطلاق سراحه" ولكن الخاطفين غيروا موقفهم لاحقا وقطعوا الاتصال معنا".
ردود فعل
جائت ردود فعل المسؤوليين في الادارة الاميركية سريعة في اعقاب نشر الفديو، قال مسؤولي البنتاجون: "التهديد الذي يمثله تنظيم الدولة الاسلامية يفوق أي شيء شاهدناه." وقال وزير الدفاع الامريكي تشاك هاجل للصحفيين في البنتاجون "هم يمثلون تهديدا وشيكا لكل مصالحنا سواء كانت في العراق او اي مكان اخر." قال قادة عسكريون امريكيون ان متشددي تنظيم "الدولة الاسلامية" لديهم وسائل متطورة وموارد مالية وقوة عسكرية تجعلهم يمثلون تهديدا كبيرا للولايات المتحدة ربما يفوق التهديد الذي شكلته القاعدة في وقت ما. اما البيت الابيض فاعتبر مقتل الصحفي هجوما على الولايات المتحدة.
دان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بشدة مقتل الصحفي الأمريكي جيمس فولي على يد تنظيم داعش. في حين وصف الامين العام للامم المتحدة بان كي مون اغتيال الصحافي الاميركي بانه جريمة رهيبة، بينما دان وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند اعدام فولي بعد بث تسجيل فيديو على الانترنت يتضمن لقطات لعملية قطع رأسه.
إستراتيجية اوباما في محاربة الارهاب
كانت وماتزال إستراتيجية ادارة اوباما في مكافحة الارهاب تتميز بالتردد والمهادنة مع الخصوم، فالادارة الاميركية سبق لها ان تفاوضت مع خصومها من طالبان وربما من القاعدة او مع "الدولة الاسلامية" واليوم مع حزب العمال الكوردستاني. تجربة الولايات المتحدة في العراق وفي المنطقة الغربية مابعد الغزو الاميركي عام 2003، جعلت الاستخبارات المركزية والبنتاغون ان يفتحو قنوات مع قيادات القاعدة سابقا. المعتقلات في العراق ايضا كانت توفر للاستخبارات والبنتاغون الكثير من قنوات الاتصال مع التنظيمات "الجهادية". الولايات المتحدة استطاعت عام 2005 ان تشكل الصحوات في العراق وتهزم القاعدة بقيادة الجنرال باتريوس. هذه التجربة يبدو ان واشنطن او البيت الابيض لم يعد قادرا على توظيفها او تطويرها في مواجهة القاعدة و" الدولة الاسلامية" الاسباب:
ان الادارة الاميركية لم تطور بعد سياساتها في مكافحة الارهاب والتي اصبحت غير قادرة على موازاة التطور السريع الذي يحدث في ميكانيكية الارهاب وما يحققه التنظيم من توسع.
إن القوات الاميركية مازالت تستخدم التكتيك التقليدي في مواجهة الارهاب وهو، الطيران اي الضربات الجوية والقوة الضاربة، النخبة، وهذه الاجرائات اصبحت لا توازي حركة ونشاط "الدولة الاسلامية".
اعتماد واشنطن على الطيران المرتفع، رغم تأثيره لكن لايتماشى مع تكتيك الدولة الاسلامية، وحرب الانفاق والبيوت المفخخة والدروع البشرية والرهائن.
إن قيادات "الدولة الاسلامية" تحديدا تحولت الى شبكة عمل اكثر من تنظيما مغلقا، وهذا يعني انه لايمكن حصرها في جغرافية معينة وتحولت بديلا ايدلوجيا "فكريا" للقاعدة.
القيادات المائعة "للدولة الاسلامية" بان هذه القيادات اصبحت غير منظورة على الارض مثلما هي موجودة عن القاعدة التنظيم المركزي او في اليمن. فهي تستخدم اسلوب الهجوم والاختفاء.
الاستخبارت المركزية اثبتت عدم قدرتها على تغطية المعلومات حول تنظيم "الدولة الاسلامية"في سوريا والعراق والمنطقة.
إن التوسع السريع في دول الجوار وضم فصائل "جهادية" مقاتلة اخرى، يساعد التنظيم على التخفي وتظليل الخصوم، وهذا مافعله التنظيم قبل وبعد اعلان خلافته يوم 10 يونيو 2014.
إن تنظيم "الدولة الاسلامية" يعتبر تنظيما سريع الحركة ويتركز في الدول الفاشلة، اي ينشط خارج مناطق السيطرة ويحصل على ملاذات وحواضن امنة.
ترتكز اميركا في مواجهة التنظيم على سياسة "خصخصة الحروب" اي تجنيد مجموعات محلية للقتال بالوكالة وهذا تاثيرها اقل من القوات المدربة، بالاضافة الى احتمالات التسرب بالمعلومات والتسلح وهذا ماحصل في سوريا، اي ان اميركا مازالت تراهن على القتال بالوكالة.
فقدت القوات الاميركية قدرتها على الامساك بالسيطرة في الساحات القاعدية التي بدئت تشهد توسعا سريعا في مناطق واسعة في العالم خاصة في افريقيا وجنوب اسيا ومنطقة الشرق الاوسط وهذا يعني ان اميركا فقدت القدرة على السيطرة.
التداعيات
ـ إن "الدولة الاسلامية باستطاعتها تهديد الولايات المتحدة والغرب، بتهديد مصالحها في المنطقة.
ـ إن "الدولة الاسلامية" تمتلك مؤيدين وخلايا نائمة في الولايات المتحدة وفي اوربا، وهذا يبرهن ان التنظيم يعتمد الاستخبارات في عمله اكثر من قدرته العسكرية.
ـ نجح تنظيم "الدولة الاسلامية" بمخاطبة الغرب اعلاميا وبالطريقة التي تثير اهتمامهم وفي نفس الوقت اثارة الرعب والصدمة، وهذا انعكس في تصريحات وزير الدفاع الذي افادت بان هذا التنظيم فاق تنظيم القاعدة وربما فاق تقديرات البنتاغون والاستخبارات المركزية. وهذا يعني ان الاستخبارات المركزية الان في مرحلة مراجعة لخططها وسياساتها في المنطقة لمواجهة " الدولة الاسلامية".
ـ ظهور سياسة اميركية واوربية جديدة في المنطقة ولو مرحليا تتضمن التقرب من الانظمة والمشاركة في مواجهة تهديدات الارهاب، بعد ان كانت تنفرد بنشر قواتها.
ـ اعادة اتصالات الاستخبارات والبنتاغون علاقاتها القديمة مع بعض الزعامات العشائرية المتحالفة مع التنظيم او الواقعة تحت سيطرتها بشكل قوي جدا.
ـ حصول التنظيم على متطوعيين جدد، يشار ان التنظيم شهد توسعا عموديا وافقيا في سوريا والعراق والمنطقة، فبعد ان كان حجمه يقدر ب ثمانية عشر الف مقاتل، الان التقديرات تشير الى ان التنظيم يملك اكثر من خمسين الف مقاتل فقط في سوريا وربما سبعون الف في العراق، اما المقاتلون الاجانب، فشهد تصاعدا ايضا لكن رغم ذلك لايتجاوز بضعة الالاف من الاوربيين. الخارجية الاميركية يوم 22 اوغست 2014 قدرت المقاتليين الاجانب ب اثنتي عشر الف من خمسين بلدا، لكن تبقى الاعداد الخارجة والداخلة من اوربا بمعدل مئتين مقاتل من كل بلد رغم ان المقاتليين الاجانب من بريطانيا تجاوزت ال اربعمائة مقاتل.
إن التحدي الاكبر امام دول المنطقة لمكافحة الارهاب في المنطقة، هو امكانية فصل هذا التنظيم عن حواضنه، بعد ان استطاع كسب الكثير من الزعامات والعشائر والمجموعات المسلحة في العراق وسوريا ويمسك لسيطرة على الاخرين وسط الفراغ السياسي. وهذا مايثير الكثير من التسائولات عن نوع السياسات التي ممكن اتباعها. تبقى الولايات المتحدة واوربا تهتم في شأن عودة المقاتليين الاجانب الى اوطانهم اكثر من امن المنطقة، وهذا يعكس بان الولايات المتحدة والغرب لحد الان لم تعد تفهم التعامل مع المنطقة وفي سياسات مكافحة الارهاب الني عادة تخلق خصوم اكثر، لذا يبقى الرهان على السياسات الاقليمية للمنطقة مع دعم دولي، هي الكفيلة في مواجهة الارهاب.
أن حادثة قتل الصحفي الاميركي بهذه الطريقة الارهابية الفضيعة كانت مقصودة من قبل "الدولة الاسلامية" لمواجهة الضربات الجوية التي تتعرض لها من الطيران الجوي الاميركي." الدولة الاسلامية" من المتوقع ان تستخدم رهائن اخرى لتصعيد تهديداتها، ويبدو انها بالفعل نجحت بتفعيل هذه الحادثة اعلاميا لتضرب بتداعياتها الراي العام والمجتمع الدولي، هذه الحادثة كأنها فتحت اعين الغرب واطراف دولية عن حجم التهديدات الارهابية المحتملة لامنها الوطني، لكنها للأسف كانت تتجاهل مئات الالاف من ضحايا الارهاب في سوريا وفي العراق. الاهتمام الغربي ربما لا يصل الى نشر القوات والجهد العسكري بقدر مايركز على الدعم بالمعلومات والاستخبارات والتسلح.
*باحث في قضايا الإرهاب والإستخبار