"الان حصحص الحق" هواجس الحذر من النقد كانت حاضرة المواطنين طوال سنين التغيير , املاً بانفراج ازمة وخوفاً من التأثير في مسيرة مشروع ما قد يخدم البلد , او حرص على اواصر محبة او قربة مع هذا المسؤول او ذاك او رغبة في التقرب او التزلف .. وكثيرة هي اسباب الحذر والترقب رغم ان الكثيرين ينظرون الى النصف الفارغ من القدح لإيمانهم بصعوبة المهمة وسط اتساع افة الفساد في البلاد. في ظاهرة تكاد تكون نادرة كان للسماء دور بتبديد الهواجس لدى العراقيين , حين انشأت السحاب الثقال لتنزل الغيث الوفير الذي عرى المفسدين وكسر حواجز الحذر والخوف لدى المواطنين في توجيه النقد والمطالبة بمحاسبة المقصرين والمفسدين في تنفيذ المشاريع الخدمية واعادة اعمار البنى التحتية في جميع المدن . المدن المنكوبة والارواح التي زهقت والعوائل التي هجرت والثروات المهدورة والحياة المتوقفة عن مواكبة الزمن كانت عنوان المشهد العراقي المؤلم طيلة الايام الماضية , وكل ذلك لم يكن بسبب الارهاب الاعمى كما عهدناه بل هذه المرة بسبب المسؤول الاعمى والغرق بنتائج اعماله , المسؤول الذي اعمى الطمع والجشع بصره وبصيرته ليقوم بتمرير العقود المزيفة واستلام المشاريع الغير مطابقة لشروط الانجاز والتوقيع على المواد الغير مطابقة للمواصفات , مقابل حفنة من الدراهم يبيع فيها ضميره ووطنه وآخرته ليخلفها بعده لمن يورثه ليحصد بالمقابل جهنم خالد فيها بما كسبت يداه . اصبح واضح للعيان حجم الفساد الكبير في مجال تقديم الخدمات وتنفيذ المشاريع وهدر الاموال , وقد تدلى الفاسدون بسوء اعمالهم وبدت لهم سوأتهم وطفقوا يخصفون عليهم بدلات العمل وينتعلون ( جزماتهم) ليواروا قبح فعالهم بما كسبت ايديهم , لكن حكم السماء كان عادلاً ليذيق المفسدين مرارة الخوف من ردة الفعل بعد ان كشفت اقنعتهم المزيفة زيف كلماتهم التي يذيقون الناس فيها حلاوة ويروغون كما يروغ الثعلب . الفاسدون الذين اسودت وجوههم بقبح افعالهم اليوم سيعملون على تلميعها بشراء ذمم مرة اخرى , والشعب لن يغفر لأولئك بعد ان طفح الكيل برداءة العمل وازهاق الارواح وايقاف عجلة التقدم , والجميع يطالب الحكومة بمحاسبة المقصرين عن تلك الفعال وامام انظار الشعب من اجل رفع الظلامة وتصحيح مسارات العمل للنهوض بالبلد . واليوم اسمع همس في الشارع يدور عن تصريحات رئيس الوزراء العراقي في كلمته الاسبوعية الاخيرة وهو يصف غرق المدن بالمؤامرة التي نفذها بعض المنتمين للأحزاب التي تريد الاطاحة بالعملية السياسية من خلال تعطليهم المضخات , والمواطن هنا يتسأل ان كان رئيس الحكومة يعلم بالمقصرين فلماذا لا يحاسبهم او يكشفهم على رؤوس الاشهاد ؟! ليحقق العدالة وينتصر للمظلومين والمتضررين وهو الراعي والمسؤول عن رعيته ولنطلقها صيحة معاً " الان حصحص الحق ".
مقالات اخرى للكاتب