مازالت عبارة (قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا … كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا) لأمير الشعراء أحمد شوقي الشاعر المصري المعروف التي حفظناها عن ظهر قلب منذ نعومة اظفارنا عالقة حتى الان في اذهاننا.
وعندما كبرنا اكثر بدأنا نسمع مقولة (المدرسة بيتك الثاني فحافظ عليها) فترسخت في اعماقنا ان المدرسة هي بيتنا او جزء من هذا البيت الذي يضم أفراداً يشبــهون بصلاتهم الفردية والشخصية عائلتنا.
وعند تخرجنا من الاعدادية دخولنا في المرحلة الجامعية ترسخت في اذهاننا عبارة (الحرم الجامعي) والاحترام الواجب له المجرد من كل اسباب واشياء فقط قميص ابيض و بنطلون رصاصي وكتب واقلام ودفاتر .
الذي يدل على قدسية المكان و خصوصيته بالعلم والفضيلة والسلام والتجرد من النوازع غير الفضيلة في الانسان .
حتى ونحن خارج الدراسة وبعد ان اخذتنا الحياة والتزاماتها بعيدا عنها وعن مقاعدها وبناياتها ستبقى راسخة هذه المقولات وهذه الصور.
ولكن في هذه الايام تغير الحال في بلدي وبدأنا نسمع قصصاً مرعبة وحوادث تحصل في مدارسنا وجامعاتنا .
ابتداءً من عدم تقدير واحترام دور المعلم او المدرس واهمال اهمية هذا الدور في المجتمع مرورا بالتجاوز على حرمات الصف و التعليم وعدم وجود هدف حقيق للطالب من دراسته وانتهاء الى ما وصلت له الحياة الجامعية من تفسخ و فساد واضح للعيان وتخلف حتى انها خرجت عن التصنيف الاقليمي وليس فقط الدولي .
حتى صدمتنا الاخبار بحادثة قد تكون غريبة جدا لطالب يحاول اقتحام المدرسة هو ومجموعته للانتقام من مدير المدرسة (من دون معرفة السبب) .
وبغض النظر عن الاسباب الا ان الموضوع بأكمله هو تجاوز وتطاول على حرمة التعليم وعلى حرمة الانسان لا بل انه تجاوز على حرمة الدولة ايضا .
ومهما كانت الاسباب فان هناك طرقاً اخرى في حالة وجود تقصير او ظلم وقع على الطالب من قبل المعلم او المدرس تحفظ للجميع حقوقه ومكانته وهيبته ابتداءً من شكوى للمدير وانتهاء الى شكوى تقدم الى المديرية العامة للتربية .
ان هذه الحادثة تدل على مؤشر خطير بارتفاع معدلات الجهل والعنف وغياب القانون وعدم احترام هيبة الدولة وانتشار الفئات والجماعات المسلحة فيها وغياب سلطة القانون .
ولكن ما الحل تجاه هذه المشكلة التي باتت تستفحل يوما بعد يوم فهذه ليست الحادثة الوحيدة التي حصلت و التي ستحصل في المستقبل ومن دون ان تجد اي علاج لحلها .
وبعيد عن مشاكل مدارسنا و طلابنا (الذين اصبحوا بعيدا عن صفتهم من طلب العلم و المعرفة كل البعد حتى اصبح الاسم من دون مسمى).
فلقد ذكرني هذا الخبر اني ذات مرة وانا اتابع تقريرا عن المدارس في اليابان وكيف يتعامل الاهل والطلبة والمعلمون في صورة إنسانية رائعة وبهية تعكس تطور الدول واحترامها للفرد و للعلم و لمكان العلم وتضع لنفسها قوانين و شرائع واعرافاً فتلتزم بها من دون رقابة او قوة لتنفيذها.وانا اتحسر في داخل نفسي واقول هل سياتي يوم علينا نعيش مثل هؤلاء ؟!
ولكن دائما يخيب ظني اصوات عراك الطلبة وهم يخرجون من المدرسة بفوضى كبيرة تأخذني الى حيث ذاكرتي مرة اخرى وانا اشاهد تلك الفوضى التي يخلفها مصارعو الثيران في مهرجانات المصارعة في اسبانيا .
مقالات اخرى للكاتب