غازي إسم عَلم , ومشتق من الغزو أو المَغزى , ففي اللغة:
غزا الشيئ غزوا: أراده وطلبه.
وغزوت فلانا أغزوه غزوا.
والغِزوة من غُزي وطُلِبَ.
وعرفت ما يُغزى من هذا الكلام : ما يُراد.
والغزو: القصد.
وغزوي كذا: قصدي.
والغزو: السير إلى قتال العدو وإنتهابه.
والمَغازي: مناقب الغزاة.
والغازي تأنيثه الغازية.
والغازي: الطالب للغزو, وجمعه: غزاة.
و"غازي" إسم شائع في العراق, ويُنسب شيوعه إلى الملك غازي لحب الناس له , وإتخاذه رمزا للوطنية والعروبة والشباب والحيوية والتطلع نحو المستقبل المجيد.
فقد كان الملك غازي ممثلا لروح شباب الأمة وأملها المشرق.
وقد ولد في 12\3\1910 وتوفي في 4\4\1939 , ولا يزال الغموض يحيط قتله في حادث السيارة المعروف.
وكان من معارضي الإنكليز, وله إذاعته الخاصة التي تبث أحاديثه من قصر الرحاب.
وقد توّج ملكا على العراق بعد وفاة والده الملك فيصل الأول في 8\9\1933 , وزوجته الملكة عالية بنت علي وإبنه الملك فيصل الثاني.
ويقال أن الإسم"غازي" شائع في الدولة العثمانية والمجتمع التركي , لأن الإمبراطورية العثمانية كانت مولعة بالغزو , وللغازي مكانة ورفعة وتأثير في الحياة العامة , وكأن الغزو قيمة إجتماعية وسياسية , فهو تعبير عن القوة والإقتدار والسيطرة.
وجميع الإمبراطوريات في التأريخ أسست مجدها على فكرة الغزو , وأن تكون هي القوة الغازية , ولايزال هذا السلوك متسيدا على التفاعلات القائمة ما بين القوى الأرضية , ولو أن أساليبه قد تبدلت وتطورت وتعقدت.
وفي العراق كانت عندنا "سجائر غازي" , وتسوّق بعلبة أنيقة , وكأنها صندوق مربع صغير أبيض اللون , مغلف بالسليفون , وكان الكثيرون يدخنون "سجائر غازي" التي أظنها كانت مصنعة من تبغ الشمال خصوصا السليمانية , والذي يمتلك نكهة عراقية خالصة.
و "غازي" صديقي الذي أحبَّ الصيدلة , وبرع فيها , وكأنه يستحضر إبداعات الصيدلي المشهور "إن البيطار" وكتابه جامع المفردات , ويستلهم شيئا من كتاب الصيدلة في الطب للبيروني.
فالعرب قد أحدثوا ثورة علمية في الصيدلة , خصوصا يوم تألقهم الحضاري في زمن المأمون , إذ وصلت علوم الصيدلة وتحضيرات الدواء إلى أوجها.
وقد تحدثنا عن ثقافة المدينة , ودور الغزو في الحياة , في الماضي والحاضر , وسألني لماذا تكتب عن "سامراء" , وذكرت له بأنها المدينة التي إنطلقت منها الغزوات الكبرى , وفيها صرخة "وامعتصماه" التي لا نعرف التعبير عنها , لأننا دون إمتلاك قدرات التواصل مع معانيها وجوهر مغزاها ومقصدها.
ولأن المدينة بنيت لتنافس مدن الأندلس المعروفة , وحتى جامعها الكبير كان منافسا للجامع الكبير الذي بدأ ببنائه "عبد الرحمن الداخل"(صقر قريش) في الأندلس , بعد أن تم فتحها من قبل طارق بن زياد في عهد هشام بن عبد الملك , وتواصل الحكم الأموي فيها حتى بعد سقوط الدولة العباسية في عام 1258, حيث إنتهى بسقوط غرناطة في 1\2\1492.
والمجتمعات اليوم تتعرض لغزوات متنوعة ومعقدة , وللغزو الإليكتروني تأثيره الواضح على السلوك المعاصر , حيث أصبح البشر أسيرا لمواقع التواصل الإجتماعي بأنواعها.
وما عاد هناك حاجة ملحة للجيوش الجرارة لتحقيق الغزو , إذ يمكن غزو العقول وتحويلها إلى قوى محققة لإرادة القوة الغازية , أو للوصول إلى الهدف المطلوب.
والغزو , كما هو معروف, يعبّر عن القوة , والمجتمعات القوية تغزو المجتمعات الضعيفة , بكل ما فيها , من الثقافة والإقتصاد والمخترعات , والأفكار, ولهذا فأن مجتمعاتنا بأسرها , محكومة بالغزوات المتوافدة إليها , كالسيل العرمرم من كل حدب وصوب , وصارت بعضها كالخشبة التي إستسلمت لإرادة الأمواج , ودفق الغزوات العاصفة في المكان والزمان.
فالمجتمعات تفقد طاقات الغزو إذا جهلت المَغزى , وغاب عنها القصد , ولهذا فأن إسم غازي سيتلاشى في مجتمعاتنا , التي ما عادت تعرف معنى مفردات لغاتها العريقة!
غازيٌ أنتَ ولكنْ دونَ غزوٍ
كيفَ أسْمَوْك بإسمٍ ضدّ فِعلِ
طيّبً القلبِ وتبدو غازيا
إنّما المَغزى , أرادوا قصد عقل
قد غزوناكَ وكنتَ الغازيا
بجزيلٍ وجميلٍ ثمّ أكلِ
فتحيّاتي لروحٍ أيْنعتْ
وتسامَتْ بنبيلٍ أو بفضلِ