في الظروف التي نعيشها، ما بين القلق والترقب، والانتظار لما ستفضي إليه هذه الأزمة التي ضربت كل مفاصل الحياة في العراق، وفي نظرة أمل إلى حكماء البلاد لتجنيبها الانزلاق إلى هوة لا يمكن النجاة منها دون خسارات أفدح.
هذه الظروف تحتم الحكمة والتعقل، والنظر إلى ما يجمع العراقيين ويوحدهم تجاه الخطر المحدق من عدو يتربص بالجميع، ولا يستثنى أحدا من شره.
أن الحلف الغامض، الذي جمع البعثيين وغيرهم مع تنظيم إرهابي دولي، ليس له من هدف سوى تدمير البلاد وتشريد اهلها وإلحاق الأذى بهم، ولا يمكن بأية حالة من الأحوال أن يستخلص حقا تطالب به شرائح وقع عليها ظلم أو تشعر به، ولا يمكن أن تستعين بالتنين لاطفاء كومة من الجمر ترقد تحتها نار لا تحتاج إلا لمن يقوم بتحريكها.
يقول الحلاج في ابيات له:
سقاني مثلما يشـرب كفعل الضيف بالضيف
فلما دارت الكــأس دعا بالنطع و السيـف
كذا من يشرب الراح مع التِـنين في الصيف
هذه الابيات قد تفسر ما آل إليه التحالف الغامض، فبعد أن تحالفت بقايا البعث بتنين التنظيم الارهابي، احرق هذا التنين كل وعد واتفاق، وشرع بتنفيذ ما ينسجم مع جوهره، فداعش ما أن تمكن من دخول المدن التي استولى عليها بمساعدة هؤلاء، حتى أخذ بتصفية حساباته معهم ومع السكان الذين هم الضحية الأولى في كل ما حدث ويحدث، سواء في الموصل أو تكريت وغيرها من القرى التي وقعت تحت سطوة هذا التنظيم الارهابي.
ووفق المعطيات على الأرض، وما يفعله تنظيم داعش من فرض احكامه على المدن التي استولى عليها نتيجة تراكمات من الخلافات التي استمرأت القوى السياسية في ابقائها دون وضع حلول لها لأغراض لم تكن في صالح أي طرف من هذه الاطراف، فأن ما يحدث ايضا ليس في مصلحة الدول الاقليمية أن يتحول العراق إلى حجر أساس لدولة ارهابية تسعى للتمدد واستلاب أراض لتحقيق وهم يكاد أن يكون حقيقية مع ما رافقه من رد فعل دولي لايتناسب مع حجم الخطر الذي يواجه المنطقة، حيث أن وجود مقاتلين من دول: بريطانيا - فرنسا - استراليا - السعودية - تونس - اليمن - وغيرها..، في صفوف داعش الإرهابي، يحتّم على هذه الدول مساعدة العراق للتخلص مما ابتلي به من شرور هذا التنظيم الارهابي الدولي، وعليهم ألا يتخلوا عن التزامهم الاخلاقي.
وفيما يخص المطالب المشروعة للعراقيين فهذا من واجب القوى السياسية والحكومة أن تقوم بحلها، واعادة النظر بالسياسة ألتي ادت إلى هذا الاحتقان والانسداد في العملية السياسية، مبتعدين عن العناد والاصرار على النهج الخاطئ، والالتزام بالدستور وتصحيح مسار العملية السياسية التي يحاول التحالف البعثي الداعشي أن يسقطها، والتي رضيت بها الغالبية الساحقة من الشعب العراقي، رغم الكثير من السبليات التي رافقتها نتيجة للتفرد بالقرار وتهميش المؤسسة التشريعية، وتقويض مؤسسات الدولة المستقلة من خلال تغليب المصلحة الحزبية الضيقة، وأساس بنائها على المحاصصة المقيتة.
وعلينا أن لا ننسى أن أهم ركيزة لمنطلق الحلول السياسية هو الاسراع بتشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة تشارك فيها جميع القوى الوطنية الفاعلة في العملية السياسية.
مقالات اخرى للكاتب