من المعروف للجميع ، بان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي ترتبط بها الجامعات الحكومية جميعا وتشرف على التعليم الجامعي الأهلي العراقي ، تستقطب إعدادا كبيرة من الشباب بمرحلة عمرية مهمة وحساسة وهؤلاء الطلبة يتوسمون إكمال دراستهم الجامعية ولكل منه غاياته وأهدافه وأحلامه ولكن اغلبها تصب في خدمة البلد ، ومن الأمور المفرحة إن الاستمرار بالدارسة الجامعية يسير على وفق السياقات العلمية والإدارية رغم وجود العديد من الصعوبات المتعلقة بالطالب نفسه وبعض الملاحظات المتعلقة بالجامعات التي يمكن تلافيها بخطوات لان اغلبها تراكم خلال عقود وسنوات بسبب ما مرت به البلاد ، ومما يسجل لصالح الطلبة استمرارهم بالدراسة وعدم العزوف عنها بما يشكل الظاهرة على الرغم من الظروف الصعبة التي مرت وتمر بها بعض المحافظات التي تتواجد فيها الجامعات ، كما إن عوائل الطلبة تقدم تضحيات كبيرة من حيث الإنفاق على أبنائها رغم الازمات الاقتصادية التي عصفت بالاقتصاد والتنصل الحكومي الجزئي عن صرف منحة الطلبة التي من المفروض أن تكون واجبة التطبيق ، ولعل الأمر الأكبر تحديا إن الدراسة مستمرة على الرغم من محدودية فرص العمل ووجود احتمالية كبيرة لتحول اغلبية الخريجين إلى عاطلين عن العمل عدا بعض الاستثناءات .
لقد عرضت هذه المقدمة بعد إن اطلعت على كتاب وزارة التعليم العالي والبحث العلمي / دائرة الدراسات والتخطيط والمتابعة / القبول المركزي بالعدد 3228 في 22/ 6 / 2016 بعنوان معالجة حالات الطلبة بانتهاء السنة الدراسية 2015 / 2016 ، والمتضمن تخويل الجامعات بإضافة 5 درجات أخرى في حال تغيير الحال من مكمل إلى ناجح حصرا ، وملاحظتنا على هذا الكتاب ما يتعلق بتحديد الحالات الني يطبق عليها والتي تتعلق بتغيير نتيجة الطالب من مكمل إلى ناجح (حصرا ) ، فمن الممكن لهذه الخمسة درجات أن تعالج حالات أخرى عدا تغيير الحالة ومنها تخفيف العبء عن الطلبة بان يتحول من مكمل بثلاث دروس إلى اثنين أو من أربعة إلى ثلاثة ، فالوزارة سبق وان أصدرت تعليمات بالسماح للطلبة بإعادة الامتحانات في الدور الثاني بغض النظر عن الدروس التي رسبوا بها في الدور الأول ، وكما هم معلوم فانه كلما تم تخفيف العبء عن الطالب بطريقة موضوعية كلما زادت الفرصة أمامه ويزداد شعوره بالأمل وتولد لديه دافعا اكبر للانجاز من خلال السعي للنجاح في الدور الثاني ، وفي الظروف التي يمر بها بلدنا فنحن بحاجة ماسة إلى إشاعة روح الأمل المشروع مادام لا يمس حقوق ومصالح الآخرين ، كما إننا بحاجة إلى مبادرات ايجابية كتطوع بعض التدريسيين بإقامة دورات التقوية في العطلة الصيفية
والغرض من هذه الكلمات ليس تشجيع انفلات التعليم الجامعي إطلاقا ، وإنما اعمار الفائدة من هذه ( المكرمة ) لتشمل جميع الحالات ، فالدوائر المختصة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أو هيئة الرأي فيها قد درست موضوع إضافة 5 درجات وانعكاساته على المستوى العلمي وسواها من المتغيرات ، ولا نعتقد إن توسيع الفائدة لتتضمن تخفيف العبء على الطالب سوف تتسبب بخراب التعليم العالي ، وقد شهدت السنوات الدراسية السابقة توسيع الفائدة من النص ، ونشير هنا إن تحول الطالب من معيد بثلاث دروس مثلا إلى درس واحد أو درسين بعد إضافة الخمس درجات ربما تغير الوضع النفسي والاجتماعي للطالب ، وقد تتاح له الفرصة للعمل أو السفر أو انجاز بعض الالتزامات لان الإعادة بدرس واحدة يعطي الكثير من الأمل ، والقضية ليس خارج السياقات فالقرار يسمح تم تطبيقها على طالب ليتحول من مكمل إلى ناجح ويمكن تطبيقها لتغيير الحال إلى أفضل مما هو عليه ، قد يقول البعض انك تشجع على الانفلات لان ( شي يجر شي ) ولكن المقصود هنا هو إضافة خمسة درجات دون تحديد الغرض ودون الإسهاب في المكرمات ، علما بان تقويم وضع التعليم العالي ومكانته موضوع أخر لا يتعلق بهذه الحالات المحددة وقد نتطرق إليها بدراسات أخرى بإذن الله .
الشيء الأخر المرتبط بهذا الموضوع أيضا ، إن هناك كليات في جامعاتنا المحلية تكون لها أسبقية في تطبيق هكذا تعليمات فتطبقها دون تعقيدات ، وهي غالبا ما تنشر في الإعلام ومنها موقع وزارة التعليم العالي الالكتروني ويعلم به عموم الناس ، ولكن بعض الطلبة أو عوائلهم عندما يراجعون المؤسسات الجامعية يقولون لهم إن هذه التعليمات لم تصل إليهم بعد ويجب أن تصل من خلال الجامعة فحسب ، وحين تصل تلك التعليمات تبدأ الاجتماعات السرية للجان الامتحانية ثم مجلس القسم ومجلس الكلية ، ويبقى الطالب بدون نتيجة لأيام ليعيش على أمل أو يأس غير معلوم مع عائلته ، وكأن صاروخا نوويا سيتم إطلاقه وليس إضافة عدد محدود من الدرجات ، كما ويلاحظ أيضا إتباع الأساليب البالية في توزيع النتائج من خلال الأقسام ، فيبداون بالمرحلة الرابعة وبعدها الثالثة ثم الثانية ثم الأولى ، ويفترض أن تقوم الجهات المعنية بإلزام الجامعات وتشكيلاتها كافة بتوزيع النتائج من خلال الموقع الالكتروني وترك أسلوب ( إكرامية الفراش ) ، ولا بد من الإشارة هنا إلى إن من المفترض أن تكون الكليات والمعاهد العراقية هي من تبادر بإرسال نتيجة الطالب على موقعه الالكتروني لكي تضطره لإتباع وسائل الاتصال الحديث ، لأنه طالب جامعي ويجب التعامل به بطريقة حضارية حاله حال الإنسان في بعض البلدان ، فجامعاتنا أنفقت المليارات على شراء الحاسبات وإنشاء أنظمة المعلومات ولديها وسائلها المطورة في الاتصال والتي من شانها نقل مهام بعض العاملين في الجامعات إلى Feeder بدلا من ( عتاك ) .
مقالات اخرى للكاتب