يبدو أن الحكمة القديمة "تكلم حتى أراك" قد فهمها بعضهم، فصارت كبّر حجم لافتتك الدعائية للانتخابات فيكبر حجمك حتى لو كنت صغيرا! تصوروا لو وضعنا نملة على لافتة بتلك الحجم مثلا فستصبح بالتأكيد أمامنا ديناصورا! أو لعله فهم منها اجعلها ضوئية ليدخل نورك إلى قلوب الشعب!!
تلك اللافتات المبالغ جدا في حجمها أمر غير طبيعي مطلقا، وهي حقا غريبة، وأيضا على علماء الاجتماع والنفس دراسة هذه الظاهرة العجيبة، في بلاد الأعاجيب، وكأن صاحبها يطمح أن يصل بها للسماء، والله إنها عقدة نفسية! فلقد وصل عرض وطول بعض اللافتات أكثر من 4 أمتار!! ربما صاحبها حسن النية فتصور أن الشعب العراقي يعاني من قصر النظر، فكبّر حجم اللافتة كي يراه غصبا عنه، وبالعامية تعني (تشوفني يعني تشوفني غضبا عليك!) والله أعلم!
أعتقد أن أصحاب تلك اللافتات يدهمهم الشك بأن الآخر لا يريده، ففكروا بأن يجعلوها بهذا الحجم ليقولوا له انظر إننا أغنياء وأثرياء جدا، وتناسوا قاعدة نفسية مفادها أن تلك الحجوم غير الطبيعية ستكون أول حاجز نفسي بينهم وبين الناخب! بل قاموا بترسيخها وتثبيتها على الأرض بأعمدة حديدية ثابتة، لا تهزها عاصفة، دلالة على رسوخ رغبته بالحصول على المطلوب حتى لو بالحديد.
( يا ستار.. يا ستار يا ربي)!
بكل الأحوال لا بأس ربما هؤلاء المرشحون فعلوا خيرا متعمدا، فبالتأكيد سيستفيد أصحاب بيوت الصفيح في حي التنك ببغداد مثلا من هذه اللافتات، ويستعملونها لاحقا سقوفا يضعونها فوق بيوتهم كي لا يغرقوا بالفيضان النهري القادم لنا! بعد أن نجوا برعاية إلهية من الفيضان المطري العبعوبي السابق، فحافظ بعضهم على حياته ولم يسقط بالمنهول مثل المرحوم جاره!
هؤلاء السكان سيدعون لهم بالخير حتى لو لم يحصل هؤلاء المرشحون على أصوات، لا يهم، فالمهم دعاء هؤلاء المساكين، والآخرة خير من دار الدنيا الفانية! لكن ليت أصحابها يكملون أعمالهم الخيرية تلك بالتكفل بتكاليف نقلها لحي التنك وأمثاله فيفيدوا منها، كي لا تكون تبذيرا وإسرافا ينبذه الدين أولا!! ناهيك عن سؤال من أين لك هذا؟!
أما أصحاب اللافتتات الضوئية فهي بالعامية (خوش فيكة) تصلح لولاية هوليوود الأمريكية، أكثر من صلاحيتها للعراق، ترى هل وضعوا مثلها في مناطق العشوائيات حتى يصل نورها سكان تلك المناطق فتضيء ليلهم الدامس، فلا يسقط صغارهم في المياه الآسنة! وأيضا بالتأكيد سيدعون لكم بالخير لو فعلتم، كيف نسوا أن وضع هكذا لافتات ضوئية بتلك المناطق يفيد سكنتها أكثر من توزيع قطع أراض تشبه توزيع السمك وهو بالماء!
وأحدهم يوزع الدجاج، وبدون مقبلات، ولم يفكر كيف يتناول الإنسان الدجاج بلا خبز أيضا! ربما سيرسل المقبلات والخبز لاحقا، له وجهة نظر من باب المثل العامي: اشبع البطون تنعمي العيون، ما دام 7 ملايين عراقي تحت خط الفقر، والغريب انه لا يعرف أن العراقيين يحبون لحم الغنم أكثر، ورؤوس الخرفان خصوصا!
لكن من وزع الهيل واضح أنه يحب العطور والتوابل ويعد الشعب بإيصال التوابل الهندية للعراق، ولا يعرف أن كل شيء متوفر بهذه البلاد إلا الضمير!
وهذا غيض من فيض، لأن هناك من يوزع الموبايلات خصوصا من نوع "آي فون: فسعره غال جدا على المواطن العراقي، والمواطن طموحه موبايل يفتح فيه "فيسبوك"!
اتقوا الله.. اتقوا الله أيها المرشحون!
يا مفوضية الانتخابات ألم تفكري يوما بوضع ضوابط لتلك الدعايات الانتخابية التي تهزأ وتسخر من أوجاع الشعب العراقي؟! هل أنتِ موجودة حقيقة!
مقالات اخرى للكاتب